ثُلثها كفاءات نسائية.. حكومة المغرب تنتصر للمرأة بعد سنوات عجاف
جاءت التشكيلة الحكومية التي أعلن عنها القصر الملكي المغربي، أمس الخميس، في مستوى تطلعات الحركة النسائية بالبلاد.
وعين العاهل المغربي الملك محمد السادس، الحُكومة الجديدة التي يرأسها عزيز أخنوش، والتي جاء ثُلث أعضائها من النساء.
وزارات استراتيجية
ولم تكتف الحكومة الجديدة بتوسيع دائرة النساء، بل منحتهم وزارات ذات حساسية وأهمية كبيرة في البلاد.
وعين الملك محمد السادس، نادية فتاح العلوي، وزيرة للاقتصاد والمالية، فيما عين نبيلة الرميلي، وزيرة الصحة والحماية الاجتماعية.
أما فاطمة الزهراء المنصوري، فقد عينها الملك وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، وعواطف حيار وزيرة للتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة.
وفي نفس السياق، عين الملك فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، وهي الوزارة التي تُحدث لأول مرة في البلاد، إلى جانب الوزارة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي التي ستقودها غيثة مزور.
وتُعتبر الوزارات السبع، بحسب حسن بلوان، الخبير في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، من أكثر الوزارات حساسية في المرحلة الحالية، ومن الملفات الاستراتيجية التي تُعول عليها البلاد في الوقت الراهن.
وأوضح بلوان، في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن قطاع الصحة يُمثل أهمية كبيرة جداً بالنظر إلى الرهانات التي طرحتها الجائحة، وإلحاحية تطوير هذا القطاع، والنهوض به وبنيته التحتية.
ولفت إلى أن ربط هذا القطاع بـ"الحماية الاجتماعية" وهو المشروع الضخم الذي أطلقه الملك مؤخراً يزيد من أهمية هذه الوزارة في الشأن العام المغربي.
وشدد على أن إحداث قطاعين وزاريين جديدين، وإسناد قيادتهما لنساء يعكس الرؤية الملكية في تمكين النساء، والثقة في كفاءاتهن وقدرتهن على إحداث التغيير المنشود.
وأضاف: "الانتقال الطاقي" و"التنمية المستدامة"، بالإضافة إلى "الانتقال الرقمي"، هي مشاريع مهمة جداً في السيرورة التنموية الحالية للبلاد.
وخلص المُتحدث إلى أن الحُكومة الحالية دشنت مسيرتها التدبيرية بإعطاء رسائل وإشارات واضحة إلى المواطن المغربي، مفادها وضع الملفات الأساسية التي طالما طالب بها، نصب عينيها وفي أولوياتها.
مطلب حقوقي
تعزيز التمثيلية النسائية في الحُكومة المغربية الجديدة، مطلب طالما رفعته الجمعيات الحقوقية المغربية، خاصة في أعقاب التعديل الدستوري لعام 2011، والذي منح المرأة مساحة ومكانة أكبر في المجتمع والمؤسسات.
إلا أن حُكومتي 2012 و 2016 - قادهما حزب العدالة والتنمية الإخواني - خيبتا هذه الانتظارات، ولم تستجيبا لمطالب الحركات الحُقوقية والنسائية، بل لم تحترما حتى النص الدستوري الذي أكد على المساواة بين الجنسين في الحُقوق والواجبات، ودعا لتمكين المرأة وتعزيز مكانتها.
وبعد مرور عشر سنوات على دستور 2011، وتجربتين حُكوميتين عانت فيها الحركة النسائية جماداً كبيراً في التجاوب مع مطالبها، جاءت حُكومة 2021 لتحقق مطلب "الثلث في أفق المناصفة"، وفق الحقوقية محيا سميرة.
محيا التي تنشط في فيدرالية رابطة حقوق الإنسان، أشادت في تصريح لـ"العين الإخبارية" بخطوة منح النساء حقائب وزارية حساسة واستراتيجية.
وأشارت إلى أن النساء بهذه التعيينات سيساهمن بشدة في الإقلاع الجديد للبلاد، في أعقاب الخُروج من جائحة كورونا، وما خلفته من تداعيات سلبية على أكثر من قطاع.
حصيلة فارغة
وكانت حصيلة السنوات العشر الماضية، وهي فترة تدبير حزب العدالة والتنمية للشأن الحُكومي، فارغة على مستوى تمكين المرأة من حُقوقها المشروعة.
محيا، أوضحت أنه طيلة الفترة الماضية لم تكن هناك استراتيجية حكومية واضحة على مستوى الاستجابة للمطالب النسائية والحقوقية.
ولفتت إلى أن ما تم تحقيقه لا يتجاوز بعض قوانين "فارغة من محتواها القانوني"، و"لا آثار فعلية وملموسة على المواطنات، ومعيشتهن اليومية ووضعيتهن الاجتماعية".
وأوضحت أن الحكومة الجديدة، ينتظرها عمل مهم على مستوى تمكين المرأة من حقوقها، ما يلزمه اقتناع كامل بهذه الحقوق، ليس نظريا فقط، بل حتى على المستوى العملي.
وعددت مجموعة من الملفات الحارقة التي تنتظر الحركة النسائية من الحكومة الجديدة كـ"المساواة بين الجنسين" و"احترام الحقوق الجماعية والفردية".
بالإضافة إلى "القضاء على التمييز ضد المرأة بشتى أنواعه"، مع "إشراك الجمعيات الحُقوقية والنسائية في صناعة القرار".
وختمت المتحدثة بالقول إن الحُقوقيات وجمعياتهن ينتظرن البرنامج الحُكومي، مُتمنيات ترجمته للمساواة والمناصفة بين الجنسين على أرض الواقع بتشريعات وخطوات ملموسة وفعالة.