الحسن الثاني.. ربع قرن على رحيل «أب الأمة» المغربية
قاد البلاد في مرحلة حساسة ووضع أسس المغرب الحديث وسار به على درب النماء والازدهار.
إنه الملك الحسن الثاني الذي يحيي المغاربة اليوم الأربعاء الذكرى الخامسة والعشرين لرحيله.
الملك الحسن الثاني، هو العاهل الذي خلف والده قائد التحرير الملك محمد الخامس، وأسس معالم الدولة الحديثة.
ربع قرن مرت على وفاة ملك عُرف بالذكاء السياسي، والرجل الذي قاد المغرب طيلة 38 عاماً، قاد خلالها المسيرة الخضراء لتحرير الصحراء من المستعمر الفرنسي، وأرسى أسس المؤسسات الديمقراطية وعزز الحريات العامة، ورسخ حقوق الإنسان وشجع الإبداع في جميع المجالات.
جنازة عظيمة
لعل جنازة الملك الحسن هي الأكبر في تاريخ المغرب، يُحصي فيها المُؤرخون أكثر من مليوني مشارك، ناهيك عن ملايين لم تسعفهم الظروف لتشييع قائد البلاد، وتابعوها عبر القناتين الرسميتين آنذاك.
وعلى طول 3 كيلومترات، سار المُشيعون، وبينهم أكثر من 70 وفداً رسمياً يمثلون دولا مختلفة، و30 زعيما عالميا، من عرب وأجانب. الكُل سار خلف نعش رجل استثنائي، لم تكن له بصمة في بلاده وحسب، بل حتى على الصعيدين الدولي والإقليمي.
وأقيمت صلاة الجنازة بضريح محمد الخامس، حيث دفن الراحل إلى جانب والده السلطان محمد الخامس، وقبل ذلك، وُضع الجُثمان أمام المُشيعين، وعلى رأسهم الملك محمد السادس، الذي خلف والده، الراحل الحسن الثاني، ليوارى الملك الراحل الثرى إلى جانب والده السلطان محمد الخامس.
وكعادتها في علاقاتها المتينة مع المملكة المغربية، كانت دولة الإمارات العربية المتحدة أول المُعزين في ذلك المُصاب الجلل، إذ قال رئيسها حينها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إن الملك الحسن عمل بكل ما وهبه الله من رؤية ثاقبة وحكمة بالغة لخدمة الأمة العربية والإسلامية والدفاع عن قضايا الحق والعدل.
وبعد أن قدم تعازيه للمغرب قيادة وشعباً، أكد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وقوف دولة الإمارات وشعبها مع المغرب الشقيق في تلك المحنة الأليمة ودعمه بكل الوسائل والسبل الممكنة.
وكانت دولة الإمارات حاضرة خلال تشييع الحسن الثاني، مُمثلة بالشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
الملك الموسوعة
الملك الراحل، الحسن الثاني، كان معروفا باطلاعه الواسع والكبير وإلمامه بدقائق الكثير من المجالات، من علوم أديان، وسياسة وفلسفة، وغيرها من المجالات الحيوية.
واشتهر بخطبه القوية وشخصيته الرصينة والثابتة، وهو ما تجلى في كُل حواراته الصحفية، سواء مع وسائل الإعلام العربية أو الغربية وخاصة الفرنسية، التي طالما أفحم صحافييها.
ولم يخطب في شعبه من ورقة إلا نادراً، إذ كان الحسن الثاني يجلس أمام الكاميراً ثم يسترسل في الحديث، دون الرجوع إلى ورقة، أو أي جهاز مساعد.
وكان الحسن الثاني قائداً معروفا بحنكته السياسية، إذ نجح في قيادة مغرب ما بعد الاستقلال عن فرنسا، واضعاً بذلك أسس مملكة الحق والقانون، عبر سياسة اقتصادية وإنجازات اقتصادية كبرى ما زالت المملكة تجني ثمارها إلى غاية اليوم.
وللحسن الثاني مواقف دولية كثيرة، إذ كان من أول المدافعين عن حل الدولتين بالنسبة لملف النزاع الفلسطيني، مُشدداً على ضرورة الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ناهيك عن كونه مرجعاً يعود إليه القادة العرب لطلب المشورة وأحياناً الوساطة لحلحلة بعض الملفات.
إنجازات تاريخية
طبع الملك الراحل فترة حُكمه بإنجازات تاريخية ما زالت مُسجلة بمداد من ذهب في وجدان المغاربة وحياتهم اليومية، قبل كُتب المؤرخين.
وعلى رأس إنجازاته، نجح الملك الراحل الحسن الثاني في استعادة الصحراء المغربية من قبضة الاستعمار الإسباني، بعدما قاد المسيرة الخضراء التي شارك فيها أكثر من 300 ألف مغربي.
ثبت ركائز دولة الحق والقانون، وباشر إصلاحات سياسية ودستورية جريئة، وقيادته لمبادرة المصالحة الوطنية، عير هيئة الإنصاف والمصالحة.
وكان لقراراته السديدة بتعزيز إنشاء السدود، الفضل الكبير في تجنيب البلاد الجفاف والتخفيف من وطأته، ناهيك عن سياساته في استصلاح الأراضي وتوسيع نطاق الأراضي الزراعية وتطوير أساليبها.