ثالث ملوك المغرب منذ الاستقلال.. محمد السادس رمز الوحدة والاستقرار
يحيي المغرب اليوم الخميس الذكرى الـ66 للاستقلال تحت راية الملك محمد السادس ثالث ملك يتربع على عرش المملكة بعد تحررها، والثالث والعشرين من سلالة المُلوك العلويين.
العاهل المغربي الملك محمد السادس، ذو الثمانية والخمسين عامًا، تسلم مقاليد حُكم المغرب عام 1999، خلفاً لوالده الملك الحسن الثاني.
- الذكرى 66 لاستقلال المغرب.. المستقبل بعيون التاريخ
- 66 عاما من الاستقلال.. المغرب يحتفل بملاحم الأجداد
على خطى الأجداد
ولجده محمد الخامس، عبارة يُخلدها التاريخ المغربي، عندما قال: "إننا رجعنا من الجهاد الأصغر لخوض الجهاد الأكبر"، وهي العبارة التي نقلها الحفيد محمد السادس، قولاً وفعلاً.
وهكذا كان العاهل المغربي الملك محمد السادس، دائم الجهاد في سبيل الوطن وتنميته، جاعلاً مصلحة المواطن المغربي على رأس قائمة أولوياته.
وظهرت هذه الأولوية الملكية في مجموعة من المحطات، والتي كان آخرها جائحة كورونا، التي أبان فيها الملك محمد السادس، عن تفضيله سلامة أبناء وطنه على كُل شيء.
وفي هذا الصدد، قال الملك في أحد خطاباته “العناية التي أعطيها لصحة المواطن المغربي، وسلامة عائلته، هي نفسها التي أخص بها أبنائي وأسرتي الصغيرة”.
وخلال هذه الفترة العصيبة التي مر منها العالم أجمع، أثبت الملك محمد السادس للعالم مدى تفانيه في خدمة شعبه، سواء من خلال السياسات التي اعتمدها لتدبير الجائحة، أو تبرعه من ماله الخاص لصندوق مواجهة تداعيات كورونا، وآخرها إطلاقه مشروعاً غير مسبوق لتعميم الحماية الاجتماعية على جميع المواطنين.
تنمية ونهوض
ومنذ اعتلائه عرش أسلافه، لم يتوان الملك محمد السادس ولو للحظة في إطلاق المبادرات تلو الأخرى للنهوض بالتنمية في البلاد. بالموازاة مع تقدم اقتصادي، يُواكبه تعزيز للبُنى التحتية للبلاد.
وتمت ترجمة هذه الخطط والتوجيهات الملكية على مستوى أكثر من واجهة، كما ظهرت ثمارها جلية على الحياة اليومية للمغاربة.
وفي هذا الصدد، ارتفع "الناتج المحلي الإجمالي" للمغرب من 42 مليار دولار في عام 1999 إلى 117,9 مليار دولار بحلول عام 2018.
ومن المشاريع الكُبرى التي أطلقها العاهل المغربي، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. التي مكنت فئات واسعة من أبناء الشعب المغربي من الاندماج الفعلي في مشاريع اقتصادية مدرة للدخل وفك الهشاشة والتهميش والإقصاء.
وعلى مدار 16 عاماً من إحداثها، نجحت هذه المبادرة الملكية في فك العزلة والحد من الفوارق الاجتماعية، عبر تقوية الطرق والربط بشبكتي الماء الصالح للشرب والكهرباء.
كما يسرت الاستفادة من الخدمات الصحية عبر إحداث دور للأمومة ومراكز صحية، واقتناء سيارات للإسعاف بالإضافة إلى تنظيم قوافل طبية وحملات صحية.
ومن ضمن المشاريع الاقتصادية الكبرى، التي أطلقها العاهل محمد السادس، ميناء طنجة الذي يُعد الأكبر في أفريقيا، بالإضافة إلى "قطار البراق" فائق السرعة، والذي صُنف كأسرع قطار في القارة الأفريقية.
ومكنت الرؤية الملكية الاقتصادية من جلب الكثير من الاستثمارات الأجنبية لمجموعات عالمية كُبرى، كالمصنع الكبير لصناعة السيارات في مدينة طنجة شمال البلاد، الذي أنشأته الفرنسية لصناعة السيارات (رينو).
وفي مجال الطاقات المُتجددة، أطلق العاهل المغربي مشروعاً ضخما لإنتاج الطاقات البديلة، انطلاقاً من الطاقة الشمية في مدينة ورزازات جنوبي المملكة، من خلال محطين كبيرتين للألواح الشمسية.
مصالحة وإصلاح
ولم يكتف العاهل المغربي الملك محمد السادس بإنجازاته الاقتصادية، وإنما تجاوزها إلى أخرى أعمق وأكبر على المستويين السياسي والحقوقي، بدءاً بهيئة الإنصاف والمصالحة، ووصولاً إلى إقرار الدستور الجديد عام 2011.
هيئة الإنصاف والمصالحة، التي كانت بمثابة لحظة مكاشفة ومصارحة، إذ تولت التحقيق في تجاوزات الماضي والقطع مع تلك الممارسات من خلال إنصاف الضحايا وتعويضهم عن كل الانتهاكات الحقوقية.
وكانت المملكة سباقة إلى الانضمام لمجموعة من الاتفاقيات الدولية في مجال حُقوق الإنسان، كتسوية وضع اللجوء، ومكافحة التعذيب وغيرها، ناهيك بتعديل قانون الأحوال الشخصية، وتحويله إلى قانون للأسرة، ما يُعطي المرأة والطفل مزيداً من الحقوق.
وتكللت المسيرة السياسية والحقوقية بدستور 2011 الذي يصفه المُختصون بكونه "دستور الحريات والحقوق بامتياز"، خاصة أنه كرس العديد من حقوق الإنسان، ووسع صلاحيات رئيس الحكومة والبرلمان.
مكافحة الإرهاب والتطرف
إلى جانب ذلك، حظي إصلاح الخطاب الديني، ومحاربة الإرهاب والتطرف، بمكانة مهمة في سياسات الملك محمد السادس، خاصة بعد الأحداث الإرهابية التي شهدتها العاصمة الاقتصادية للمملكة عام 2003، وأوقعت 45 قتيلا، بينهم 12 انتحاريا ونحو مائة جريح، معظمهم من المغاربة.
وأسس الملك محمد السادس معهداً لتكوين الأئمة والمرشدين الدينيين، وهو المؤسسة التي تُخرج سنوياً المئات من الدعاة، أصحاب الخطاب الديني المُعتدل النابذ للتطرف والغلو.
وبمبادرة ملكية، أُطلق عام 2017 مبادرة "مُصالحة"، والتي تهدف إلى تأهيل الأشخاص الذين سقطوا ضحية لأيديولوجيات التنظيمات الإرهابية، بهدف إعادة تأهيلهم تمهيدا لإدماجهم في المجتمع.
رجل الانتصارات الدبلوماسية
وأكسبت حنكة العاهل المغربي الملك محمد السادس على المستوى الدبلوماسي المغرب نقاطاً متتالية على مستوى ملف الصحراء المغربية.
فبالموازاة مع الثورة التنموية التي يقودها الملك في الأقاليم الجنوبية للمملكة، تشهد هذه الأخيرة ديناميكية دبلوماسية غير مسبوقة، سواء من حيث عدد الدول التي تدعم مغربية الصحراء، أو تلك التي فتحت قُنصليات لها بالصحراء المغربية.
وبفضل سياسات الملك محمد السادس، فتحت 25 دولة قُنصلياتها بمدينتي الداخلة والعيون، وعلى رأسها قنصلية الإمارات بمدينة العيون، وأيضاً قنصلية الولايات المتحدة الأمريكية بمدينة الداخلة.
وعرفت المكانة الدبلوماسية للمغرب تقدما ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، ما بوأ المغرب للعب بدور الوسيط أو المحتضن للحوار الليبي، والذي لعبت فيه، بتعليمات من الملك، دوراً مهماً أدى للعديد من التفاهمات بين الفرقاء الليبيين.
وعام 2015، نجح الفرقاء الليبيون في توقيع "اتفاق الصخيرات"، نسبة إلى مدينة الصخيرات التي احتضنت جولات عديدة من الحوار الليبي - الليبي تحت إشراف أممي.
وعلى غرارها، جاءت مفاوضات طنجة، وبوزنيقة، والرباط، التي دأب الملك محمد السادس التأكيد فيها على لسان وزير خارجيته ناصر بوريطة، على أن المصلحة الوحيدة للمغرب في ليبيا، هي ليبيا نفسها.
aXA6IDE4LjIxOS4yNS4yMjYg جزيرة ام اند امز