في عيد العمال.. المغرب يبذل جهودا استثنائية لتخفيف الأعباء عن المواطنين
على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة، جندت الحكومة المغربية، بتعليمات ملكية سامية، كُل إمكانياتها لأجل تخفيف الأعباء عن المواطنين.
وعشية عيد العمال الأممي، وقعت الحكومة والنقابات الأكثر تمثيلية، اتفاقاً يقضي بتمكين العمال من مكاسب جديدة، بينها الرفع من الحد الأدنى للأجور، وتعزيز الحماية الاجتماعية.
وفي كلمة له، بثتها القناة المغربية الرسمية الأولى، شدد وزير الشغل يونس السكوري، على أن الحكومة تعمل، بتوجيهات ملكية سامية، من أجل تخفيف الأعباء التي تطرحها الظروف الاستثنائية.
عرفان وتقدير
واستهل الوزير كلمته بالتعبير عن عرفانه وتقديره لما بذلته وتبذله الشغيلة المغربية من جهود مقدرة و"انخراطها الكبير في الدينامية التي تشهدها بلادنا على درب تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في ظل قيادة العاهل المغربي، الملك محمد السادس".
- عشية عيد العمال.. المغرب يزيد الحد الأدنى للأجور 10%
- إشادة دولية بإجراءات المغرب لتخفيف تداعيات الجائحة
وأوضح الوزير أن المملكة تخلد أول مايو/أيار في ظل تنفيذ النموذج التنموي الجديد، الذي أعطى العاهل المغربي، الملك محمد السادس، انطلاقته الفعلية وفق اختيارات وتوجهات ومحاور استراتيجية للتحول، من جملتها تطوير الاقتصاد وجعله يتميز بتعدد الأنشطة وبالتنافسية، وتعزيز الرأسمال البشري من أجل التمكين الحقيقي لكل مواطن حتى يتمكن من تحقيق طموحاته.
وقال السكوري: نخلد هذه المناسبة، في السنة الأولى من ولاية الحكومة، التي جعلت الالتزام بتنفيذ مضامين النموذج التنموي الجديد، محورا رئيسيا ضمن برنامجها للفترة 2021-2026.
وأضاف أن هذا البرنامج الذي يهدف إلى تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية وفق مقاربة جديدة للتدبير العمومي تجعل انتظارات المواطنات والمواطنين في صلب السياسات والبرامج ومحركها الأساسي.
"مع الحرص على اتخاذ إجراءات ذات أثر ملموس للمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن بالموازاة مع مواصلة تنفيذ برنامجها وما تضمنه من التزامات بالرغم من هذا السياق الصعب الذي لم يكن في الحسبان"، يوضح المسؤول الحكومي.
سياق مقلق
وشدد على أن احتفالات هذا العام، تأتي في سياق وطني ودولي مطبوع بتوالي الأحداث الصعبة والمقلقة.
وأوضح أن أنه لم يتم الانتهاء بعد من سلسلة الإجراءات والتدابير المتخذة لمواجهة تداعيات جائحة كوفيد 19، إلى جانب إعداد العدة لتوفير شروط التعافي على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. حتى باغتتنا الظروف المناخية الصعبة وانعكاساتها على مختلف مناحي الحياة ببلادنا، وما تطلبته من إجراءات وتدابير لمواجهة تداعياتها هي الأخرى.
إلى جانب كُل هذا، يقول السكوري: تنضاف تأثيرات السياق الدولي وما رافقه من تقلبات لأسعار المواد الأولية والمحروقات، وما استلزمه ذلك أيضا من إجراءات وتدابير لجعل المواطنات والمواطنين في منأى عن الاكتواء بلهيب هذه التقلبات.
ولفت إلى أن السياق العام الذي تقدمه الحكومة، ليس من أجل التبرير، وإنما هو أمر واقع نعيشه ونتابعه بكامل الالتزام والمسؤولية والعمل الدؤوب من أجل إيجاد الحلول وهذا هو دورنا، بحسب تعبيره.
تفاعل جاد
وفي أعقاب ذلك، استعرض المسؤول الحكومي مجمل الخطوات التي تفاعلت بها الحُكومة المغربية مع هذه الوضعية.
وأوضح أنه من المتوقع أن ترتفع تحملات صندوق المقاصة بأزيد من 15 مليار درهم (1 دولار= 9.60 درهم) إضافية مقارنة بتوقعات قانون مالية 2022 التي كانت قد حددتها في 17 مليار درهم.
وكما تتابعون، يقول الوزير، فإن الورش الملكي الضخم لتعميم الحماية الاجتماعية، عرف تقدما كبيرا في تنزيله، إذ تمت المصادقة على أزيد من 20 مرسوما، تهم فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.
ولفت إلى أن هذه الفئة يفوق عددها 3.5 مليون منخرط، وهو ما سيمكن من استفادة 11 مليونا من ذوي الحقوق، ونسجل هنا أن عدد المسجلين من هذه الفئات إلى غاية بداية الشهر المنصرم 2022 تجاوز مليونا و700 ألف منخرط.
برامج اجتماعية
وقد تم إطلاق برامج اجتماعية وتنموية تكتسي أهمية خاصة في هذا السياق الصعب الذي نجتازه، وفي مقدمتها برنامج أوراش الذي تم تعميمه ابتداء من فاتح مارس/ آذار 2022 على كل أقاليم وعمالات المملكة، والذي يتوخى خلق 250.000 فرصة شغل سنتي 2022/2023 بغلاف مالي قدره. 2,25 مليار درهم برسم سنة 2022.
وأوضح أن إطلاق برنامج “الفرصة” لدعم المبادرات الفردية وتمويل المشاريع الصغرى لإعطاء ديناميكية جديدة للتشغيل الذاتي من خلال الحصول على تمويلات بشروط تفضيلية (قرض شرف بدون فائدة في حدود 100 ألف درهم يسدد على مدى 10 سنوات) بالإضافة إلى التوجيه والتكوين والمواكبة خلال مختلف مراحل حياة المقاولة، ويستهدف هذا البرنامج إحداث أزيد من 50 ألف مشروعا صغيرا.
وذكر بأن الحكومة أطلقت المخطط الاستعجالي بقيمة 2 مليار درهم لفائدة قطاع السياحة لضمان الإبقاء على الشركات والمحافظة على مناصب الشغل وتفادي ضياعها والاسترجاع التدريجي لعافية القطاع.
ولفت إلى أنها قامت بدعم القطاع الفلاحي، من خلال البرنامج الذي أعدته الحكومة للتخفيف من آثار التساقطات المطرية، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية. بكلفة عشرة مليارات درهم ستوزع على ثلاثة محاور هي تمويل المديونية عبر إعادة هيكلة مديونية الفلاحين، خاصة الصغار منهم، والتأمين ودعم الأنشطة الفلاحية المتضررة.
ناهيك عن التدابير الاستثنائية للتخفيف من آثار ارتفاع الأسعار وندرة المواد الأولية للتخفيف من آثارها على المقاولات لضمان استمرار نشاطها وقدرتها التنافسية.
والدعم الاستثنائي المخصص لمهنيي قطاع النقل الطرقي للتخفيف من آثار ارتفاع أسعار المحروقات بالسوق الداخلي بفعل تصاعد الأسعار دوليا، حيث تم إلى غاية 21 أبريل/نيسان 2022 صرف ما مجموعه 344 مليون و176 ألف و600 درهم لفائدة لنحو 180 ألف عربة للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين.
وأوضح السكوري أن الحكومة قررت تخصيص دعم استثنائي إضافي لفائدة هذه الفئة لمواكبة الارتفاع المسجل في أسعار المحروقات.
اتفاق تاريخي
وأمس السبت احتضن مقر رئاسة الحكومة، توقيع اتفاق اجتماعي جديد بين الحكومة والمركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، والكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية.
ويتضمن الاتفاق عددا من المقتضيات، أهمها الزيادة في الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص بنسبة 10 في المائة على دفعتين ابتداء من العام المقبل، ورفع الأجر الأدنى بالقطاع العام إلى 3500 درهم صافية.
بالإضافة إلى حذف السلم السابع بالنسبة للموظفين المنتمين إلى هيئتي المساعدين الإداريين والمساعدين التقنيين، ورفع حصيص الترقي من 33 في المائة إلى 36 في المائة.
كما يتضمن التزام الحكومة بتخفيض الضريبة على الدخل ومنح إجازة أبوية لمدة 15 يوما لتمكين الآباء من مساعدة زوجاتهم في الأسبوعين الأولين من الولادة.
كما يتضمن الاتفاق ذاته توحيد الحد الأدنى للأجور في القطاع الفلاحي مع الحد الأدنى للأجور في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة في أفق 2028، ورفع التعويضات العائلية من 36 درهما إلى 100 درهم بالنسبة للطفل الرابع والخامس والسادس.
الاتفاق نص كذلك على تخفيض شرط الاستفادة من معاش الشيخوخة من 3240 يوما، وتمكين المؤمن له البالغ حد السن القانوني للتقاعد المتوفر على أقل من 1320 يوما من الاشتراك من استرجاع الاشتراكات الأجرية واشتراكات المشغل.
بالإضافة إلى تمكين المؤمن لهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المحالين على التقاعد المتضررين من الجائحة من معاش الشيخوخة دون احتساب الحالة التي لم يحصلوا فيها على أي أجر، أو حصلوا فيها على أجر غير كامل.
في السياق ذاته، تم التوقيع على ميثاق مأسسة الحوار الاجتماعي، الذي يتضمن إحداث مرصد للحوار الاجتماعي وأكاديمية في مجال الشغل تتكلف بالتكوين المستمر والرفع من قدرات الأجراء.
ويتضمن الميثاق هيكلة الحوار الاجتماعي عبر إحداث لجنة عليا يترأسها رئيس الحكومة، وتتكون من الأمناء العامين للمركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وإحداث لجان جهوية وإقليمية تتولى العمل على تنفيذ مقتضيات الميثاق الاجتماعي وحل نزاعات الشغل الإقليمية والجهوية.
ويتضمن الميثاق أيضا عقد لقاءين في السنة بين رئيس الحكومة وزعماء النقابات؛ الأول خلال شهر شتنبر لتمكين النقابات من الإدلاء بملاحظاتها ومقترحاتها بخصوص مشروع قانون المالية، والثاني في شهر أبريل من أجل إيجاد الحلول المناسبة للقضايا العالقة وتبادل وجهات النظر في كل ما يهم الموظفين والشغيلة.