حروب الغاز تشتعل.. تهديد جزائري لإسبانيا يستهدف المغرب
تصعيد جزائري جديد ضد إسبانيا عقب تهديدها بوقف إمدادات الغاز، في حال تم نقلها من مدريد إلى الرباط.
تهديد وتحذير صريح ورسمي صدر عن وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على محتواه، أكدت من خلاله أن "أي كمية من الغاز الجزائري المصدرة إلى إسبانيا تكون وجهتها غير المنصوص عليها في العقود، ستعتبر إخلالا بالالتزامات التعاقدية"، و"قد تفضي إلى فسخ العقد الذي يربط سوناطراك بزبائنها الإسبان".
- الجزائر توقف تجديد عقد توريد الغاز إلى إسبانيا عبر المغرب
- مصادر جزائرية تكشف لـ"العين الإخبارية" تفاصيل اتفاق الغاز مع إيطاليا
وذكر البيان أن وزير الطاقة والمناجم محمد عرقات "تلقى اليوم بريدا إلكترونياً من نظيرته الإسبانية، تيريزا ريبيرا تبلغه فيه بقرار إسبانيا القاضي بترخيص التدفق العكسي عبر أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي، وحسب الوزيرة الإسبانية فإن الشروع في هذه العملية سيتم اليوم أو غدا".
وأوضحت وزارة الطاقة الجزائرية أن "أي كمية من الغاز الجزائري المصدرة إلى إسبانيا تكون وجهتها غير تلك المنصوص عليها في العقود، ستعتبر إخلالا بالالتزامات التعاقدية وقد تفضي بالتالي إلى فسخ العقد الذي يربط سوناطراك بزبائنها الإسبان".
ورغم أن القرار الإسباني لم يشر إلى "الجهة العكسية" التي ينوي تحويل الغاز الجزائري إليها، إلا أن وسائل الإعلام في البلدين أشارت إلى المملكة المغربية.
أزمة دبلوماسية وطاقوية
وبسبب خلافات دبلوماسية حول ملفات إقليمية، استدعت الجزائر سفيرها لدى مدريد في 19 مارس/آذار الماضي، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلدين.
والأسبوع الماضي، كشفت وسائل إعلام إسبانية عن قرار جزائري بوقف استيراد الأبقار ولحومها من إسبانيا، ووصفته بـ"القرار الانتقامي السياسي"، فيما لم تؤكد أو تنفي السلطات الجزائرية لحد الآن هذه الأخبار.
وذكرت المصادر الإعلامية ذاتها أن القرار الجزائري خلف خسائر لإسبانيا بقيمة 55 مليون يورو، وأكدت أن الجزائر "من أكبر وأهم المشترين الرئيسيين للحوم الأبقار الإسبانية".
وفي سياق الأزمة المتصاعدة بين الجزائر ومدريد، أعلنت شركة سوناطراك النفطية الحكومية في الجزائر أنها "لا تستبعد مراجعة حساب سعر الغاز المصدر إلى إسبانيا".
وفي تصريحات إعلامية، أشار توفيق حكار الرئيس المدير العام لعملاق النفط الجزائري "منذ بداية الأزمة في أوكرانيا، انفجرت أسعار الغاز والبترول، وقد قررت الجزائر الإبقاء على الأسعار التعاقدية الملائمة نسبيا مع جميع زبائنها، غير أنه لا يستبعد إجراء عملية مراجعة حساب للأسعار مع زبوننا الإسباني".
فيما أكدت وسائل الإعلام الإسبانية عن دخول البلدين في مفاوضات لتحديد سعر الغاز النهائي الذي تنوي الجزائر أن تبيع به الغاز إلى إسبانيا.
كما شكّل الاتفاق الطاقوي الأخير بين الجزائر وإيطاليا خلال الشهر الحالي "صدمة" لإسبانيا وفق وسائل إعلامها، خصوصاً بعدما قررت الجزائر زيادة إمداداتها من الغاز نحو إيطاليا، وهو الاتفاق الذي وصفته روما بـ"التاريخي".
ووفق صحيفة "إل موندو" الإسبانية، فإن "مدريد فقدت مكانتها كمحور غازي لجنوب أوروبا نتيجة الاتفاق الغاز الهام بين الجزائر وإيطاليا".
وذكر مقال للصحيفة الإسبانية أن "إيطاليا ابتعدت بشكل كبير عن إسبانيا كأكبر شريك أوروبي للجزائر في مجال الغاز، وبهذا الاتفاق المهم والتحالف الطاقوي بين البلدين فإن الجزائر تتطلع الى إيطاليا كحليف طاقوي أوروبي كبير".
واعتبرت أنه "في الوقت الذي استغل فيه رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي قدرة الجزائر الإضافية المحدودة برفع مبيعاتها الغازية، فقدت إسبانيا مكانتها كمحور في جنوب أوروبا لتموين شركائها في القارة".
طمأنة جزائرية
والسبت الماضي، أكد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في مقابلة إعلامية أن بلاده "لن تتخلى عن التزاماتها بتزويد الشعب الإسباني بالغاز مهما كانت الظروف".
فيما اعتبر خبراء أن القرار الإسباني المفاجئ وتلويح الجزائر بفسخ عقد إمداد الغاز إلى إسبانيا قد يؤدي إلى "وقف إمدادات الغاز الجزائري بصفة نهائية عن إسبانيا".
واعتبر تبون أن للجزائر "علاقات طيبة مع الدولة الإسبانية وشعبها"، واشترط تحسن علاقات بلاده مع مدريد "بتطبيق القانون الدولي حتى تعود العلاقات إلى طبيعتها مع إسبانيا ومراجعة نفسها" كما قال.
وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قررت الجزائر عدم تجديد عقد توريد الغاز لإسبانيا عبر أنبوب الغاز المار عبر الأراضي المغربية "جي أم إي".
ويشار إلى أن أنبوب "جي أم إي" يمتد على مسافة 1300 كيلومتر، منها 540 كيلومترا داخل المغرب، وهو ما يمكن المغرب من الحصول على حقوق المرور بنسبة تصل إلى 7% من الكمية المتدفقة في الأنبوب، ما يعادل 700 مليون متر مكعب كمتوسط سنوي، أي حوالي 65% من حاجيات المغرب من الغاز البالغة 1.3 مليار متر مكعب سنويا.
شرايين غازية
وتضمن الجزائر لأوروبا أكثر من 30% من احتياجاتها الغازية، تحتل فيها إيطاليا المرتبة الأولى بنسبة 60%، ثم إسبانيا بـ20% ثانية، وفرنسا ثالثة بـ12%، والبرتغال رابعة بـ6%، وتأتي سلوفينيا في المركز الخامس بـ1%.
وتبقى أوروبا أكبر سوق للغاز الجزائري، حيث بلغت صادرات الجزائر نهاية العام الماضي نحو 26.1 مليار متر مكعب، عبر 5 أنابيب.
أحدث أنابيب الغاز المصدرة للغاز الجزائري نحو أوروبا هو "جالسي" الذي يبلغ طوله 534 ميلا، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيله مطلع 2022 باتجاه إيطاليا عبر جزيرة سردينيا، ويضمن سعة تقدر بـ238 مليار قدم مكعب سنوياً.
ثاني أهم الأنابيب لعملاق النفط الجزائري "سوناطراك"، يوجد خط "ميدغاز" ويبلغ طوله 760 كيلومترا، ويصل إسبانيا عبر البحر المتوسط، وسعته 280 مليار قدم مكعب سنوياً، ودخل حيز العمل منذ 2011.
وعبر الأراضي التونسية، يمر ثالث أنبوب غاز جزائري باتجاه إيطاليا وهو "ترانسماد"، ويصل طوله إلى 2485 كيلومترا، وبلغ قدرة نقله للغاز الطبيعي نحو 33.7 مليار متر مكعب، يضمن تزويد تونس وإيطاليا وسلوفينيا بالغاز الطبيعي.
وفي مارس/آذار 2021، كشفت وسائل الإعلام الإسبانية أن الجزائر "فقدت مكانتها كأكبر مصدر للغاز الطبيعي إلى السوق الإسبانية لصالح الولايات المتحدة".
وأرجعت ذلك إلى مضاعفة واشنطن صادراتها من الغاز المميع لإسبانيا، في مقابل التراجع الكبير للصادرات الغازية الروسية نحو الدولة الإيبيرية.
وأشارت التقارير الإعلامية نفستها بأن وارادت إسبانيا الغازية من الولايات المتحدة ارتفعت إلى 32.9%، فيما جاءت الجزائر في المركز الثاني بنسبة 23.2%.