مصادر جزائرية تكشف لـ"العين الإخبارية" تفاصيل اتفاق الغاز مع إيطاليا
وقعت الجزائر وإيطاليا، اتفاقية تعاون في المجال الطاقي تقضي بزيادة إمدادات الغاز الجزائري نحو روما.
جاء ذلك على هامش الزيارة الرسمية التي يقوم بها إلى الجزائر رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، بدعوة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
- الجزائر تؤكد: "الاكتشافات" لا تعوض إمدادات الغاز الروسي
- خبيران: الجزائر ليست في ورطة غازية.. و4 مؤشرات لـ"قوة موقفها"
وعقب "مراسم استقبال رسمية"، أمس الإثنين، صرح دراغي عقب لقائه الرئيس الجزائري، بأن روما والجزائر وقعتا "مذكرة تفاهم في مجال الطاقة لتزويد إيطاليا بالغاز"، وهو الاتفاق الذي وقع بين عملاقي النفط "سوناطراك" و"إيني".
غير أن رئيس الوزراء الإيطالي لم يعط تفاصيل أخرى عن حجم التدفقات الغازية الجديدة نحو إيطاليا، فيما تعتبر الجزائر أكبر مزود لإيطاليا بالغاز الطبيعي بنسبة 34 %.
وأكد على رغبة إيطاليا في تقوية علاقاتها مع الجزائر خصوصاً في مجالات الطاقة والطاقات المتجددة، وكذا المساهمة في دعم سوق العمل بالجزائر.
"اتفاق ضخم"
وفي الوقت الذي لم تكشف فيه السلطات الجزائرية أيضا عن حجم إمداداتها الإضافية من الغاز الطبيعي إلى إيطاليا، كشف عملاق النفط الجزائري "سوناطراك" عن طبيعة الاتفاق الموقع مع شركة "إيني" الإيطالية، وهي الإمدادات الإضافية التي ستكون عبر خط أنبوب "ترانسمد".
وأوضح بيان للشركة النفطية الحكومية الجزائرية اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله، بأنه "بحضور عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، ووفود من كلا البلدين، وقع كل من الرئيس المدير العام لشركة سوناطراك توفيق حكار والمدير العام لشركة إيني كلاوديو ديسكالزي، اتفاقية بغرض تسريع وتيرة تطوير مشاريع إنتاج الغاز الطبيعي، من خلال تضافر جهود الشركتين، وزيادة حجم الغاز المصدر باستخدام القدرات المتاحة لخط أنبوب الغاز إنريكو ماتيي (ترانسمد)".
وأشار إلى أن هذه الاتفاقية "ستسمح للشركتين بتحديد مستويات أسعار مبيعات الغاز الطبيعي تماشياً مع معطيات السوق وذلك للسنة 2022-2023 وفقا للبنود التعاقدية المتعلقة بمراجعة الأسعار"، ما يعني أن الجزائر لن تراجع أسعار الغاز مع إيطاليا "بالزيادة أو النقصان".
ونبه بيان "سوناطراك" إلى أن "هذه الاتفاقية تأتي لتؤكد التعاون الوثيق بين الشركتين في مجال الاستكشاف وإنتاج المحروقات وكذا في مجال الطاقات الجديدة والمتجددة، مثل الطاقة الشمسية والهيدروجين والوقود الحيوي واحتجاز وتخزين واستخدام ثاني أكسيد الكربون".
كما تؤكد – يضيف البيان – "رغبة الشريك الاستراتيجي إيني في مواصلة استثماراته مع سوناطراك وتعزيز تواجده في الجزائر".
وختم بالإشارة إلى أن "العلاقة التجارية مع إيني، التي تعد واحدة من أهم عملاء سوناطراك، تعود إلى سنة 1977، حيث سمح عقد بيع الغاز الطبيعي بإمدادها خلال العشريتين الأخيرتين بحجم يفوق مجمله 300 مليار متر مكعب الى غاية اليوم.
استقلال طاقي
في السياق ذاته، أشار رئيس الوزراء الإيطالي إلى مساعي روما لـ"تعزيز قدراتها في مجال الغاز بعد الأزمة في أوكرانيا"، وكشف عن أن الاتفاق الموقع مع الجزائر "تسعى من خلاله الحكومة الإيطالية لحماية حقوق مواطنيها حتى لا تبقى متعلقة بالأزمة الأوكرانية".
دراغي شدد أيضا على أهمية العلاقات الاقتصادية مع الجزائر، وكشف عن أن الجزائر أول شريك تجاري لإيطاليا في القارة الأفريقية.
وفيما يبدو أنه "ترحيل لتفاصيل الاتفاق الطاقي مع الجزائر" بحسب مراقبين، أوضح رئيس الوزراء الإيطالي بأن لقاء آخر بين رئيسي وزراء البلدين سيجرى شهر يوليو/تموز المقبل بروما، كما كشف عن زيارة رسمية سيقوم بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى إيطاليا شهر مايو/أيار المقبل.
الغاز الروسي
وعشية زيارته إلى الجزائر رفقة رئيس الوزراء الإيطالي، كشف وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو عن أن بلاده "ستوقع اتفاقية مهمة حول الغاز لمواجهة أزمة محتملة بشأن الغاز الروسي".
وأشار إلى العرض الذي قدمته الجزائر خلال الأشهر الماضية والقاضي بإمكانية زيادة إمدادات الطاقة نحو إيطاليا.
وأكد على أن الاتفاقية الموقعة مع الجزائر "تجعل من روما أكثر استقلالية عن ابتزازات الطاقة".
زيارة رئيس الوزراء الإيطالي للجزائر لقيت اهتماماً إعلامياً دولياً لافتاً، حيث استبقت الزيارة بتقارير إعلامية تحدثت "عن إمدادات جزائرية غازية ضخمة وإضافية نحو إيطاليا" بالتزامن مع الأزمة الروسية مع الغرب على خلفية الحرب في أوكرانيا، وتأثيرها على أسواق النفط.
وتحدثت صحيفة "بلومبرج" المهتمة بالشأنين الاقتصادي والطاقي نقلا عن مصادر قالت إنها "جزائرية مطلعة"، عن أن الجزائر تنوي رفع صادراتها من الغاز الطبيعي نحو إيطاليا بنسبة 50 %.
فيما ذكر تقرير لوكالة "رويترز" أن اتفاقاً بين الجزائر وإيطاليا سيسمح بتزويد روما بنحو 4 مليارات متر مكعب إضافية من الغاز الطبيعي سنوياً على أقصى تقدير.
ضربة أم صفقة عادية؟
وفي الوقت الذي تضاربت فيه الأنباء حول كميات الغاز الإضافية الجزائرية نحو إيطاليا ودلالات توقيتها المتزامن مع المخاوف الأوروبية من نقص الامدادات الروسية، كشفت مصادر جزائرية مطلعة من وزارة الطاقة لـ"العين الإخبارية" عن حقيقة هذه الاتفاقية ودلالاتها.
المصادر الجزائرية "نفت" لـ"العين الإخبارية" أن "تكون الإمدادات الإضافية من الغاز نحو إيطاليا تستهدف تعويض الغاز الروسي أو ضربة لقطاع الطاقة الروسي".
وأشارت إلى "أن مشاورات جزائرية روسية جرت خلال الفترة الماضية حول احتمال زيادة الجزائر صادراتها من الغاز الطبيعي نحو أوروبا" باعتبار الأخيرة ثالث ممون للغاز الطبيعي لأوروبا، والتي تعتبر الجزائر "شريكاً موثوقاً".
كما نبهت المصادر إلى "أن العقود الموقعة بين الجزائر وإيطاليا طويلة الأمد تتضمن كميات محددة من الغاز تصدرها الجزائر، فيما تلزم بعض البنود الجزائر بزيادة الإمدادات في حال وجود نقص في الإمدادات العالمية".
وهو ما يعني – وفق المصادر ذاتها – بأن "الاتفاق الموقع بين سوناطراك وإيني يستند إلى العقود التي تم تجديدها في 2020 بعد نحو سنتين من الخلافات حول طبيعة العقود".
وعن كميات الغاز التي تعتزم الجزائر إمداداها إلى إيطاليا استنادا إلى التقارير الإعلامية الدولية، "استبعدت المصادر الجزائرية أن تصل إلى 50 %"، وعللت ذلك بـ"عدم قدرة الانتاج الجزائري على توفير هذه الكميات الهائلة من الغاز الطبيعي"، والتي تحتاج إلى "نحو عامين إلى 3 أعوام".
مصادر وزارة الطاقة الجزائرية كشفت لـ"العين الإخبارية" أيضا عن صادرات الطاقة الجزائرية ارتفعت منذ بداية العام قبل اندلاع الأزمة الأوكرانية، وأشارت إلى ارتفاع شحنات النفط الجزائري نحو إيطاليا منذ يناير/كانون الثاني الماضي بنسبة 108 %، بزيادة قدرها 70 ألف برميل يومياً.
وفي تصريحات إعلامية سابقة، أكد السفير الروسي في الجزائر إيجور بيليايف على أن العلاقات الجزائرية الروسية "لن تتأثر بسبب أي قرار يخص زيادة ضخ الغاز الجزائري باتجاه أوروبا".
ونبه إلى أن روسيا تنظر إلى أي اتفاقيات طاقوية جديدة للجزائر مع أوروبا على أنها "مسألة تجارية بحتة".
وفي وقت سابق، كشفت وسائل إعلام محلية بالجزائر، عن زيادة الإقبال الأوروبي على شحنات النفط الجزائري رغم رفع سوناطراك أسعار البيع الرسمية بنحو 35 سنتاً للبرميل.
ومطلع 2020، أنهت، الجزائر وإيطاليا سنتين من الخلافات والمفاوضات تتعلق بمدة عقد تصدير الغاز الطبيعي بعد التوصل إلى "حل وسط" يضمن مصلحة الطرفين.
ووقعت سوناطراك النفطية الجزائرية وإيني الإيطالية اتفاقاً لتجديد عقد تصدير الغاز الجزائري إلى السوق الإيطالية حتى عام 2049.
وهو العقد الذي 3 اتفاقيات غازية تتعلق لتوريد 1.5 مليار متر مكعب على مدار 29 عاماً من 3 حقول غازية.
ويتعلق الأمر بحقول "أورهود 2" و"سيف فاطمة 2" و"زملت العربي" الواقعة في الجنوب الجزائري، فيما كان أول عقد وقع بين الشركتين الجزائرية والإيطالية عام 1977.
وسبق للجزائر وإيطاليا أن وقعتها، مايو/أيار 2019 على اتفاقية أخرى مع إيني لتجديد تزويد روما بـ10 مليارات متر مكعب سنوياً من الغاز الطبيعي لمدة 10 أعوام وأخرى مع "إينال" بـ3 مليارات متر مكعب سنوياً لمدة 8 أعوام.
أما عن حصص الدول الأوروبية من الغاز الطبيعي الجزائري، فتحتل إيطاليا المرتبة الأولى بنسبة 60 %، ثم إسبانيا بـ 20 % ثانية، وفرنسا ثالثة بـ 12 %، والبرتغال رابعة بـ 6 %، وتأتي سلوفينيا في المركز الخامس بـ 1 %.
وعبر الأراضي التونسية، يمر ثالث أنبوب غاز جزائري باتجاه إيطاليا وهو "ترانسماد"، ويصل طوله إلى 2485 كيلومتر، وتقدر قدرة نقله للغاز الطبيعي نحو 33.7 مليار متر مكعب، يضمن تزويد تونس وإيطاليا وسلوفينيا بالغاز الطبيعي.