المغرب يختتم اليوم فصول الاختيار الديمقراطي بتشكيل "المستشارين"
تنطلق اليوم بالمغرب، انتخابات مجلس المستشارين، الغرفة الثانية للبرلمان المغربي، والتي يصوت فيها الفائزون في الانتخابات المحلية والمهنية.
وبهذه المحطة التي تُعد الأخيرة في مُسلسل الانتخابات التي شهدتها المملكة المغربية منذ الثامن من سبتمبر/ أيلول المنصرم، ليتم على إثرها إتمام بناء المُؤسسة التشريعية، المُكونة من غُرفتين.
نظام مُتقدم
وتجري هذه الانتخابات، وهي الثانية في ظل الدستور الجديد، في نظام تصويت أشبه بالنظام الأمريكي، إذ لا يُصوت فيها المواطنون العاديون، بل يقتصر التصويت على الفائزين في انتخابات الغرف المهنية، وبعض الفائزين في الانتخابات المحلية.
وسيختار من يُسمون بـ"الناخبين الكبار" أعضاء مجلس المستشارين، الغرفة الثانية للبرلمان، يضطلعون بأدوار الرقابة على أشغال الحُكومة واقتراح القوانين، وأيضاً إبداء الرأي في القوانين التي تحال عليهم من مجلس النواب، الغرفة الأولى.
ووفقاً للقانون المغربي، فإن مجلس المستشارين، يتكون من 120 عضواً، اثنان وسبعون منهم يُمثلون الجماعات التُرابية، أو ما يُعرف بالبلديات، والذين يُنتخبون على صعيد جهات المملكة كُلها، بالإضافة إلى عشرين عضواً، يتم انتخابهم عن الفائزين بالغرف المهنية، وثمانية عن المنظمات النقابية الأكثر تمثيلية، فيما العشرون مقعداً المتبقية، فيُصوت عليها ممثلو المأجورين (العمال).
وينص دستور المغرب الذي أقر عام 2011، على أن تجري هذه الانتخابات، عن طريق الاقتراع باللائحة، والتمثيل النسبي على أساس قاعدة أكبر ودون استعمال طريقة مزج الأصوات والتصويت التفاضلي.
غير أن الانتخاب يباشر بالاقتراع الفردي وبالأغلبية النسبية في دورة واحدة إذا تعلق الأمر بانتخاب مستشار واحد في إطار هيئة ناخبة معينة.
صلاحيات واسعة
ولمجلس المستشارين خُصوصية فريدة في المشهد المُؤسساتي في المغرب، فمن حيث تركيبته فهو يعكس التمثيلية المحلية للشعب، وبهذا يحمل هموم المواطن في المناطق البعيدة عن المركز، كما أن البعد الاجتماعي والنقابي حاضر بقوة، وذلك من خلال مُمثلي النقابات وأيضاً مُمثلي العمال.
وتبعاً لذلك، فإن هذه المؤسسة تزيد من الرقابة على الحُكومة على مستوى البرامج الاجتماعية وما يهم الحُقوق الأساسية للعمال، ناهيك عن كونه صمام أمان يُعزز حفظ حقوق المواطن ومعيشه اليومي.
ولا تقف صلاحيات الغرفة الثانية عند هذا الحد، بل تتجاوزها، لتصل المستوى التشريعي، سواء من حيث إمكانية اقتراح مشاريع القوانين، وأيضاً التعديلات على القوانين، ناهيك عن كون تصديق أعضائه على القوانين، يُعتبر شرطاً أساسياً لاعتمادها.
كما توجد الدبلوماسية البرلمانية من بين الاهتمامات الأساسية لهذه المؤسسة التي تُعد جزءاً لا يتجزأ من المؤسسة التشريعية ككل، إذ يضطلع أعضاؤه بدور مهم في تعزيز العلاقات الدبلوماسية للمملكة، وبحث الملفات المصيرية للبلاد، وعلى رأسها ملف الصحراء المغربية.
رهانات
الانتخابات المغربية الأخيرة، سواء المحلية أو الجهوية أو البرلمانية، تجري في سياقات خاصة جداً، وتُعقد عليها الكثير من الرهانات والانتظارات على مستويات عدة.
وتبعاً لذلك، يوضح عبد المنعم لزعر، الذي يُدرس العلوم السياسية والقانون الدستوري بكلية الحُقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن انتخابات الغُرفة الثانية لمجلس المستشارين لا تخرج عن هذه السياقات.
لزعر، أكد لـ"العين الإخبارية"، أن تشكيل هذه الغرفة لا يخرج عن الإرادة الشعبية، على الرغم من كون المواطن المغربي لا يُصوت بشكل مُباشر، إلا أنه هو الذي اختار ما يُمكننا أن نُسميه بـ"المجمع الانتخابي" الذي ترشح وسيصوت فيها.
وتأتي ظُروف جائحة كورونا، وإنجاح تنظيم هذا الاستحقاق، على رأس الرهانات التي تواجه المملكة في تنظيم هذه الانتخابات، على غرار سابقاتها،
وتتعدد الرهانات التي تنتظر أعضاء المجلس، ما بين المُساهمة في تجاوز تداعيات الجائحة، وتنزيل النموذج التنموي الجديد، مع تعميم الحماية الاجتماعية على المواطنين.
ويرى الأكاديمي المغربي، أن المملكة ستنجح في آخر حلقات مسلسل الاختيار الديمقراطي، بعدما نجحت في محطاته الأولى، عبر الانتخابات المهنية وانتخابات مجلس النواب.
في المقابل، وبالضبط على المستوى الحزبي، فالأحزاب الثلاثة المتحالفة لتشكيل الحُكومة، توجد أمام رهان خاص، وهو تأكيدها على تفوقها، وأيضاً حُسن انسجامها في تدبير الترشيحات والتحالفات للحصول على أغلبية في هذه المُؤسسة.
كما أن ذات الانتخابات تُعتبر محطة امتحان أخرى لحزب العدالة والتنمية، الذي مُني بهزيمة ساحقة في الانتخابات التشريعية وحتى المحلية، إذ يحاول لملمة شتاته وحشذ قواعده، للحفاظ على المقاعد الثلاثة التي نالتها نقابته بالمجلس، في الانتخابات السابقة.
وأشار المتحدث إلى أنه: "ما دامت الانتخابات التشريعية والجماعية والجهوية قد حققت رهاناتها فإن انتخابات مجلس المستشارين بدورها حققت رهاناتها حتى قبل إجرائها، بمعنى أن هذه الانتخابات هي تأكيد للانتخابات التشريعية السابقة".
aXA6IDE4LjE4OC4xMDcuNTcg جزيرة ام اند امز