حكومة أخنوش.. المسمار الأخير في نعش مخططات "العدالة والتنمية" بالمغرب
بمنح البرلمان المغربي الثقة بأغلبية ساحقة للحكومة الجديدة، يدق آخر مسمار في نعش مُخططات حزب "العدالة والتنمية" بالبلاد.
ومنح البرلمان المغربي ثقته للحكومة الجديدة التي يقودها عزيز أخنوش، بأغلبية ساحقة، لتُنهي آخر محطة في مسلسل التنصيب الدستوري.
وفي جلسة عمومية، صوت 213 نائبا برلمانيا لمنح الحُكومة الثقة البرلمانية، فيما صوت 64 رفضاً له، مع امتناع نائب برلماني وحيد.
ووفقاً للدستور المغربي، فإن الحُكومة مُلزمة بالحُصول على ثقة البرلمان للشروع في أداء مهامها.
وبحصول حُكومته على الثقة البرلمانية، يُنهي عزيز أخنوش، بشكل رسمي مسيرة عشر سنوات عجاف من التدبير الحُكومي لحزب العدالة والتنمية الإخواني.
عشر عجاف
وقاد حزب العدالة والتنمية الحكومة المغربية لعشر سنوات، عبر ولايتين متتاليتين، الأولى قادها عبد الإله بن كيران، والثانية سعد الدين العثماني.
وجاءت الحكومة الثانية بعد نصف عام من "البلوكاج" و"الجمود السياسي" وأيضاً التدبيري، ما انعكس سلباً على العديد من القطاعات، وجر مؤشرات مناخ الأعمال إلى الهاوية.
ولولا تدخل العاهل المغربي الذي أعفى "ابن كيران"، وعين مكانه العثماني، لا استمرت حالة البلوكاج، وذلك بسبب تعنته، ومُحاولته التحكم في الخيارات السياسية لأحزاب التحالف الحُكومي.
وأنهى حزب العدالة والتنمية ولايتيه على وقع تراجعات كبيرة في شتى المجالات، جرت خلالهما انتقادات لاذعة سواء من الأحزاب السياسية والنقابات وحتى المجتمع المدني وعموم المواطنين.
وبحسب المعطيات الرسمية لوزارة المالية، فإن الميزانية خلال الأشهر التسع الأخيرة، والتي تتوافق وآخر أشهر حكومة العدالة والتنمية، عرفت عجزاً بـ38.2 مليار درهم.
في المقابل، بلغ حجم الدين الخارجي العمومي للمغرب مع نهاية ولاية الحكومة الماضية، ما يُناهز 373,26 مليار درهم، وهو مستوى يمثل 35 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وفي نهاية عام 2020، بلغت خدمة الدين حوالي 41 مليار درهم، مقابل 29 مليار درهم عام 2019، أي بزيادة حوالي 50 بالمائة.
ومن الانتقادات الموجهة لحكومة العدالة والتنمية، فشلها في التعاطي مع جائحة كورونا، وإدخال البلاد في دوامة، لولا المبادرات التي قادها العاهل المغربي الملك محمد السادس، التي مكنت من مواجهة الجائحة ودعم الاقتصاد وتعميم اللقاحات.
غوث قريب
ومنح المغاربة في انتخابات عرفت، على الرغم من ظروف الجائحة، مشاركة غير مسبوقة تجاوزت عتبة الـ50 بالمائة، ثقتهم لحزب التجمع الوطني للأحرار، ليحتل المرتبة الأولى في الانتخابات.
وعاقب الناخبون حزب العدالة والتنمية الإخواني، بوضعه في ذيل ترتيب الأحزاب في نتائج الانتخابات التشريعية، وحتى المحلية والجهوية.
وللخروج من تداعيات السنوات العجاف، تُعلق الآمال على عزيز أخنوش، الرجل الذي خبر التدبير الحُكومي، وعالم المال والأعمال لسنوات طوات.
ولتدشين مرحلة جديدة تقطع مع فترة التدبير الإخواني الفاشل، وضعت الحُكومة الجديدة برنامجاً يهدف إلى تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، وتحفيز الاقتصاد الوطني بما يعزز التشغيل، وتكريس الحكامة الجيدة في التدبير العمومي.
وتراهن الحكومة الجديدة على الرفع من القدرة الشرائية للمواطنين عبر الرفع من الأجور، وتعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية للمواطنين.
انهيار
ولم يسقط حزب العدالة والتنمية في الانتخابات فقط، وإنما يشهد انهياراً داخلياً غير مسبوق.
وفي هذا الصدد، أعلن عدد من قيادات الحزب اعتزالهم العمل السياسي، وعلى رأسهم المصطفى الرميد، أحد قيادات الصف الأول في التنظيم الإخواني.
في المقابل، تسود حالة من الغضب لدى قواعد الحزب، وذلك بسبب ما وصفته مصادر "العين الإخبارية" بـ"التدبير الكارثي للحزب من طرف القيادة الحالية".
وخلف هذا السقوط المُدوي تداعيات شديدة القسوة على الحزب، ما دفعه إلى إيقاف بناء مقر حزبه بالرباط وتخليه عن خدمات 160 من موظفيه.
وبمجرد إعلان نتائج الانتخابات التشريعية، وتذيل الحزب لها، بدأ الحزب الإخواني في تسريح موظفيه، سواء العاملين في مقراته بمختلف المُدن المغربية، أو العاملين بالموقع الإلكتروني للحزب والمشرفين على التواصل الرقمي.
ويُعلل الحزب تخليه عن هذه الموارد البشرية بـ"تراجع مداخيله المالية"، إلا أن ذلك يعني تشريد عشرات الأسر وقطع مصدر رزقها.
سخط
وخلفت هذه الخطوات حالة من السخط في صفوف أعضاء الحزب والمتعاطفين معه، إذ إنه في الوقت الذي حصل فيه سعد الدين العثماني وباقي وزراء حُكومته على تعويضات كبيرة كمكافأة نهاية الخدمة، يُحاول الحزب التملص من واجباته تجاه موظفين كانت رواتبهم بالكاد تسد حاجياتهم اليومية.
وتنضاف حالة الغضب هذه إلى جملة من الاحتجاجات داخل الحزب بسبب سوء تدبير الأمانة العامة الحالية للحزب شؤونه، خاصة عملية الترشيح للانتخابات الأخيرة التي سجلت إقصاء الكثير من الأشخاص المعروفين بمواقفهم المنتقدة للقيادة الحالية.
وبحسب القانون المغربي، يجب على الحزب دفع تعويضات للمُسرحين تناهز السبعة ملايين دولار أمريكي.
وفي وقت سابق، أعلن الحزب عن شروعه في بناء مقر حزب ضخم بأحد الأحياء الراقية للعاصمة المغربية الرباط، إلا أن فشله في الانتخابات جعله يتخلى عن هذا المشروع.
ووضع الحزب تكلفة تقديرية للمشروع تناهز حوالي أربعة ملايين دولار أمريكي، لتشييد مبنى على مساحة تناهز 2500 متر مربع.
aXA6IDMuMTM5LjIzOS4xNTcg جزيرة ام اند امز