سيدنا رمضان.. كيف يستعد المغاربة للشهر الفضيل؟
لشهر رمضان مكانة كبيرة لدى المغاربة، لاعتباره شهر عبادة وتقرب إلى الله. ولارتباطه بعادات وتقاليد تعكس ترابطا أسريا وتضامنا مجتمعيا.
وإن أثرت الجائحة بشكل كبير على أجواء شهر رمضان للعامين الماضيين، إلا أن هناك تطلعا كبيراً إلى أن يكون رمضان 2022 بالمغرب مُختلفاً عن سابقيه، خاصة في ظل تراجع الجائحة.
إمساكية رمضان المغرب
كم سيستمر الصيام هذا العام؟ ما هو موعد أذان المغرب في المغرب؟ ومتى يبدأ الإمساك؟ وفي أي يوم ستعود الحكومة للعمل بالساعة القانونية؟ هل سيسمح بإقامة صلاة التراويح في المساجد؟
كلها أسئلة استبقت هذا العام ما كان يُتداول عادة قُبيل شهر رمضان المبارك في الأعوام السابقة، خاصة في ظل تراجع نسب انتشار فيروس كورونا، واستمرار الحكومة في العمل بساعة إضافية على التوقيت العادي.
ويتوقع أن تُناهز ساعات الصيام في المملكة المغربية الـ 14 ساعة، إذ يُؤذن لصلاة الصُبح ما بين الساعة الخامسة والسادسة فجراً، بحسب التموقع الجُغرافي للمدن المغربية، فيما أذان صلاة المغرب، فيُرفع بمساجد المملكة بين السابعة والثامنة مساء.
وفي السياق نفسه، يُنتظر أن تُعلن الحكومة خلال الأيام القليلة القادمة، عن اعتمادها بشكل استثنائي، التوقيت القانوني من خلال العودة إلى نظام جرينيتش، وذلك بتأخير التوقيت الرسمي ساعة إلى الوراء.
شوق للتراويح
وبعد عامين من الانقطاع، تشتاق قلوب المغاربة إلى إقامة صلاتي التراويح والتجهد في مختلف مساجد المملكة.
وبسبب جائحة كورونا، قررت المملكة المغربية إغلاق المساجد بشكل كامل خلال شهر رمضان للعام 2020، في حين تم إغلاقها بشكل جزئي في صلاتي العشاء والفجر لشهر رمضان 2021.
وفي هذا الصدد، وبعد التراجع الكبير لمعدلات الإصابة بفيروس كورونا، وإعلان وزارة الصحة المغربية انتهاء موجة أوميكرون بالبلاد، يُتوقع أن تفتح وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المساجد لصلاة التراويح خلال شهر رمضان 2022 بالمغرب.
ويُقبل المغاربة بشكل كبير على المساجد في شهر رمضان، خاصة خلال صلاتي العشاء والصُبح، وما يُرافقهما من صلاتي التهجد والتراويح.
وأسابيع قبل الشهر الفضيل، يستغرق المغاربة في تنظيف مساجد الأحياء، وإعدادها لاستقبال المُصلين الذين يتجاوز أعدادهم في بعض الأحيان الآلاف.
وتعرف بعض المساجد إقبالاً كبيراً للمُصلين، خاصة تلك التي يُقيم فيها الصلاة بعض القُراء المعروفين بإتقانهم لقواعد التجويد، وعذوبة أصواتهم.
لباس تقليدي
في الأسواق الشعبية، ومحلات الخياطة التقليدية، تسري حركة كثيفة، إذ يكثر إقبال النساء والرجال على الملابس التقليدية، سواء الجلاليب للذكور والإناث، أو القفاطين التي ترتيدها النساء خلال سهرات رمضان، حيث تجتمع الأسر.
الأزياء التقليدية، تفصيل دقيق لا يُفوته المغاربة خلال شهر رمضان، إذ تحرص الأسر على استقبال هذا الشهر الفضيل بلباس جديد، يُدخل الفرحة على النفوس، ويبث روحاً جديدة، تعين الجسد على العبادة خلال هذا الشهر الكريم.
وفيما لا تتجاوز مقتنيات الرجال خلال شهر رمضان في المغرب، جلبابا واحداً للصلاة وأيضاً الزيارات الخاصة، تحرص النسوة على تنويع لباسهن التقليدي خلال الشهر الفضيل.
وإلى جانب القفطان التقليدي، الذي يُعتبر اللباس الرسمي في الجلسات الرمضانية، تحرص النساء على اقتناع جلباب أو أكثر، تختلف تصاميمها وألوانها بحسب الغاية منها، إما للذهاب بها للمسجد، أو للانتقال عند الأهل والأحباب لتلبية الدعوات الرمضانية.
الإقبال على الملابس التقليدية، يُعتبر فرصة اقتصادية مواتية لفئات واسعة من الصُناع التقليديين، إذ ليس الخياطون وحدهم الذين يتزايد الإقبال على خدماتهم خلال هذا الشهر، بل حتى أولئك الذين يبيعون الأحذية التقليدية.
فلا يستقيم ارتداء امرأة لقفطان أو جلباب مغربي، دون ارتداء "بلغة" أو "شربيل"، وهي حذاء تقليدي مصنوع من الجلد، وقد يكون مزخرفاً إما بالحرير أو ببعض الرسومات.
والرجال أيضاً، لا تكتمل إطلالتهم خلال شهر رمضان، إلا بحذاء جلدي من نوع mocassin، أو بلغة جلدية، تتنوع ألوانها بين الأسود والأصفر، وأحيانا الأبيض أو البني.
سلو وشباكية
وإن كان الأصل في شهر رمضان عند المغاربة، أو جميع المسلمين، صلة الرحم، والاجتهاد في العبادات، إلا أنه مناسبة أيضاً للاستمتاع بمجموعة من الأطباق التقليدية.
فالأحياء المغربية في الأسابيع التي تسبق شهر رمضان، تغرف العديد من الروائح الزكية المُنبعثة من مطابخ الأمهات اللواتي يستعدن للشهر الكريم على طريقتهن الخاصة.
ومما تستبق النساء شهر رمضان بإعداده، أكلتا الشباكية وسلو، اللذان يُرفقان بجلسات الشاي خلال الشهر الفضيل.
فالشباكية هي حلوى تُعد من الدقيق والبيض، وبعض المكونات الأخرى، قبل أن تُغرق في العسل وتُرش بالسمسم. أما سلو، فهو خليط من بعض البذور وأيضاً بعض الفواكه الجافة، مع الدقيق، والعسل الحُر.
أطباق تجتمع الأسرة لإعدادها، لأنها تتطلب أياما طوال من الجُهد الكبير، الذي تتاقسمه إما نسوة الحي، وأحيانا الأم وبناتها ومعهن زوجات أبناءها.