رمضان في المغرب.. دعم وتضامن ومقاهي رحمة
هناك عادة متأصلة في المغرب، وهي "القفة الرمضانية"، حيث يبادر مجموعة من المحسنين إلى تمويل قفة تتضمن المواد الأساسية التي يحتاجها كل بيت مغربي خلال شهر رمضان
في المغرب، كما في سائر الدول الإسلامية، يكثر الخير في شهر رمضان، حيث تنشط موائد الرحمن وتكثر الصداقات وتتسابق المؤسسات والجمعيات والأفراد لإفطار الصائم أو مساعدة المعوز منه على نفقات هذا الشهر من خلال ما يعرف في المغرب بـ"القفة الرمضانية" وأيضا عملية "الدعم الغذائي" التي يعطي انطلاقتها العاهل المغربي الملك محمد السادس، في بداية شهر رمضان من كل سنة.
وتعكس عملية الدعم الغذائي، التي سجلت خلال شهر رمضان الجاري نسختها الـ18، التزام وعناية العاهل المغربي بالأشخاص المحتاجين، كما تكرس قيم التضامن والتآزر والمشاطرة التي تميز المجتمع المغربي.
وسيستفيد من عملية "رمضان 1438"، التي يسهر على تنفيذها وزارتي الداخلية والأوقاف والشؤون الإسلامية، بغلاف مالي قدره 55 مليون درهم مغربي، زهاء 2,4 مليون شخص، ينتمون إلى 473 ألف و900 أسرة، منها 403 ألف أسرة بالوسط القروي، وذلك عبر مختلف جهات المملكة.
وبالإضافة إلى عملية الدعم الغذائي التي تباشرها مؤسسة محمد الخامس للتضامن، تعمل مجموعة من هيئات المجتمع المدني، على إدخال البسمة إلى قلوب العديد من الفئات المحتاجة، في شهر رمضان، من خلال استهداف المراكز الاستشفائية، ودور الأيتام، ودور المسنين، حيث يتم تنظيم، على مدار الشهر وفي أماكن مختلفة، إفطارا جماعيا يقدم فيه ما لذ وطاب من الأكل والشرب، يليه حفلات موسيقية وترفيهية، حيث يتم توزيع الهدايا على الكبار وكسوة العيد للأطفال.
وفي هذا السياق، قالت رقية اشمال، رئيسة منظمة فتيات الانبعاث، أن هذه المنظمة دأبت على إطلاق البرنامج الوطني التضامني السنوي في كل شهر رمضان، مشيرة إلى أن العضوات من مختلف الفروع عبر المغرب يحرصن على تنظيم موائد إفطار جماعية لفائدة دور الأيتام والأطفال، دور العجزة، المستشفيات ومحطات المسافرين.
واوضحت اشمال، في تصريحها لـ"بوابة العين"، أن الهدف من وراء هذا العمل هو تكريس السلوك التضامني مع الفئات الهشة بالمجتمع، من ناحية. ومن ناحية ثانية التربية على ثقافة التضامن والتعاضد المجتمعي خاصة في الشهر الفضيل.
وأضافت أن أنشطة المنظمة بمختلف فروعها الإقليمية تتضمن محاور متعددة حسب خصوصية كل منطقة وكل فضاء مستهدف في تقاسم مائدة الإفطار الذي تتخله أنشطة ترفيهية متعددة تتراوح بين إحياء حفلات الحناء أو حفلات إنشاد ديني مع توزيع هدايا على المستفيدين والمستفيدات.
وشددت ذات المتحدثة أن الدعم اللوجستيكي لهذه الأنشطة التضامنية هي بمبادرة خاصة من عضوات المنظمة بدعم من بعض المتعاطفات والمتعاطفين مع هذا النوع من الأنشطة.
ومن أجل إفطار الصائم أيضا، تعمل بعض الجمعيات على تشيد العديد من الخيم في الأحياء الفقيرة، حيث يتم تقديم وجبات الإفطار، من خلال دعم وتبرعات المحسنين التي تتضاعف خلال شهر رمضان، وأيضا من خلال إسهامات المواطنين، الذين يحركهم واجب المساهمة في تعمير هذه الموائد، كل حسب طاقته، حرصا على ثواب إفطار الصائم.
وغالبا ما يكون رواد هذه الخيم الرمضانية إما متسولون أو عمال تضطرهم ظروف العمل للبقاء حتى موعد الإفطار خارج بيوتهم، بالإضافة إلى عائلات فقيرة، لا تقوى على مجاراة إيقاع الاستهلاك في شهر رمضان في ظل ارتفاع أسعار المواد الأساسية، فتجد نفسها كاملها مجبرة على ارتياد هذه الخيم الرمضانية.
وإلى جانب مبادرات المجتمع المدني، تحرص مجموعة من المقاهي والمطاعم، خاصة في المناطق الشعبية أو على الطرق السيارة والطرق الوطنية، على تقديم وجبات الإفطار بالمجان للفقراء والمسافرين وعابري السبيل. ولتيسير وصول الصائمين إلى مقاهي الإفطار، تجد على الشوارع الرئيسية والجانبية، مجموعة من اللوحات والعلامات الإرشادية التي تحدد مواقعها، بعد أن يتم الحصول على تراخيص مسبقة من طرف السلطات المعنية.
وبالإضافة إلى إفطار الصائم، هناك عادة متأصلة في المغرب، وهي "القفة الرمضانية"، حيث يبادر مجموعة من المحسنين إلى تمويل قفة تتضمن المواد الأساسية التي يحتاجها كل بيت مغربي خلال شهر رمضان، وتتكون خصوصا من دقيق وزيت وسكر وشاي وتمر وحمص وعدس وعسل، ويتم توزيعها على الفئات الهشة.
وهي هذا السياق، قامت "بوابة العين" بزيارة إلى مدرسة "النويفات"، التابعة لمدرسة ولاد سلامة بجماعة عين عتيق (ضواحي الرباط)، حيث قامت إحدى المحسنات (م.ك) بتوزيع ما يقارب 200 قفة رمضانية على 200 تلميذ، كنوع من المساعدة لعائلاتهم.
وفي تصريحها لـ"العين"، اعتبرت المدرّسة سعاد اكعيليل، أن هذه المبادرات الإنسانية تكرس لمبدأ التضامن بين العائلات الميسورة والفئات الفقيرة، مشيرة إلى أن ذات المحسنة تقوم على مدار السنة بإدخال الفرحة إلى قلوب التلاميذ وعائلاتهم من خلال ما قامت به أولا من ترميم أقسام المدرسة بالكامل وتشييد مكتبة وساحة للعب، بالإضافة إلى إقامة حفلات للأطفال وتزويد عائلاتهم بالمساعدات.
جدير بالذكر، أن سفير الإمارات العربية المتحدة لدى الرباط، سهيل مطر الكتبي، والمحافظ، نديرة الكرماعي، المنسقة الوطنية للمبادرة الوطنية \ البشرية بوزارة الداخلية المغربية، أشرفا في بداية رمضان على إعطاء انطلاقة حملة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لإفطار الصائم التي تأتي هذه السنة في إطار مبادرات عام الخير من أجل المساهمة في تفعيل المسؤولية المجتمعية في المملكة المغربية .
وتشمل هذه المبادرة الإنسانية، التي تقدر ميزانيتها بمليوني دولار، أكثر من 25 ألف أسرة مغربية متعففة تستفيد من المواد الغذائية الأساسية لشهر رمضان الكريم عبر الجمعيات الخيرية في مختلف مناطق المملكة المغربية، وتتضمن المواد الموزعة الدقيق والسكر والزيت والأرز والشاي والقهوة والحليب والطماطم والعدس والحمص والشعرية والتمر.
في السياق ذاته، نظمت سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة بالرباط بالتعاون مع السلطات المغربية في المناطق الشرقية حملة إفطار الصائم وشملت10 ألاف أسرة ضمنها عدد من السكان الرحل.
aXA6IDMuMTM1LjIxOS4xNTMg جزيرة ام اند امز