سياسة
بعد غياب 35 عاما.. هل يعود المغرب لأحضان القارة السمراء؟
بعد 35 سنة من الغياب عن الاتحاد الإفريقي دقت ساعة لمّ شمل المغرب بعائلته الإفريقية حيث يريد استعادة مقعده في هذه المنظمة القارية
بعد 35 سنة من الغياب عن الاتحاد الإفريقي، دقت ساعة لمّ شمل المغرب بعائلته الإفريقية حيث يريد استعادة مقعده في هذه المنظمة القارية الاسبوع المقبل خلال انعقاد قمة أديس أبابا.وتعتبر هذه العودة المرتقبة نتيجة عملية واسعة أطلقت قبل نحو 10 سنوات، وأعلنها الملك محمد السادس رسميًا في يوليو/تموز الماضي، فيما استعدّت لها كافة مؤسسات المغرب ابتداء من سبتمبر/أيلول.
وتوالت الجولات الدبلوماسية للعاهل المغربي في إفريقيا منذ نحو 6 أشهر، حيث عبّر مرارًا لنظرائه الأفارقة عن التزامه والتزام بلاده تجاه "الأشقاء" الأفارقة.
ولإقناع الدول الإفريقية بأهمية استرجاع مقعده "داخل عائلته المؤسساتية القارية"، عبّأ المغرب إمكانيات كبيرة تراوحت بين ما هو سياسي واقتصادي.
ووقّعت الرباط اتفاقيات اقتصادية "ضخمة" مع مختلف الدول التي زارها الملك الذي وعد أيضا بالعمل "من أجل السلام والأمن" و"شراكة جديدة بين دول الجنوب" و"مزيد من التنمية المستدامة" لإفريقيا.
ويوضح جيل يابي المحلل السياسي الذي يرأس "واثي" (ويست إفريكا ثينك ثانك)، مجموعة تفكير مختصة في شؤون إفريقيا الغربية، أن "هناك رؤية على الأمد الطويل واستراتيجية تم وضعها من طرف المغرب على المستويين الدبلوماسي والاقتصادي، مع حضور مكثف جدا، ما ساعد على جعل المغرب لاعبا أساسيا ليس مع أوروبا فقط، لكن أيضا مع إفريقيا جنوب الصحراء".
داخليا، أطلقت الرباط منتصف ديسمبر/كانون الأول المرحلة الثانية من سياستها الخاصة بالهجرة لتسوية الوضعية الإدارية للمهاجرين غير النظاميين على أراضي المملكة، والذين يتحدر أغلبهم من دول جنوب الصحراء، وهو معطى يخدم عودة المغرب في وقت تقوم فيه جارته الجزائر بترحيل وطرد هؤلاء المهاجرين.
وحتى الأحزاب المغربية التي لم تتمكن من تشكيل أغلبية حكومية منذ نحو 4 أشهر وجدت نفسها مجبرة على التعبئة لعودة المغرب للاتحاد الإفريقي خدمة لـ"المصلحة الوطنية العليا"، حيث اجتمع النواب البرلمانيون الممثلون لهذه الأحزاب بشكل معجل بداية هذا الشهر للتصديق على الميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي.
وانسحب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية في سبتمبر/أيلول 1984 احتجاجا على قبول المنظمة عضوية "الجمهورية الصحراوية"، التي شكلتها جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو)، وبقيت عضوية الرباط معلقة في المنظمة ثم في الاتحاد الإفريقي الذي تأسس في يوليو/تموز 2001 ويضم حاليا 54 دولة.
وقضية الصحراء الغربية هي الملف المركزي في السياسة الخارجية للمملكة، ويعتبر المغرب هذه المنطقة "جزءا لا يتجزأ" من أراضيه، حيث يسيطر على معظم أراضيها منذ نوفمبر/تشرين الثاني 1975، أي بعد خروج الاستعمار الإسباني ما أدى إلى اندلاع نزاع مسلح مع بوليساريو استمر حتى سبتمبر/أيلول 1991 حين أعلنت الجبهة وقفا لإطلاق النار تشرف على تطبيقه بعثة للأمم المتحدة.
من جهتها، لا تضع الرباط حاليا أية شروط من أجل عودتها إلى الاتحاد، لا سيما ذلك المتعلق بطرد "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" من المنظمة.
ويفتخر المغرب حاليا بالدعم الذي تلقاه من 40 دولة (من أصل 54) لعودته، مؤكدا احترامه لإجراء العودة، حيث عبر وزير الخارجية صلاح الدين مزوار عن "الثقة والطمأنينة" إزاء هذه العودة.
ويرجح أن يدعم وعد المغرب -سادس قوة اقتصادية في القارة- بتقديم تمويل جيد للمنظمة الإفريقية التي تحتاج دعما لموازنتها، من تقوية عودة المغرب إلى صفوفها.
وتحاول المملكة المغربية "استباق الحواجز التي تحاول بعض الأطراف وضعها لعراقيل لوقف المبادرة المغربية من أجل العودة أو تأجيلها" على الأقل حسبما أوردت وكالة الأنباء الرسمية.
وهذه العراقيل ستكون حاضرة لا محالة أمام المغرب في أديس أبابا، خاصة من طرف "الجزائر وجنوب إفريقيا اللتين تضغطان بقوة ضد عودة المغرب" حسب لييزل لوو، المحلل في معهد الدراسات الأمنية. aXA6IDMuMTQyLjQzLjI0NCA= جزيرة ام اند امز