الإخوان وصورة مرسي.. محاولة جديدة للعودة من باب "المظلومية"
انشق الإخوان.. تفتت الجسد إلى جزأين ثم إلى (ثلاثة)، لكن الجماعة توحدت على تحويل الرئيس الراحل محمد مرسي إلى مركز للبكائية والمظلومية.
إذ شهدت صفحات الإخوان الإرهابية ومواقعها الإخبارية تدفقا غير معهود هذا العام للاحتفال بذكرى وفاة مرسي.
ويصادف هذا العام مرور أربعة أعوام على وفاة مرسي في 17 من يونيو/حزيران عام 2019، إثر أزمة قلبية تعرض لها أثناء محاكمته بتهمة التخابر في الجلسة المنعقدة في معهد أمناء الشرطة بمجمع سجون طره.
الاحتفال بذكرى وفاة مرسي هذا العام أخذ شكل حملة ممنهجة ومرتبة لصناعة البكائية والمظلومية التي اعتادت آلة الإخوان على تدويرها، فيما يبدو اهتماما مقصودا ومبالغا فيه ومدفوع الأجر.
واللافت هذا العام مساهمة بعض الصفحات المحسوبة على التيار اليساري أو بعض المستقلين في الاحتفاء بذكرى وفاة مرسي.
مات متهما بالجاسوسية
وحول سبب المبالغة في الاهتمام بذكرى الرئيس المعزول، يرى ثروت الخرباوي الكاتب والباحث في الإسلام السياسي والقيادي السابق في الجماعة، أن الإخوان لم تفقد الأمل في العودة للشارع المصري، إلا أن هزيمتها المدوية وفقدانها الحاضنة الشعبية يدفعها لصناعة بطل ولو من ورق.
وتابع في تصريح لـ"العين الإخبارية": "من يعرف الإخوان يعرف أنها لن تمل من محاولة اختراق المجتمع المصري والعربي، وأنها تملك جلدا سميكا وتكرر الأكاذيب دون ملل، على أمل أن يصدقها بعض من الأجيال التالية".
وأضاف: "رهان الإخوان الحالي على ذاكرة الشعب المصري، إذ تحاول تشتيت الوعي الجمعي بمعلومات كاذبة خاطئة، على أمل أن يتوارى إلى الخلفية الجيل الذي شارك في الثورة ضد الجماعة، ويقتنع بها جيل لم يشاهد ما أحدثته في عام الحكم".
ويؤكد الخرباوي أنه "من الواضح أن حملة الإخوان لصناعة البطل ترتكز على ثلاثة محاور، الأول كلمات الرثاء من زوجته وابنته وبعض القريبين منه لجذب التعاطف مع أسرة توفي عائلها، الثاني مختارات من كلمات مرسي وكأنه بكلماته هذه كانت ستنقل مصر إلى مصاف الدول المتحضرة، أما الركيزة الثالثة فهي التأكيد على أنه بطل وشهيد".
ويتساءل الخرباوي "لقد مات مرسي إثر أزمة قلبية، فكيف يكون شهيدا؟ وهل من كان متهما بالتخابر لصالح دول أجنبية وتسريب معلومات حساسة وسيادية، يكون بطلاً؟".
وأوضح أن "محمد مرسي تلقى الرعاية الكافية والكشف الطبي المستمر، ولم يكن هناك أي تقصير بشأن متابعة ما يعانيه، ولا حقيقة لادعاء الإخوان بأنه مات مقتولًا بالإهمال الطبي".
واستطرد قائلا "مرسي قبل وفاته بأكثر من عام تم نقله إلى أحد المستشفيات الخاصة لشكواه من آلام مستمرة في ذراعه اليسرى، ثم تم تحويله إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة، كما تم توقيع كشف طبي عليه في يونيو/حزيران 2017 بقرار من رئيس محكمة جنايات القاهرة وكانت النتائج تؤكد إصابته بأمراض الضغط والسكر ووجود أورام بالمخ".
وتابع أن هذه الأمراض أصيب بها مرسي قبل أن يكون رئيسا للجمهورية، كما أعاد القاضي القرار بالكشف عليه في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، وتم تأكيد الأمراض التي يعاني منها، ووفاته شاهدها الجميع بأزمة قلبية توفي على إثرها".
فيما يرى طارق البشبيشي، الكاتب والباحث في الإسلام السياسي والقيادي السابق في الجماعة، أن محاولات الإخوان صناعة بطل يلتف حوله باقي القوى المدنية ستذهب أدراج الرياح، نظرا لوعي الشارع قبل النخب المدنية.
وتابع في حديث لـ"العين الإخبارية"، "الإخوان أوجعها الفشل في التسلل إلى الحوار الوطني ورفض الشارع المصري لها، وتحاول في كل مناسبة العودة إلى الشارع مرة أخرى، ولم تجد غير النخب المدنية وعلى وجه الخصوص من التيار اليساري".
وأضاف البشبيشي" تجربة الإخوان في استغلال النخب المدنية ناجحة بالنسبة لها، فقبل فوز مرسي وأثناء الإعادة، اجتمعوا معا في فندق بالقاهرة، فيما عرف بعد ذلك إعلاميا باجتماع فيرمونت، حيث أوهم الإخوان النخبة بأنهم البديل الديمقراطي".
ومضى قائلا "عقب إعلان مرسي رئيسا للبلاد ظهر الإخوان على حقيقتهم، وانقلبوا على حلفائهم، وأنكروا أي تعهدات".
بطل وهمي
ويتذكر البشبيشي "عندما أفاقت النخبة السياسية المدنية بتنوع مشاربها للخديعة التي وقعت فيها، وأن الإخوان لا تعرف ديمقراطية ولا تحترم تعهدا، وأنها تسير بالوطن في نفق مظلم مجهول المعالم، توحد المدنيون وكونوا جبهة الإنقاذ التي أفتى شيوخ الإخوان بكفر قادتها".
ومضى قائلا "للأسف نجاح الخدعة الأولى كان قائما على ادعاء المظلومية، وأن الجماعة تملك صفا قويا قادرا على مواجهة الدولة العميقة"، مضيفا "الآن تحاول الجماعة تكرار هذا مع بعض اليساريين والمستقلين لصناعة تيار يبتلع مزاعمها عن شهادة مرسي، وأنه مات مقتولا ليجذبوا تعاطف البعض، ويضمون إلى صفوفهم بعض المعارضين".
ويتوقع البشبيشي أن هذه الحملة لصناعة بطل وهمي لن تنجح، إذ لا يزال الشعب الذي شاهد وعاين أكاذيب الإخوان هو نفسه"، مضيفا "كل الكذب الذي يروج له الإخوان ينهار أمام سرد الحقائق".