موسكو تفوز في 4 برلمانات أوروبية.. تعقد جديد في مشهد محتدم
نجحت أحزاب قريبة من موسكو في انتزاع رئاسة 4 برلمانات أوروبية خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
وفي ظل محاولات أوروبية للاصطفاف أمام التمدد الروسي في أوكرانيا ومناوشات في سماوات دول الناتو، يعقد حلفاء الكرملين الأوروبيون طريق الاتحاد الأوروبي للحشد إمكانياته.
ويشعر الأوروبيون بالمزيد من الضغط في ظل انعدام اليقين بشأن موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يراوح بين تفهم دوافع الكرملين والانتقال لمربع دعم كييف.
لكن مما يزيد الطين بلة اتجاه دول أوروبية لانتخابات حلفاء موسكو، وتشكّل جمهورية التشيك المثال الأحدث على هذه الظاهرة، إذ انتخب البرلمان التشيكي الأربعاء الماضي زعيم حزب "الحرية والديمقراطية المباشرة" اليميني توميو أوكامورا رئيسا له.
وما كان من أوكامورا الذي يدعو أساسا إلى وقف المساعدات التشيكية لأوكرانيا، إلاّ أن أمر غداة فوزه بالمنصب بإزالة العلم الأوكراني من مبنى البرلمان، حيث كان مرفوعا تعبيرا عن التضامن.
ويأتي انتخاب الزعيم اليميني لرئاسة البرلمان التشيكي بعد تطورات مماثلة في إيطاليا عام 2022، والنمسا عام 2024، وسلوفاكيا في وقت سابق من السنة الجارية، باتت تشكّل مشهدا متكاملا مع المجر التي يسيطر القومي فيكتور أوربان على برلمانها منذ عام 2010.
وفي كل من هذه الحالات، كان القوميون ينجحون في تولّي الرئاسة بفضل اتفاقات مع أحزاب سياسية أخرى، نظرا إلى كونهم لا يملكون الغالبية المطلقة، إلاّ في بودابست.
ورأت الباحثة المشاركة في مركز روبرت شومان التابع للمعهد الجامعي في فلورنسا كاثرين فيشي أن التفسير الأول لهذا التوجه هو أن الزعيم المجري "مهد الطريق"، إذ "أثبت إمكان البقاء في الاتحاد الأوروبي" من دون احترام المعاهدات.
لكنّ هذه الخبيرة اعتبرت أن تسارُع هذه الظاهرة في دول أوروبا الوسطى تحديدا ليس من قَبيل المصادفة، بل يعود إلى "دينامية" عززتها إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
ففي هذا الجزء من أوروبا، "لا تشكّل شخصيته عنصرا منفّرا"، إذ تسود "ثقافة سياسية" مختلفة وتقوم علاقة "ملتبسة" مع روسيا.
ولاحظت كاثرين فيشي أن قرب هذه الدول جغرافيا من روسيا وماضيها الشيوعي المشترك معها يجعلها تحرص على تجنب "التصعيد" مع الكرملين، أكثر مما تفعل أية دول أخرى.
وأخيرا، ذكّرت الخبيرة بأن هذه الدول تستفيد بشكل كبير من الأموال الأوروبية، مضيفة أن شريحة من الرأي العام فيها، وكذلك من الطبقة السياسية، تخشى أن يؤدي أي توسيع إضافي للاتحاد الأوروبي إلى تقاسم الأموال.
وتتوقع هذه الدول بالتالي أن "تخسر شيئا ما" مع اقتراب احتمال انضمام ألبانيا أو مونتينيغرو إلى الاتحاد، خصوصا في حال انضواء أوكرانيا الشاسعة فيه.
ما لا يمكن إنكاره
ورأى الخبراء أن الأحزاب القومية التي استغلت هذه المخاوف، حققت باستحواذها على رئاسة البرلمان تقدما لا يمكن إنكاره.
وفي سلوفاكيا، فاز حزب "هلاس" بالرئاسة في مارس/ آذار بفضل الدعم الذي قدّمه منذ عام 2023 لرئيس الوزراء السلوفاكي القومي روبرت فيكو وحزب "إس إن إس" اليميني.
ولم يُحاول طمأنة حلفائه الأوروبيين، واستُبعِد من كتلة الديمقراطيين الاجتماعيين البرلمانية الأوروبية التي رأت أن مواقفه بشأن "الحرب التي تشنها روسيا، والهجرة، وسيادة القانون (..) لا مكان لها داخل أسرة التقدميين".
في النمسا، لا يسعى رئيس البرلمان، فالتر روزنكرانتز المنتمي إلى حزب الحرية اليميني، الذي فاز بالمنصب بفضل أصوات أحزاب أخرى، إلى أن يتجاوز معسكره ليكون جامعا، كما يفعل عادة من يشغلون هذا المنصب الشرفي والتمثيلي.
فهو يفيد من موقعه مثلا لإحياء ذكرى سياسي نازي الأسبوع المقبل، رغم احتجاجات الطائفة اليهودية والأحزاب الأخرى التي دعمته ومجموعة من المثقفين.
ورأى الباحث المشارك في معهد جاك ديلور سيريل بريت أن "الفوز برئاسة البرلمان يمكّن هذه الأحزاب التي بقيت مدة طويلة خارج النظام، من أن توازِن السلطة التنفيذية، إذ سعت الأحزاب الحاكمة في كثير من الأحيان إلى تشكيل ائتلافات بسبب الضعف الذي أصابها".
واعتبر أن هذا النوع من المناصب "مناسب للأحزاب الاحتجاجية التي تسعى للوصول إلى السلطة".
وأضاف أنه "يمكنها استخدام صلاحياتها الرقابية لانتقاد الحكومة من دون أن تتحمّل المسؤولية".
وخلص إلى القول إن هذه المواقع تتيح لهذه الأحزاب "اكتساب مكانة وتوفّر لها منبرا مناسبا".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuODcg جزيرة ام اند امز