الكرملين.. تعرف على "قلعة" روسيا التي لم تسلم من نابليون

قلعة تختزل اسمها وتاريخ بلدها وتعتبر قلب العاصمة الروسية القابع في أعالي تل بوروفيتسكي فوق نهر موسكو.

الكرملين في موسكو؛ إنجاز معماري رائع، تقع أسواره وأبراجه الضخمة والكاتدرائيات ذات القباب الذهبية والقصور القديمة في أعالي التل الشهير، ويشكل مدينة بأكملها داخل العاصمة الروسية.

عاش فيه الأمراء والقياصرة الروس، لكنه اليوم المقر الرسمي لرئيس روسيا.

ما معنى الكرملين؟

الكرملين كلمة روسية تعني "قلعة" أو "حصن"، ويوجد في بعض المدن الروسية القديمة، لكن الكرملين بموسكو هو المعروف في جميع أنحاء العالم ورمز الدولة الروسية.

كلمة "الكرملين" لا تعني سور المدينة الخارجي بل تعني حصنًا داخل المدينة، وهكذا، في أول 200 عام من تاريخ موسكو، أشار الناس إلى قلعة موسكو على أنها "المدينة" التي تنامت في وقت لاحق، واستقر المزيد من الناس خارج سورها.

يعود تاريخ الكرملين إلى أول سكان موسكو، حين أمر مؤسسها الأمير يوري دولغوروكي ببناء أول حصن خشبي في عام 1156 بموقع يُعرف باسم مدينة موسكو، لكن كلمة "الكرملين" سُجلت لأول مرة فقط بالقرن الرابع عشر.

تم بناء الكرملين -كما يعرفه العالم اليوم- في أواخر القرن الخامس عشر، حيث حلم أمير موسكو إيفان العظيم ببناء عاصمة تساوي القسطنطينية في الأهمية، وأطلق على حلمه اسم "روما الثالثة" وجلب مهندسين معماريين من إيطاليا. 

وفي بداية القرن الثامن عشر، جرى نقل العاصمة إلى سانت بطرسبرغ ، ولم يعد الكرملين مقرًا للقيصر.

وبعد الثورة، نقل البلاشفة العاصمة إلى موسكو واستقروا على أراضي الكرملين، وعاش فيها لينين وستالين وبعض أعضاء الحكومة السوفيتية، ثم ومنذ العهد السوفيتي، أصبحت كلمة "الكرملين" مرادفة لـ"حكومة روسيا".

• "أكبر من أوكرانيا".. التاريخ يكشف حقيقة الصاروخ الروسي الضخم

الكرملين من الداخل

الكرملين هو مجمع محصن في مركز المدينة يتكون من أكثر من 15 مبنى، و20 برجا، وجدران يمتد طولها لأكثر من 1.5 ميل، ويصل سمكها لأكثر من 21 قدما.

في القرن الثالث عشر، كان الكرملين مقر الإقامة الرسمي للسلطة العليا – مركز الحياة الزمنية والروحية للدولة.

ويعتبر الكرملين نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر أحد الحصون الرئيسية في أوروبا. ومنذ عام 1991، أصبح مقر الإقامة الرسمي للرئيس الروسي.

ويطل الكرملين على نهر موسكفا من الجنوب، وكاتدرائية القديس بازيل والساحة الحمراء من الشرق، وحديقة ألكسندر من الغرب.

شيدت أول قلعة كرملين في موسكو بالقرن الثاني عشر، بعد فترة ليست طويلة من تأسيس موسكو نفسها (1147)، وكانت القلعة الأصلية تتكون من سياج خشبي طويل، والهدف منها حماية المدينة من هجمات الأعداء، لكن احترق هذا الكرملين الخشبي خلال هجمات قوات التتار-المغول.

وبحلول القرن الرابع عشر، أعيد بناء كرملين موسكو بالحجارة البيضاء. وبالإضافة إلى العديد من المساكن الدوقية، ضمت جدرانه عدة أديرة وكاتدرائيات.

وتعرض الكرملين لأضرار جسيمة عقب اجتاح نابليون موسكو عام 1812، حيث أمر الإمبراطور الفرنسي بهدم عدة مباني ومعالم تاريخية.

واستعادت موسكو لقب العاصمة خلال الفترة السوفيتية وأصبح الكرملين مجددا مقر إقامة حكام روسيا.

وشهدت الفترة السوفيتية عمليات إعادة بناء مكثفة في الكرملين، وتم هدم عدة كاتدرائيات وأديرة داخل الكرملين لتمهيد الطريق أمام العمارة المنتصرة للنظام الجديد.

ومع حلول القرن الـ19 بدأت مظاهر الحياة الحديثة تزحف إلى المباني العتيقة في الكرملين، فقد أمر نيكولاي الأول بإنشاء مجمع حديث للقصور المشيدة على النمط الروسي وضمها إلى الكرملين، وإنشاء فندق، ومتحف للأسلحة.

وعام 1935 بدأ يبزغ رمز النجوم الروسية فوق الكرملين، حيث جرى تفكيك النسور الأربعة التي كانت منصوبة على أبراج القصر، لتحل محلها النجوم الخماسية الحمراء المصنوعة من الياقوت، وبتقنية تجعلها مضيئة.

واستعرضت صحيفة "إنديا تايمز" بعض الحقائق المثيرة للاهتمام عن كرملين موسكو، حيث قالت إنه في عام 1955، فتح الكرملين، الذي لطالما كان يتمتع بصفة القلعة العسكرية، أبوابه أمام العالم، وأعيد تصنيفه كمتحف مفتوح.

وفي عام 1990، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) الكرملين كأحد المعالم الأثرية للتراث الثقافي.

ويضم متحف الكرملين رموز السلطة الروسية وعروش القياصرة والأسلحة القديمة والأواني الفخارية العريقة وغنائم الحروب مثل موقعة بولتافيا التي وقعت عام 1709.

ويمتد المجمع على حوالي 68 فدانا، ويتضمن ما لا يقل عن 15 مبنى، و20 برجًا، وحدائق. وفي حين يعيش الرئيس الأمريكي بالبيت الأبيض، لا يعيش رئيس روسيا في الكرملين.

ويضم الكرملين أكبر جرس في العالم، وهو جرس القيصر الذي لم يدق أبدا إذ أنه كسر خلال أعمال التشييد، كما يضم أيضا أكبر مدفع.

ويوجد أيضا اثنان من الأبراج العشرين الموجودة بالكرملين لم يطلق عليهما أسماء رسمية أبدا، ويعرفان بـ"بدون اسم 1" و"بدون اسم 2".

أما في ما يتعلق بتأمين الكرملين، فهناك "فوج الكرملين" الذي يسمى أيضا "الفوج الرئاسي" وهو فوج عسكري فريد وجزء من خدمة الحماية الفيدرالية الروسية وله صفة وحدة خاصة، ويعمل الفوج على ضمان أمن الكرملين، وكنوزه، ومسؤولي الدولة.

وطبقا للقانون الفيدرالي الصادر في 8 ديسمبر/كانون الأول 1997 لتخليد الانتصار السوفيتي في الحرب الوطنية العظمى بالفترة من 1941 إلى 1945، يحتفظ الفوج بحرس الشرف عند الشعلة الخالدة لقبر الجندي المجهول. ويوجد الفوج في ترسانة الكرملين التاريخية.