جبهتا لندن وإسطنبول.. اعترافات منير تفضح تناحر الإخوان
بحديث متناقض خالٍ من الحقائق حاول نائب المرشد العام للإخوان إبراهيم منير تدارك حالة انشطار وتصدع غير مسبوقة ضربت صفوف التنظيم الإرهابي.
لكن الحوار الذي بثته إحدى القنوات الإخوانية بالخارج مع منير، قبل ساعات، عزز من واقع الانقسامات التي تشهدها جماعة الإخوان منذ سنوات، وصلت أشدها خلال الأسبوعين الماضيين.
في بداية حديث منير، ادعى أن "وضع جماعته في موقف وحال أفضل بكثير من السنوات الأربع الماضية على مستوى القيادة والأفراد".
لكنه تجاهل حقيقة تصعيد المواجهة من جبهة الأمين العام السابق محمود حسين بإعلان عزله كنائب المرشد عبر مجلس شورى مطعون في شرعية قراراته الأخيرة.
اعتراف وتهديد
وفي حوار مدته ساعة ونصف الساعة، تجاهل إبراهيم منير تجاهل، الحرب الدائرة حاليا في قمة "رأس الإخوان" بين معسكره في لندن وجبهة محمود حسين، زاعما مجددا أن "الأزمة انتهت".
لكن بدا خط الإنكار الذي تبناه الإخواني الثمانيني، يتهاوى بمرور وقت الحلقة، فبدأت حالة الارتباك تظهر على منير وتوالت التناقضات إذ اعترف أن الجماعة تعيش "فترة تحزب" و"مشكلة كبيرة"، محاولا التهديد بالعنف كمسار قد تنتهي به الخلافات الحالية.
وقال منير متحدثا عن شباب الإخوان: "ثم يجدوا بعد هذا التاريخ نعيش فترة أحزاب وفلان وفلان"، مضيفا: "أخشى أن أذهب إلى الله وأمامنا مشكلة كبيرة قد تؤدي بنا إلى باب العنف هذا ما أخشاه".
وكانت مصادر كشفت لـ"العين الإخبارية" أن موجة غضب ضربت صفوف الإخوان خلال الأشهر الأخيرة، وصلت أشدها في الأيام الماضية، إذ خلت مناصب أوكلها المرشد العام إبراهيم منير من "تولية الكفاءات، وعدم الإقصاء، وتمكين الشباب"، وجميعها عناصر ادعت القيادات تحقيقها في التشكيل الجديد لما يسمى لجنة تربية القطر.
وأوضحت المصادر أن حالة الاستياء الإخوانية هذه دفعت بشباب التنظيم لشن هجوم على القيادات التي شملها التشكيل الجديد وهم الإخواني عبدالله عبدالقادر، وجمال أبوبدوي من أبرز الوجوه الإخوانية في كندا، وعثمان عناني، محملين الأخير ويشغل منصب أمين شورى إخوان تركيا على وجه الخصوص مسؤولية تصدير الأزمة.
تطور ثانٍ أهم وهو بمثابة القشة التي دفعت بصراع الإخوان إلى مرحلة ساخنة -بحسب المصادر المطلعة على تفاصيل الأزمة- وهو إصرار المرشد العام على التحرك بشكل منفرد، حيث أصدر قرارا داخليا بوقف 6 من قيادات الجماعة وجميعهم من أعضاء "الشورى" بتهمة الدعوة لاجتماع كان يهدف لحلحلة الأزمة.
إنكار وتبرير أخطاء
ومتطرقا لتفاصيل الأزمة، حاول منير، خلال حواره التلفزيوني، تبرير أخطائه الإدارية، باعترافات أدانته أكثر، بقوله: "كنت أتصور أن محمود عزت (القائم بأعمال مرشد الإخوان السابق) كان موجودا في مصر، وكنت أتصور أن كل ما كان يصل كان منه لي والعكس.. لما خرج من الصورة بدأت أشعر بخلل في المراسلات بين الداخل والخارج"، مستطردا أن الرسائل كانت تصله بشكل مغاير أو مغلوطة.
وتابع: بدأت في تصحيح الأمر ورفضت محاولة تأجيل اللائحة.. وقفت ضد ما يخرج عنها ويخالفها لأنني فوجئت بلوائح وتعديلات باللوائح في الخارج وبعض القطاعات وكلها غير صحيحة.
وبدا منير كعادة قيادات الإخوان متشبثا بكرسي نائب المرشد، قائلا: "أرفض تماما إقالتي.. لا أستطيع أن أبقى إذا كان الأمر بهذه الصورة.. لا أخالف أحد على المناصب ولا أريد هذا المنصب".
ومضى في مزاعمه أن ما حدث ليس بتصدع، بل وتجاهل حرب البيانات بين الأجنحة خلال اليومين الماضيين، فقال: "حتى الآن لم نسمع أنهم قبلوا أو لم يقبلوا (المجموعة الموقوفة). والذين فصلوا أنفسهم ليس بانشقاق، الانشقاق عندما يمشي (ينشق) نصف الإخوان.. إنما يمشي 10 أو 15 أو 30 أو 100 أو 1000 ليس انشقاق".
وفي أعقاب قراره بإيقاف 6 قيادات بالإخوان، وإحالتهم للتحقيق على خلفية "مخالفات إدارية وتنظيمية"، قرر مجلس الشورى العام للإخوان إعفاء "منير" من مهامه كنائب للمرشد العام وقائما بأعماله، مع إلغاء الهيئة الإدارية العليا، وإحالة ما بدأته من مشاريع إلى مؤسسات الجماعة التنفيذية والشورية المعنية.
وسرد منير واقعة داخل الجماعة، أراد بها باطل، لكنها دليل على تاريخ الجماعة في الانشقاقات واعتراف بالدوافع التي تقف ورائها، وهي الخلاف الذي دب بين حسين البنا ووكيله السيد السكري، عندما حاول الأخير الانشقاق عنه، مستكملا: "وخرج فعلا وبعد عدة سنوات خرجت أفراد على الجماعة.. طوال المسيرة ناس خرجت لا يعجبها العمل أو المسار".
ويبدو أن حالة التخبط كانت السمة الرئيسية لتصريحات منير، الذي ادعى أن "هناك إقبال من الشباب على جماعة الإخوان".
ثم عاد ليقول: "جماعة الإخوان لا تجبر أحدا أن يبقى فيها وقد نختلف حول المواقف والسياسات".
ومنذ تعيين إبراهيم منير في منصبه في 18 سبتمبر/أيلول العام الماضي، وعصف زلزال بأوساط الجماعة، توقع معه مراقبون أن يدفع بتمرد سيكون الأكبر في تاريخ التنظيم الإرهابي بين جيلي الوسط والشباب، وهو ما توالى حدوثه لاحقا.
تناقضات وعلامات استفهام
واستمرارا لمسلسل التناقضات، قال القائم بأعمال المرشد إن جماعته "ليست حزب سياسي لكنها دعوة دينية اجتماعية وغيرها ولها مبادئها"، ممنيا نفسه بالمستحيل "جماعة الإخوان ستعود إلى قوتها كما كانت من قبل".
وتناسى منير مساع جماعته الإرهابية لتجربة الحكم في دول عربية، قبل أن تلفظهم شعوب المنطقة وتًصنف كجماعة محظورة وإرهابية في 5 دول عربية وهي (السعودية - الإمارات - مصر - البحرين - سوريا).
كما أنها منحلة قانونيا في الأردن، وفي تونس ملفوظة شعبيا ومطرودة رسميا من الحكومة والبرلمان، وفي السودان خاضعة للتفكيك.
وفي مصر على وجه الخصوص، لا تترك الجماعة الإرهابية مناسبة إلا وتحاول استغلالها لتحقيق أغراضها، عبر التمسك بنهج العنف خيارا وحيدا من أجل العودة للحياة السياسية.
وحاول منير مغازلة الحكومة المصرية، ممسكا بورقة السجناء الإرهابيين من جماعته، خلال حواره، بقوله: "لن نعمل تحت الطاولة لو حدثت مبادرة يمكنها التخفيف أو الإفراج عن المعتقلين سنعلن عنها".
وليست المرة التي يثير فيها قيادات تنظيم الإخوان في الخارج ملف المصالحة السياسية مع الدولة المصرية، خاصة مع حالة الشتات والتدمير الذاتي التي تحيط بالجماعة وقواعدها التنظيمية، رغبة في غسل سمعتها من جرائم العنف والقتل والدماء.
الانشقاق قادم
سامح إسماعيل الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية يقول لـ"العين الإخبارية إن "حالة الارتباك التي ظهرت على إبراهيم منير عكست التخبط والارتباك في التنظيم ككل، حيث تعيش الجماعة حالة ارتباك حادة من الممكن أن تدخل بها إلى نفق مظلم لا نهاية له".
وعزا الباحث المتخصص التناقضات التي شهدها حديث منير إلى أنه "يشعر بنوع من الغضب من مجموعة أنقرة ومجموعة محمود حسين فهو يرى أن هذه المجموعة تمتعت بدعم تركي هائل وكبير على المستوى المادي والإعلامي والسياسي لكنها لم تستغله لصالح الجماعة ولكن لصالح مكاسب شخصية أبرزها الأموال الهائلة التي تمتلكها القيادات في تركيا في وقت تعاني فيه قواعد التنظيم الأهوال، وعليه ينظر إليهم أنهم صائدو فرص".
ويرى "إسماعيل" أن أحد الأسباب التي دفعت منير وساعدته على قرارات وقف قيادات إخوانية والتحقيق معها "خروج تركيا من المعادلة في أعقاب التقارب مع مصر واعتقد منير أنها فرصته في الإطاحة بمجموعة حسين بعد أشهر من التمهيد لذلك".
وأضاف: أيضا الارتباك يعكس نوع من فقدان الدعم كافي والكامل فمنير كان يبحث عن دعم أكبر لكنه دخل في صراع مع قيادات إخوانية مثل طلعت فهمي ومحمود حسين وهمام يوسف.
ولفت إلى أن هذه المجموعات لها أنصار ولجان إلكترونية لكنه يحاول في الوقت الضائع لإنقاذ التنظيم من الانشقاق لكنه قادم لا محال.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن "تنظيم الإخوان بصدد انشقاق من الكتلة الصلبة داخله ممكن أن تطيح به ككل وبوجوده في الوقت الحالي وسنوات قادمة".
aXA6IDUyLjE0LjI3LjEyMiA=
جزيرة ام اند امز