"إمامنا منير".. تناحر الأجنحة يفجّر الإخوان ذاتيا
منحدر سحيق تبلغه الخلافات بين جبهتي الإخوان في تركيا وبريطانيا يعمق انشطارا غير مسبوق داخل تنظيم إرهابي يعيش حالة تدمير ذاتية.
"لنا إمام هو إبراهيم منير".. هكذا حسم عدد من رموز الإخوان موقفهم، معلنين "تجديد البيعة" لنائب المرشد العام والقائم بأعماله، ودعمه في مواجهة جبهة التنظيم بتركيا بقيادة الأمين العام السابق محمود حسين.
ووفقا لما رصدته "العين الإخبارية"، يعيش الإخوان حالة انشطار غير مسبوقة بين قيادات تاريخية حسمت موقفها لصالح منير، مقابل تصعيد المواجهة من جبهة الأمين العام السابق، بإعلان عزل نائب المرشد عبر مجلس شورى مطعون في شرعية قراره، فيما يطالب قسم ثالث في الإخوان من الشباب بأن يتقدم الصفوف، ويطيح بقيادات الجبهتين.
واشتعلت الحرب الدائرة في قمة "رأس الإخوان" بين جبهة محمود حسين، ومعسكر إبراهيم منير المقيم في لندن، وكان محركها الأول الصراع على المال والمناصب والنفوذ.
ووصل الخلاف ذروته بعد قرار منير تحويل حسين ومجموعة من القيادات المحسوبين على تياره، إلى التحقيق بتهم فساد إداري ومالي، بعد عزلهم جميعا من مناصبهم.
"إمامنا منير"
بدا لافتا تسابق عدد من رموز الصف الأول الإخواني للتبرؤ من "جبهة حسين"، مشددين على رفضهم لخطواته التي وصفوها بـ"الانقلابية".
"لنا إمام هو إبراهيم منير، والإمام له السمع والطاعة في العسر واليسر، حسب أركان بيعتنا العشرة؛ فلا نقطع حبلنا فيفرط عقدنا".. هكذا قال القيادي محمد البحيري، في تجديد بيعته لمنير.
ويصف مراقبون البحيري بـ"الرجل الغامض" في التنظيم الذي يدير ملفات الإخوان إداريا وماليا وتنظيميا، بل يعتبرونه أكثر قوة وفاعلية من إبراهيم منير.
واستطرد "البحيري" في بيان داخلي، قائلا: "لا يصح أن يكون موجود إماميْن في صلاة، ولا جماعتين في مسجد، وقد كان هذا أول فساد أمر المسلمين، وما الفتنة بين الصحابة عنا ببعيد".
وزعم "البحيري" أن دعوة الإخوان منتشرة في كل الدنيا، وهي "تُحارب محاربة شديدة، وأشد أنواع المحاربة هي التي من داخلها، وهذا واضح لنا جميعا. لذا يجب أن نحذر كل الحذر".
كما أعلن المفوض السابق للعلاقات الدولية في التنظيم الدولي للإخوان، يوسف ندا، تأييده وثقته في نائب المرشد العام، مضيفا: "من يحاولون شق صف الجماعة ليسوا إخوانا، وإن كانوا مسلمين".
وتابع ندا في تصريحاته لأحد المواقع الإخوانية: "لقد بايعنا الأستاذ إبراهيم منير كقائم بأعمال المرشد العام، بينما لم نبايع لا نحن ولا غيرنا قبل المحنة الحالية أو في أثنائها أيّا كان مع أي صفة أُعطيت له في وقت سابق، ليعطي نفسه سلطة وقف إبراهيم منير أو تعيينه".
وأضاف أنها ليست المحاولة الأولى لـ"تشتيت الصف"، متسائلا: "هل أصبحت الأنا هي التي تُحدد المسيرة؟ فإن أُعطوا منها رضوا، وإن لم يعطوا منها فهم يسخطون".
واستخدم "ندا" سلاحا جديدا ضمن أسلحة الحرب الدائرة بين الجبهتين، وهي الشكوى لله، قائلا: "قبلنا ما حدث من أعدائنا، وهو المتوقع، لكن أن نراها ممن كان يتقدم الصف، فنقول له حسبنا الله ونعم الوكيل، ونؤكد أننا بخير، وصف الجماعة مرصوص بحمد الله، لن ينقصه أن يخرج عنه قلّة ضعف إيمانها، وقلّت تضحياتها في سبيل الله والدعوة".
من جانبه، قال محمود الإبياري، عضو مكتب الإرشاد بالإخوان، في بيان له: "في عنقنا بيعة لدعوة الله، ولا نخلع يدا من طاعة، وأستاذنا الأستاذ إبراهيم منير له السمع والطاعة في العسر واليسر".
ولم يكتف الإبياري في تأييده لمنير بذلك، بل زعم أن دعوتهم (الإخوان) هي دعوة الحق، قائلا: "كامل الصلاحيات تحت راية دعوة الحق والقوة والحرية التي تمثل دعوة الإسلام بمفهومه الشامل".
أما جمال حشمت، عضو مجلس شورى الجماعة، فقال عقب إعلان تجديد البيعة لمنير: "ما زال حسين يحتكر موقع إخوان أون لاين ومؤسسات الجماعة التي تدار بأموال الإخوان لحساب قيادة متسلطة وإقصائية ومتغطرسة أقصت كل من خالفها، ثم بعد ذلك يتكلمون عن المؤسسية والشورى واللائحة بينما هم خالفوا كل ذلك".
ضد الجبهتيْن
وبعيدا عن تأييد البعض وتجديدهم البيعة لـ"منير"، أو تحركات "جبهة حسين" للإطاحة بالقائم بأعمال مرشد الإخوان، هاجم طرف ثالث في التنظيم، كلتا الجبهتين.
وقال أحمد عبدالعزيز، القيادي الإخواني عضو الفريق الرئاسي لمحمد مرسي، عبر حسابه بموقع تويتر: "هؤلاء الأعزاء لا يقبلون التسليم بأن هذه الجماعة تأسست لإنجاز مهمة محددة (مؤقتة)، تنتهي بالنجاح أو الفشل، ولم تتأسس لتدير شؤون الأمة".
"كما أنهم" -يضيف- "لا يريدون التسليم بإمكانية أن تتحقق هذه المهمة على يد رجل آخر، غير البنا (مؤسس التنظيم)، وعلى يد آخرين غير الإخوان المسلمين".
أيضا، اعتبر عاصم عبد الماجد، القيادي الإخواني الهارب إلى تركيا، أن "مهزلة صراعات قادة الإخوان تتسع؛ طلعت فهمي (المتحدث الإعلامي باسم الجماعة) يعلن في فيديو عزل إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد، والأخير يؤكد أن محمود حسين ومجموعته أصبحوا خارج جماعة الإخوان".
وأردف: "هذه القيادات ضيعت مصر والعالم العربي ولم تهتز لها شعرة، وحاليا منشغلة بتفتيت جماعتها، هذه المهازل تستدعي ظهور قائد يزيح كل هؤلاء المهزومين الحريصين على الكراسي هم ولوائحهم وقراراتهم وينقذ ما يمكن إنقاذه"، على حد تعبيره.
يشار إلى أنه -في تطور جديد بملف الحرب الدائرة بين الجبهتين-، قال منير في كلمة مسجلة قبل يومين، ردا على إعلان جبهة حسين إعفاءه من منصبه، إن "قرار إعفائه والعدم سواء".
وزعم منير أن "الجماعة ستمضي قوية ومتحدة الصف، رغم ما يثار من مشاكل من بعض الأطراف داخل الجماعة"، في إشارة إلى مجموعة حسين، متهما عددا من قيادات التنظيم بمحاولة السيطرة عليه، عبر الإعلام وبدون فهم للوائح الداخلية له.
لكنه اعترف -في الآن نفسه- بأن المرحلة "صعبة" ما يشي بعمق الانقسامات التي تضرب التنظيم في عمقه وتهدد بتفجيره ذاتيا.
خطوة مضادة
وفي وقت سابق، لم يكتف منير بإيقاف 6 قيادات بالإخوان، بل أحالهم للتحقيق على خلفية "مخالفات إدارية وتنظيمية".
وتشمل لائحة الموقوفين: الأمين العام السابق للجماعة وعضو مكتب الإرشاد محمود حسين، ومسؤول رابطة الإخوان المصريين بالخارج محمد عبدالوهاب، وعضو مجلس الشورى العام ومسؤول مكتب تركيا السابق همام علي يوسف، وأعضاء مجلس الشورى العام.
لكن وفي خطوة مضادة، قرر مجلس الشورى العام للإخوان إعفاء منير من مهامه كنائب للمرشد العام وقائم بأعماله، مع إلغاء الهيئة الإدارية العليا، وإحالة ما بدأته من مشاريع إلى مؤسسات الجماعة التنفيذية والشورية المعنية.
وقال المتحدث الإعلامي باسم الجماعة طلعت فهمي، عبر مقطع فيديو نشره موقع إخواني، إن "اجتماع مجلس الشورى جاء في إطار ضبط ومراجعة أداء مؤسسات جماعة الإخوان وفق ضوابطها وثوابتها وأدبياتها".
وأكد فهمي المحسوب على جبهة محمود حسين، أنه تقرر إعفاء "منير من موقعه كنائب للمرشد وقائم بعمله، مع بقائه في تكليفاته الخارجية خارج القطر المصري".
aXA6IDE4LjIxOS4yMzEuMTk3IA== جزيرة ام اند امز