رحلة اللجوء الفلسطينية في فيلم "البرج" بـ "القاهرة السينمائي"
"البرج" فيلم رسوم متحركة من إنتاج فرنسي سويدي نرويجي، يطرح أبرز محطات رحلة اللجوء الفلسطينية في مهرجان القاهرة السينمائي.
يخلع الرجل العجوز سلسلة ذهبية يتدلى منها مفتاح .. يتأمله برهة من الزمن قبل أن يعطيه لطفلة صغيرة، ويطلب منها الاعتناء به.
العجوز هو الجد الأكبر وابن أسرة أُجبرت مع ثلثي سكان فلسطين على النزوح عن أرضها، مع قيام إسرائيل عام 1948, والطفلة ابنة حفيد الجد، وتُمثل الجيل الرابع من الفلسطينيين، ممن لا يعرفون وطنا سوى المخيمات.
وأما المفتاح فيخصّ الدار التي تركها الجد مع عائلته، وظلّ يتمنى العودة إليها في يوما من الأيام.
قصّة يقدّمها فيلم "البرج" للمخرج النرويجي ماتس جرورد، والذي عُرض أمس الأحد ضمن مسابقة الدورة الأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
ويُعد الفيلم الروائي الطويل، العمل الأول لمخرجه، إذ قضى ماتس جرورد مدة عام في مخيم "برج البراجنة" على مشارف العاصمة اللبنانية بيروت، واستمع إلى قصص سردتها أجيال متعاقبة من اللاجئين.
يروي العمل، وهو إنتاج فرنسي سويدي نرويجي، قصة الطفلة وردة التي تخشى أن يكون جدّها سلّمها مفتاح الدار، نتيجة يأسه وفقدانه أمل العودة إلى وطنه.
وتحاول الطفلة زرع الأمل في نفس جدّها، فتتسلق البرج بمخيم "البراجنة" الذي تقيم داخله أجيال من أسرتها، حتى تتحدّث معهم وتتعرّف إلى أهم المحطات التي عاشها اللاجئون.
وينقسم الفيلم إلى جزأين، يتناول الأول الواقع الراهن بتقنية إيقاف الحركة أو إظهار الرسوم؛ وكأنها تتحرك من تلقاء نفسها، بينما يتطرّق الجزء الثاني إلى الماضي، وتم تصميمه بتقنية ثنائية الأبعاد، وكأن المخرج اختار نزْع البعد الثالث عن الشخصيات كي يُرسّخ علاقتها بالتاريخ.
في المحطة الأولى، تقف وردة مع الجد الأكبر الذي يخبرها كيف أُجبر مع أسرته على مغادرة أرضهم، يوم "النكبة"، حتى استقر بهم الحال على مشارف بيروت وتحوّل المكان إلى مخيّم يُسمى "برج البراجنة".
ويسرد الجدّ قصة استلامه مفتاح الدار عن أبيه، في صورة رمزية تُحيي دائما أمل العودة إلى البيت والأرض المسلوبة.
تواصل وردة صعود البرج، وتتوقف في كل بيت، حيث تلتقي أشخاصا يفتحون أمامها أبواب التاريخ، وأبرز هؤلاء الجد لطفي المنتمي سابقا إلى المقاومة الفلسطينية الشعبية، والخالة حنان التي كانت تخشى ظلام الملاجئ أثناء الغارات، وفضّلت مواجهة القصف، إلى جانب "رجل الحمام" المصاب بصدمة نفسية بعدما قُتِل صديق طفولته، أمام عينيه، قنصا بالرصاص.
وعلى الرغم من تناقص الأمل، ازدادت وردة تشبثا بحلم العودة، وأن تمنح جدّها يقينا بحفاظها على المفتاح والرجوع يوما ما.
وقال المخرج جرورد، خلال ندوة عقب العرض، أنه لم يرد الإغراق في تفاصيل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، موضحا: "أردت أن أحكي قصة إنسانية، لو كنت تناولت تفاصيل الصراع السياسي لاتّهموني في أوروبا بمعاداة السامية .. فضّلتُ تسليط الضوء على الجانب الفلسطيني دون الوقوع في الفخّ".
وعند سؤاله عن سبب حديث الشخصيات باللغة الإنجليزية، أجاب جرورد: "هناك نسخ مدبلجة من الفيلم باللغات العربية والفرنسية، وقرّرت عرض النسخة الإنجليزية لأنها لغة عالمية، وحتى أضمن التواصل مع أكبر عدد من الناس وتعريفهم بالمعاناة الفلسطينية".
ويُذكر أن أنشطة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي تتواصل إلى الـ 29 من نوفمبر / تشرين الثاني 2018.