"المويسكا" تعود للحياة في كولومبيا.. وتحيي "الطب التقليدي"
جماعة المويسكا يعتبرون أنفسهم أحفاد إلهة الماء "باشوا" بحسب معتقداتهم كما أنهم مشهورون بأسطورة "إل دورادو".
أجواء تراثية قديمة يتخللها قرع الطبول وصوت كالرياح يندفع من آلة الناي، يدوي صداها تحت سقف قماشي حيث تستقر أسفله على الأرض شمعات مضاءة وإناء ماء.
يكتمل المشهد برجل كولومبي ينتمي للسكان الأصليين، في رداء بونشو أبيض وقبعة مخروطية الشكل، يخاطب نحو 100 شخص بلغة مويسكا القديمة.
ويقف المشاركون ويستديرون ليواجهوا الاتجاهات الأربعة، رافعين أياديهم لطلب الإذن من الأرض لكي يستهلوا اجتماعهم، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
لم يتم الاجتماع المخصص لمناقشة شؤون جماعة المويسكا في واحدة من مئات المحميات القروية للسكان الأصليين في كولومبيا، سوى في منطقة سوبا بالعاصمة الصاخبة بوجوتا.
وينتمي المشاركون إلى قبيلة مويسكا العرقية التي كانت تتمتع بنفوذ يوما ما والتي كان يعتقد اندثار سلالتها على نطاق واسع. لكنها عادت إلى الظهور مجددا في شكل حضري لاستعادة حقها في تراثها الثقافي.
حينما بلغ الغزاة الإسبان بقيادة جونزالو خيمينيز دي كيسادا شواطئ ما يعرف حاليا بكولومبيا خلال ثلاثينيات القرن السادس عشر، واجهوا شعب المويسكا الذي كان يستوطن مناطق تفوق مساحة سويسرا، في شمال ووسط المنطقة.
ويعتبر المويسكا أنفسهم أحفاد إلهة الماء "باشوا" بحسب معتقداتهم، كما أنهم مشهورون بأسطورة إل دورادو، التي تقول أشهر قصة عنها إن قبيلة المويسكا كانت تلقي أغراضا ذهبية كقرابين للأرواح في بحيرة جواتافيتا شمال شرقي بوجوتا.
والآن يجري عرض الأعمال الفنية الذهبية للمويسكا في متحف الذهب ببوجوتا، كما خلف المويسكا وراءهم تقويما قمريا ممثلا في الموقع الأثري المعروف بـ"إل إنفيرنيتو".
وتم فرض حظر على لغة المويسكا في عام 1770، كما فقدوا معظم أراضيهم- بسبب الغش أو العنف، حسبما يرددون- لصالح المستعمرين أو مستوطني حقبة ما بعد الاستقلال، أو الشركات العقارية أو النازحين جراء الصراع المسلح في كولومبيا.
لكن أحفاد المويسكا يحتفظون بكثير من تقاليدهم، كشراب الشعير المعروف بـ"تشيتشا" وعادات مضغ نبات الكوكا المقدس، وتشارُك العائلات المنازل.
ويقول إيفان نيفياو رئيس مجتمع المويسكا في منطقة سوبا إن المويسكا بدأوا تنظيم أنفسهم في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي لاستعادة حقهم في الأرض والثقافة.
وحين تبنت كولومبيا دستورا يعترف بالحقوق الأساسية للسكان الأصليين في عام 1991، أصبح مجتمع المويسكا في سوبا أول تجمع للسكان الأصليين يتم الاعتراف به رسميا في إحدى المدن.
والآن تحظى مجموعات المويسكا بالاعتراف الرسمي في مدن بوسا وسيسكيله وكوتا وتشيا، ليبلغ تعدادهم في نطاق العاصمة بوجوتا نحو 22 ألف نسمة، وفقا لممثلين عنهم، ولكن الإحصاءات الرسمية تقدر تعدادهم بحوالي 14 ألف نسمة.
وفي سوبا، يقع مركز السلطة التقليدي للسكان الأصليين والمسمى بـ"كابيلدو" في الميدان الرئيسي للمنطقة، بين مقهى وبنك، ويفتقد كثير من أحفاد المويسكا الملامح الشكلية المعروفة عن السكان الأصليين.
وللانضمام إلى مجموعات المويسكا، يتعين على من يطلب ذلك إثبات أصوله بالاعتماد على لقب العائلة وشجرتها، وشهادات السكان المحليين.
وتقول أنجيلا تشيجواسوكه، رئيسة مجموعة المويسكا في بوسا، وبرفقتها خوسيه ريجوبيرتو، وهو ممارس للطب التقليدي، إن المويسكا أعادوا إحياء الطب التقليدي في المدينة بمساعدة مجموعات أخرى من السكان الأصليين ممن مازالوا يمارسونه.
أما في سيسكيليه، فإن مجتمع المويسكا أعاد إحياء طقوس العبور للبنين والبنات إلى جانب الاحتفالات السنوية على بحيرة جواتافيتا.