باريس سان جيرمان وبايرن ميونيخ مدرستان مختلفتان في الإنفاق والإدارة، يلتقيان في صدام مثير في دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا
صباح الخميس كانت صحيفة "فرانكن بوست" الألمانية تنشر تصريحاً لرئيس بايرن ميونيخ يسخر فيه من سياسة بعض الأندية في الإنفاق ببذخ على الصفقات، حيث قال أولي هونيس في حديثه عن باريس سان جيرمان الذي يتمنى أن يتسيد قارة أوروبا لسنوات: "كلما أسمع هذه الكلمات أضحك، بعيداً عن ريال مدريد، لم يفز أي فريق عدة مرات بدوري أبطال أوروبا في السنوات الأخيرة، والأندية التي تنفق ببذخ مثل باريس لم تحقق أي شيء حتى الآن، أنا لا يقلقني الإنفاق الكبير ولكن أقلق من الفرق التي تفوز بالألقاب.".
كتيبة الخليفي بإمكانها أن تضم أي لاعب ولكن العقلية الإدارية والفنية تبقى هي الأهم من أجل التخطيط للنجاح ومن ثم تحقيقه
وفي المساء كانت قرعة دوري أبطال أوروبا تضع الباريسيين في مواجهة العملاق الألماني بايرن ميونيخ في المجموعة الثانية، مع أندرلخت البلجيكي وسيلتك الاسكتلندي.
بعيداً عن حقيقة أن بايرن وباريس هما الأقرب للتأهل للدور القادم فإن التحدي بين المدرستين سيكون مختلفاً عن أي تحد آخر، فالألمان هم مدرسة الإنفاق المتوازن وتصنيع النجوم والاعتماد على الناتج المحلي، أما الفرنسيين فلديهم الأموال قبل كل شيء بفضل ناصر الخليفي رئيس النادي الذي لا يبخل على العاصميين بشيء رغم عدم امتلاكه فلسفة محددة.
في السنوات الأخيرة أنفق باريس مئات الملايين على صفقات قوية ولامعة كان آخرها نيمار وداني ألفيش ومن قبلهم يوليان دراكسلر قائد ألمانيا في القارات وزلاتان إبراهيموفيتش وأنخيل دي ماريا وإدينسون كافاني والآن السعي وراء كيليان مبابي.
على الجانب الآخر فالوضع في بافاريا مختلف تماماً إذ أن أغلى صفقة في تاريخ النادي كانت كورنتون توليسو مقابل 41.5 مليون يورو أقل من ربع صفقة نيمار.
حتى عند التعاقد في 2009 مع آريين روبين من ريال مدريد أو فرانك ريبيري من أولمبيك مارسيليا قبلها بعامين مقابل 25 مليون للأول ومثلها للثاني لم تكن تلك الأرقام تحدث ضجة في الوسط الكروي ولم يكن الثنائي هو الأهم في سوق الانتقالات.
إن إدارة بايرن ممثلة في هونيس وكارل هاينز رومينيجه الرئيس التنفيذي كانت من أكثر المنتقدين لصفقة انتقال نيمار لباريس والمبلغ الهائل المدفوع فيها إذ أن رومينيجه قارن بين شراء لاعب بهذا المبلغ الهائل وتكلفة بناء ملعب إليانز آرينا مانحاً الأولوية للاختيار الثاني.
مؤخراً أعلن بايرن عن إنشاء أكاديميته الجديدة، مؤكداً أن الهدف منها هو إخراج نجوم قادرة على الزود عن اسم بايرن ومنتخب ألمانيا في قادم السنوات، يخرجون من أكاديمية تمتلك إمكانيات أعلى وتصميم حديث.
على الجانب الآخر في باريس لا تزال الأموال موجودة على الطاولة لخطف مبابي أهم مهاجمي فرنسا في العام الأخير وبعد مبابي سيكون البحث عن نجم آخر وآخر.
في مدريد ظل فلورنتينو بيريز يبحث عن النجوم سنة تلو الأخرى، ريكاردو كاكا وتشابي ألونسو وكريستيانو رونالدو وكريمة بنزيمة ولوكا مورديتش وجاريث بيل وأنخيل دي ماريا ومسعود أوزيل وآخرين وآخرين، ولكن النادي كان يعاني الفشل في لحظات كثيرة حتى بات الآن يمتلك فريقين بالمعنى الحرفي للكلمة، لدرجة أن البدلاء يرهبون كل كبار أوروبا، وبالطبع لم يكن المال وحده أو النجومية وحدها هي السبب وراء ذلك.
ابحث عن زين الدين زيدان ومن قبله كارلو أنشيلوتي ومن قبله جوزيه مورينيو، في حقبة كارليتو حقق باريس أفضل ظهور أوروبي قاري له بالتأهل لربع النهائي والخروج بقاعدة الهدف خارج الملعب بهدفين ضد برشلونة في عز سطوته، وفي الموسم الذي تلاه كان أنشيلوتي بطل الشامبيونز العاشرة في تاريخ الفريق الملكي، مورينيو بنى فريقاً مدريدياً بروح جديدة، وزين الدين زيدان حقق ما لم يحققه مدرب آخر في التاريخ الحديث.
ليست المشكلة أن ينفق باريس ولكن لا بد من وجود فلسفة فنية وإدارية تتحكم في هذا الإنفاق، إن كتيبة الخليفي بإمكانها أن تضم أي لاعب ولكن العقلية الإدارية والفنية تبقى هي الأهم من أجل التخطيط للنجاح ومن ثم تحقيقه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة