أغضبت الصدر ودفعته لتجميد نشاطات "التيار".. من هي "أهل القضية"؟
"مغلق حتى إشعار آخر" بهذه الكلمات أعلن زعيم التيار الصدري إغلاق حسابه عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، في خطوة لطالما كررها مقتدى الصدر في مواقف عدة.
إلا أن قرار الصدر هذه المرة لم يكن نابعا من موقف سياسي أو نتيجة تناحر مع بعض القوى السياسية، بل إنه جاء في أعقاب تداول مقطع فيديو، دفعه سريعا إلى إعلان التبرؤ منه، وإغلاق حسابه لمدة عام.
فماذا حدث؟
منصات إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي تداولت الليلة الماضية مقطع فيديو منسوبا لأحد مؤيدي جماعة تطلق على نفسها "أصحاب القضية" أو "أهل القضية".
ذلك المقطع المتداول تحدث فيه رجل ملثم لم يكشف هويته، داعيا إلى "حملة إعلان البيعة للإمام الموعود المنتظر مقتدى الصدر"، في إشارة إلى الأمام الغائب المهدي الذي يأمل الشيعة عودته، وهو الإمام الثاني عشر لدى الشيعة الإمامية.
وما إن انتشر هذا المقطع كالنار في الهشيم حتى سارع زعيم التيار الصدري إلى التبرؤ منه، في بيان عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قائلا فيه: أن أكون مصلحاً للعراق.. ولا أستطيع أن أصلح التيار الصدري فهذه خطيئة".
زعيم التيار الصدري أضاف في بيانه "أن أستمر في قيادة التيار الصدري وفيه أهل القضية وبعض من الفاسدين، وفيه بعض الموبقات.. فهذا أمر جلل"، متابعا "فلذا أجد من المصلحة تجميد التيار أجمع ما عدا صلاة الجمعة وهيئة التراث وبراني السيد الشهيد لمدة لا تقل عن سنة.. لأعلن براءة من كل ذلك أمام ربّي أولاً وأمام والدي ثانياً".
تجميد الأنشطة
واختتم مقتدى الصدر بيانه بقوله "كما يغلق مرقد السيد الوالد (قدس) إلى ما بعد عيد الفطر. على أن تنفذ هذه القرارات من هذه الليلة المباركة فوراً".
بعدها بساعات، نشر الصدر تغريدة ثانية، أعلن فيها غلق حسابه عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إلى حين إشعار آخر، قائلا فيها: "الحساب مغلق إلى إشعار آخر".
بدوره، قال صالح محمد العراقي المتحدث باسم زعيم التيار الصدري، في تغريدة عبر حسابه بـ"تويتر": "بأمر من سماحته.. تم إلغاء الاعتكاف في مسجد الكوفة المعظم، وبسبب تصرفات الفاسدين ممن يسمون بأهل القضية.. لا بارك الله بهم".
وكما فعل الصدر، سار "وزيره" على خطاه، فأعلن العراقي إغلاق حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إلى إشعار آخر.
قرار مقتدى الصدر أثار الكثير من الجدل على الساحة العراقية، مما دفع محكمة تحقيق الكرخ إلى إصدار قرار يوم الجمعة، قررت فيه توقيف "عصابة ما يسمى أصحاب القضية".
وقال إعلام القضاء، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن "محكمة تحقيق الكرخ قررت توقيف 65 متهما من أفراد "عصابة ما يسمى أصحاب القضية التي تروج لأفكار تسبب إثارة الفتن والإخلال بالأمن المجتمعي"، مشيرا إلى أن "ذلك جاء بالتنسيق مع جهاز الأمن الوطني باعتباره الجهة المختصة بالتحقيق".
ماذا نعرف عن "أصحاب القضية"؟
يقول الأكاديمي العراقي أحمد رسول، في سلسلة تغريدات عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إن "أصحاب القضية" تشكل إحدى "الانحرافات الفكرية والعقائدية التي تهدد السلم المجتمعي في العراق".
وأوضح الأكاديمي العراقي أن "أصحاب القضية" هي حركة سياسية مهدوية "متطرفة، انشقت عن جيش المهدي (الجناح العسكري للتيار الصدري) في محافظة ميسان، بسبب خلافات حدثت مع الشيخ حميد الكعبي مسؤول مكتب التيار الصدري في العمارة".
وأشار إلى أن واجهة العمل فيها يتصدرها مجموعة من المشايخ ممن كانوا يعملون ضمن تشكيلات جيش المهدي سابقا بقيادة (الشيخ حيدر محمد جبر النجار)، مؤكدا أن "الأفكار الدينية المتطرفة، والصراع على مراكز النفوذ والقرار تعد من أهم أسباب انشقاق هذه الحركة عن التيار الصدري.
وبحسب الأكاديمي العراقي فإن "أصحاب القضية" تعد من الحركات شديدة التطرف، ونُسبت لها الكثير من عمليات العنف والاغتيال في محافظة ميسان قبل 2012، وتنقسم إلى جماعتين الأولى مجموعة (حركة روح الله) ويعتقد أفرادها بأن الخميني هو الإمام المهدي، وأنه لم يمت، بل غاب وسيظهر.
أما المجموعة الثانية فتسمى "حركة النبأ العظيم"، وهي التيار الرئيس في هذه الحركة، ويؤمن أفرادها بأن مقتدى الصدر هو الإمام المهدي، باعتبار أنه قد قتل في معركة النجف الثانية عام 2004، وأن الشخص الموجود حالياً هو الإمام المهدي الذي حل في جثمان مقتدى الصدر، حسب أحمد رسول.
الانتشار ومناطق النفوذ
تنتشر جيوب هذه الحركة في محافظة ميسان، حسب الأكاديمي العراقي، الذي قال إنها بدأت في الانتشار مؤخرا في مدينة بغداد، خصوصاً مدينتي الصدر والشعلة، وفي محافظتي الناصرية والبصرة.
وأشار أحمد رسول إلى أنه رغم كون هذه الحركة ناشئة وصغيرة نسبيا بالقياس إلى الحركات الأخرى، إلا أنها "شديدة الخطورة، لأنها لا تؤمن بغير العنف وسيلة لتحقيق أهدافها"، مؤكدا أنها من الناحية الفكرية تعد امتدادا للحركات المهدوية المغالية الأكبر منها والأسبق تأسيسا.
وبحسب الأكاديمي العراقي فإنه "يوجد في مناطق الوسط والجنوب العراقي العديد من هذه الحركات والمجاميع التي يصعب إحصاؤها، لكثرتها من ناحية وتكتمها وسرية عملها من ناحية أخرى، إلا أنها جميعا تنتمي إلى منظومة فكرية سياسية واحدة، يجمعها: الغلو والتكفير والإرهاب".
وأشار إلى أن "أصحاب القضية" وما انبثق عنها من حركات "تخيم عليها شبهة الارتباط بجهات داخلية وخارجية تعمل على خلق صراعات داخلية واصطدامات مسلحة ضمن التيار الصدري والعراق عموماً لمصلحة أجندات سياسية داخلية، شيعية وغير شيعية وأخرى خارجية".
لكن ما موقف مقتدى الصدر منها؟
في فبراير/شباط 2009، كان مقتدى الصدر أجاب عن استفتاء قدم إليه أعلن عن طريقه براءته من الذين وصفهم بـ(الضالين المنحرفين عقيدًة وفكراً)، خاصةً عناصر "حركة أصحاب القضية" الذين يتبنون فكرة: أن "مقتدى الصدر هو الإمام المهدي المنتظر".
ودعا زعيم التيار الصدري في تصريحاته الصادرة -آنذاك- من وصفهم بـ"المؤمنين" بمحاربة تلك الجماعة فكرياً وثقافياً وعقائدياً، كما دعا طلبة الحوزة إلى التصدي للحركات "المنحرفة بقوة".
وبحسب رسول، فإن توترات شقت طريقها إلى العلاقة بين هذه الحركة والتيار الصدري، مشيرا إلى أن بعض الاشتباكات الصغيرة حدثت فيما بينهم، لكنها لم تتطور إلى مواجهات واسعة.
aXA6IDE4LjExOC4xMjYuNjkg
جزيرة ام اند امز