جمعة موحدة.. هل حانت عودة الصدر للمشهد العراقي؟
صلاة جمعة موحدة أقامها التيار الصدري بالعراق في خطوة قد تشكل مدخلا لعودة سياسية من شأنها أن تقلق خصومه في "الإطار التنسيقي".
تطورات يرى مراقبون أنها تضع العراق على شفا تصعيد جديد في ظل توقعات بأن يتوجه التيار الصدري لإنهاء فترة الاعتكاف والعودة للتصدي لعملية صامتة يقودها خصومه لتحجيم حضوره بمفاصل السلطة التنفيذية.
فبعد تعطيل استمر أكثر من 4 شهور على وقع أزمة حادة كادت أن تعصف بالعراق، يعود التيار الصدري إلى إقامة صلاة موحدة غالباً ما يعتمدها في تحشيد وتوجيه أنصاره بشأن الأحداث الراهنة.
وأظهرت وثيقة صادرة عن التيار الصدري، اطلعت عليها "العين الإخبارية"، الدعوة إلى إقامة صلاة جمعة موحدة في كل محافظات العراق باستثناء البصرة (جنوب) والتي تحتضن بطولة "خليجي 25".
ورغم خروج زعيم التيار مقتدى الصدر من العملية السياسية واختيار العزلة عقب تنازع مع خصمه الشيعي من "الإطار التنسيقي" (المظلة السياسية للقوى المقربة من إيران)، إلا أن ذلك لم يقلل من أهمية تأثيره في مراقبة وتوجيه الأحداث في حال اختار في أي لحظة العودة إلى المشهد.
ويعتمد التيار الصدري على قاعدة جماهيرية واسعة لها تأثير كبير على تحريك الشارع، وعادة ما تتسم بالولاء التام لزعيمها والقدرة على الصمود أمام أي تحديات أو ضغوط سياسية.
خيوط الأزمة
وعاش الصدر أزمة معقدة مع قوى "الإطار التنسيقي" بدأت مع إعلان نتاج الانتخابات التشريعية المبكرة والتي خرج منها بأكبر الفائزين ومن ثم الدعوة إلى حكومة وطنية دون اعتماد معيار الانتماء الطائفي والهوية المذهبية في تشكيل التحالفات التي اعتاد عليها العراق ما بعد 2003.
ودفعت الضغوطات التي مارستها قوى الإطار التنسيقي والانسداد الذي أصاب العملية السياسية لشهور إلى إخضاع اتباعه النواب بتقديم استقالتهم والنأي بعيداً عن مجريات الصراع على تشكيل الحكومة.
وعمد الصدر إلى تحريك أنصاره لاحقاً باقتحام المنطقة الرئاسية المحصنة ببغداد وإعلان الاعتصام المفتوح بعد رفع دعوات حل البرلمان والمضي نحو انتخابات تشريعية مبكرة جديدة بإشراف أممي.
وخلال الاعتصام، أقام التيار الصدري صلاة مليونية موحدة جمعت مختلف الأطياف والطوائف في محاولة لتأليب الشارع الاحتجاجي ضد المحاصصة والنهج الطائفي الذي بات سلوكاً متجذراً في بناء الحكومات العراقية.
وبسبب تلك الدعوات، دخلت مرحلة المواجهة بين الصدر وخصومه من الإطار التنسيقي مرحلة خطرة وصلت إلى الصدام المسلح عند أبواب المنطقة الخضراء أواخر يوليو/ تموز 2021، انتهت بمقتل وإصابة العشرات من كلا الطرفين.
وأطبقت تلك الأحداث المتصاعدة مع تحول الحلفاء إلى معسكر الإطار على تمسك الصدر بقرار الاعتزال والاكتفاء بمراقبة الأداء السياسي والحكومي عقب وصول محمد السوداني إلى منصة القصر الحكومي في أكتوبر/ تشرين أول الماضي.
توقيت وأهداف
يقول المحلل السياسي مناف الموسوي إن "عودة الصلاة الموحدة للتيار الصدري جاءت في توقيت مقصود وضمن أهداف وغايات يفرضها الواقع وبما يراه الصدر من ضرورة للتذكير بأنه ما زال وسيبقى حاضراً في التأثير والتغيير".
ويضيف الموسوي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "الصدر وبحكم موقعه وسيرته الوطنية والدينية وحتى تاريخه المرجعي، يحتم عليه البقاء متصلاً مع الأحداث سواء كان حاضراً في العملية السياسية أو خارجها، وهو ما يدفع بالدعوة إلى إحياء صلاة موحدة تعود بالجمهور الصدري وتحزم أربطته باتجاه زعيمه على أن يكونوا رهن الإشارة والتحضر لأي متغير أو طارئ".
ويعطف بالقول: "الصراع والنزاع على المناصب ما زال حاضراً ويضرب بقوة في أداء الحكومة الجديدة بفعل الضغوط التي يمارسها الإطار التنسيقي الذي خرج السوداني من خيمته، وهنا يأتي الصدر للتحذير والتنبيه بمخاطر ذلك وهو ما متوقع أن يكون ذلك خلال مضامين الخطبة السياسية في صلاة الجمعة".
تجديد الدماء
من جانبه، يرى رئيس مركز "تفكير السياسي"، إحسان الشمري، أن "دعوة الصلاة الموحدة تأتي لتحريك الدماء داخل الجمهور الصدري وتنشيط اتصالهم بالقاعدة الصدرية متمثلة برئيس التيار مقتدى الصدر بعد أن باتوا خارج حسابات الحكومة ومناصبها الوزارية".
ويقول الشمري لـ"العين الإخبارية"، إنها "رسالة لكل الأطراف التي فهمت انسحاب الصدر من العملية السياسية انكفاء أو تراجع وأنها كانت فرصة للخصوم في تقييم أدائهم والاستفادة من الأخطاء التي وقعوا فيها خلال إدارتهم للحكم بالحقب السابقة".
aXA6IDMuMTQ3LjQ4LjEwNSA=
جزيرة ام اند امز