بريطانية تعزف على الكمان أثناء استئصال ورم دماغي
أداء ترنر وقت الجراحة كان الأكثر صميمية لحياتها فهذه المرة كان المسرح والجمهور هم الأطباء الذين يراقبون جودة عزفها أثناء استئصال الورم
قررت عازفة كمان بريطانية مواجهة آلام استئصال ورم من دماغها بالعزف على آلتها الموسيقية بالتزامن مع خضوعها للجراحة، ومحاولة منها للتأكد أن الأطباء لم يتسببوا في أضرار بالجزء المسؤول عن حركات يديها الدقيقة.
وقالت صحيفة "تليجراف" البريطانية إن داجمار ترنر عزفت نغمات موسيقية ارتجالية بينما أجرى الجراحون بمستشفى "كينجز كوليدج" عملية استئصال الورم الموجود بالفص الجبهي الأمامي؛ لتصبح أول شخص في بريطانيا يخضع لعملية مماثلة وهي مستيقظة وجالسة.
كانت ترنر، البالغة 53 عاما وهي من أصول ألمانية وعضوة بأوركسترا "أيل أوف وايت سيمفوني" في جزيرة وايت الإنجليزية، قلقة من إحداث الجراحة أضرارا بالمنطقة التي تساعدها على عزف آلتها الموسيقية.
ورغم مرور 43 عاما على أول مرة أمسكت فيها بآلة كمان وعزفت أمام أعداد لا تحصى من الجماهير، كان أداء ترنر وقت الجراحة الأكثر صميمية لحياتها. فهذه المرة كان المسرح والجمهور هم الأطباء الذين يراقبون جودة عزفها؛ للتأكد من عدم تضرر أجزاء دماغها المسؤولة عن حركات يديها الدقيقة.
وقالت ترنر إنها عزفت نغمات موسيقية ارتجالية شعرت بها أصابعها، مضيفة: "كان من الصعب تخطيط ما سيجرى عزفه، كل شيء يبدو مختلفًا. الأمر لا يشبه الوقوف في مطبخي والعزف بحرية. عليك التركيز حقًا على ما يدور حولك".
عام 2013، شخصت حالة ترنر بالإصابة بسرطان في الدماغ، بعدما تعرضت لنوبة خلال إحدى عروضها الموسيقية ثم خضعت لعلاج بالأشعة.
لكن عندما خضعت لفحص في ديسمبر/كانون الأول، وجدت أن الورم يزداد، لذا كانت النصيحة التي حصلت عليها هي الخضوع لجراحة في مستشفى "كينجز كوليدج" في وسط لندن.
ولأن طبيبها جراح الأعصاب كيومارس أشكان هو أيضًا عازف بيانو حاصل على شهادة في الموسيقى، حرص على أن يضع، بالاتفاق معها، خطة تضمن إتمام العملية بسلام.
وقال جراح الأعصاب إن جميع الموسيقيين يعتقدون أن عازفي آلة الكمان رائعون، مضيفًا: "الأمر لا يتعلق فقط باليد اليمنى والقوس، لكن حركة اليد اليسرى مذهلة، تعطي الجودة وإيقاع الصوت. لذا كان يتعين عليّ حماية هذه المهارة الفائقة".
سافرت ترنر مع زوجها مات إلى لندن قبل يوم العملية التي أجريت لها خلال يناير/كانون الثاني؛ للخضوع لرسم خرائط الدماغ لتحديد المناطق النشطة أثناء عزف الكمان، والمناطق المسؤولة عن اللغة والحركة.
واتفقت المريضة مع الطبيب أنه بعد فتح جمجمتها ستكون مستيقظة، وبناء على مقترحها، ستعزف الآلة الموسيقية، لكن كانت المشكلة الوحيدة بالخطة أن ترنر جاءت إلى لندن بدون الكمان الخاص بها، لكن لحسن الحظ لديها صديق بالجوار عازف كمان أيضًا، وعرض منحها آلته.
بينما اتجه الجراح لاستئصال الورم، عزفت ترنر مجموعة من النغمات الارتجالية، من بينها السيمفونية الخامسة للمؤلف الموسيقي وقائد الأوركسترا النمساوي جوستاف مالر، و"الصيف" للمؤلف الموسيقي الأمريكي جورج جيرشوين.
استغرقت الجراحة 4 ساعات، وبعد الانتهاء منها تم تنويمها ثانية، وقالت: "لا أتذكر الكثير، لكنني أتذكر وجود شخص يقف خلف رأسي، ويقول إنهم استئصلوا 95% من الورم".
وأضافت: "هذه حياتي، وهذا ما أفعل في وقت فراغي وأستمتع به كثيرًا. آمل أن يشجع هذا الجراحين والمرضى ليكون شجعان ويفعلوا الأمور بإبداع. يمكنك غناء أغنية خلال جراحة، وعزف الجيتار، إن كانت النتائج جيدة كما نتائجي، لما لا؟".