خطر الإخوان.. خبراء يحذرون من «حشد ديني» بالانتخابات المحلية في فرنسا
حذر خبراء فرنسيون من تأثير جماعة الإخوان على قيم الجمهورية في البلاد، مدللين على استخدام الجماعة الحشد الديني في الانتخابات.
وعلى بعد ثلاثة أشهر من الانتخابات البلدية الفرنسية، رأى الخبراء أن تنظيم الإخوان يتوجه بخطاب طائفي لاستقطاب الأصوات على أساس ديني، من أجل التأثير على نتائج الانتخابات المحلية.
وفي مدينة ستراسبورغ، تثير مبادرات اثنين من المرشحين الريبة، حيث تبدو ممارساتهم الانتخابية عادية للوهلة الأولى، لكنها وفق الخبراء، قد تستخدم كوسيلة لتسلل الإخوان إلى المشهد السياسي المحلي، في خطوة تعيد النقاش حول دور الهوية الدينية في الانتخابات الفرنسية.
وقالت إذاعة "يورب1" الفرنسية إن الانتخابات البلدية أصبحت على بعد أقل من 100 يوم، ومن المقرر إجراؤها في 15 و22 مارس/آذار المقبل، موضحة أنه في كل مدينة، يبدأ المرشحون لرئاسة البلديات في الظهور والتعريف ببرامجهم تدريجيًا.
خطر التسلل
وأثار اثنان من المرشحين المعلنين في ستراسبورغ جدلاً مبكرًا، فالأول، وهو مرشح "الحزب المعارض الجديد للرأسمالية" سيم يولداس، يقوم بترجمة منشوراته الانتخابية إلى لغات المهاجرين العرب والمسلمين في المنطقة، وذلك بحسب قوله "ليتمكن الجميع من فهم رسالته".
لكن الخبراء يعتقدون أن هذا الاتجاه يكرس للعزلة وإبقاء الناخبين ضمن حصة طائفية بعيدا عن سياسات الدمج على أساس المواطنة.
أما المرشح الآخر، فهاد رجاء محمد، رئيس قائمة "الحركة الشعبية المستقلة" فيقترح، من بين أمور أخرى، تحديد أوقات مختلفة للسباحة للرجال والنساء باسم "حماية النساء"، وهي قضية محل جدل على الساحة الأوروبية وتتعارض مع قيم الجمهورية.
وحذرت فلورانس بيرجو-بلاكلييه، أنثروبولوجية في معهد البحوث العلمية الفرنسي والمتخصصة في الإخوان من أن هذه الممارسات "ليست مجرد حسابات انتخابية.. هذه المنشورات المجتمعية تُمارس في ألمانيا وبلجيكا بالفعل، وتساهم فعليًا في بناء تصويت جماعي على أساس ديني".
أحزاب الخاصة
وأشارت الباحثة إلى أن هذه الممارسات السياسية أصبحت أكثر شيوعًا وجرأة، معتبرة أن هناك "انخفاضًا في اليقظة تجاه مسألة العلمانية".
وأضافت بيرجو-بلاكلييه: "نرى أن الإخوان حتى الآن كانوا يتصرفون بخفة ويستفيدون من الأحزاب القائمة، ومع مرور الوقت بدأوا في تأسيس أحزابهم الخاصة. وإذا لم ننتبه، فستكون ديمقراطيتنا في خطر".
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية الفرنسي أوليفييه روي، المتخصص في علوم السياسة والشؤون الإسلامية، لـ"العين الإخبارية" إن "الخطاب الانتخابي الذي يركز علي على الهوية الدينية ليس ظاهرة محلية فقط، بل جزء من استراتيجية أوسع للإخوان في أوروبا".
وأضاف روي أن خطابات الإخوان في فرنسا تهدف إلى بناء قواعد تصويتية محددة داخل المجتمعات المسلمة، موضحاً أن هذا لا يعني بالضرورة أن كل مرشح مسلم يسعى لخدمة أجندة سياسية دينية، لكن النمط المتكرر يثير التساؤل حول التأثير المحتمل على النزاهة الديمقراطية".
وأوضح الباحث الفرنسي أن هذه الظاهرة ليست جديدة، لكنها تتصاعد في السنوات الأخيرة مع تنامي خطاب الهوية الدينية والسياسية في أوروبا.
وأضاف أنه في فرنسا، يلاحظ أن بعض المرشحين يستغلون القوانين التي تسمح بالخطاب متعدد اللغات وبرامج اجتماعية خاصة لجذب أصوات مجتمعات محددة، ما يثير تساؤلات حول حدود القانون والعلمانية.
وأشار إلى أن هذا التوجه يطرح تحديًا مزدوجًا: من جهة، تعزيز مشاركة المواطنين المسلمين في العملية الديمقراطية، ومن جهة أخرى، احتمال تقسيم المجتمع على أسس دينية أو عرقية، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الاستقطاب السياسي والاجتماعي.
ولفت أستاذ العلوم السياسية الفرنسي أن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا كبيرًا في هذا السياق، حيث تستخدم لنشر الرسائل الانتخابية الموجهة مباشرة إلى فئات محددة، وهو ما يزيد من فعالية هذه الحملات المجتمعية، ويطرح تساؤلات عن الشفافية والتأثير على الرأي العام قبل الانتخابات.
وأشار روي إلى أن "المشكلة تكمن في أن بعض الأحزاب التقليدية قد تغض الطرف عن هذه الممارسات أو تستفيد منها لتحقيق مكاسب انتخابية قصيرة المدى، وهو ما يعرض المبادئ العلمانية للخطر على المدى الطويل".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTAg
جزيرة ام اند امز