انتخابات بصبغة الانقسام.. كواليس اختيار إدارة جديدة للإخوان
في فصل جديد من فصول التفكك الإخواني وجدت الجماعة نفسها أمام انتخابات داخلية تُجرى في ظل انقسام يلتهم ما تبقى من تماسكها.
وأجرت جماعة الإخوان، المدرجة على قوائم الإرهاب في عدد من الدول، انتخابات داخلية لاختيار هيئة قيادية جديدة للجماعة، خلال الأيام الماضية، دون إعلان رسمي عن إجراء الانتخابات حتى الآن لاعتبارات تنظيمية.
- مستشار أممي سابق لـ«العين الإخبارية»: حظر «الإخوان» بتكساس خطوة مهمة
- تكساس تحظر «الإخوان».. الإعلام الفرنسي يرحب ويطالب باريس بخطوة مماثلة
الانتخابات التي جاءت بمثابة «محاولة هندسية فاشلة لترميم بناء آيل للسقوط»، عقدتها جبهة لندن بربع الأعضاء فقط، وقاطعتها وهددتها جبهة إسطنبول، ورفضها بشكل قاطع تيار التغيير، وسط طعون لا تنتهي، وقواعد تنظيمية متنازع عليها.

جبهة واحدة.. والبقية خارج المشهد
الانتخابات التي قادتها جبهة صلاح عبد الحق، المعروفة إعلاميًا بـ«جبهة لندن»، جرت وسط مقاطعة كاملة من جبهة محمود حسين (جبهة إسطنبول) وتيار التغيير المنبثق عن جبهة المكتب العام، إذ يعدّ كل طرف من هؤلاء الآخرين «منشقين» لا يمثلون الجماعة.
وهكذا أصبحت الانتخابات شأنًا لفصيل واحد، فيما استمرت الفصائل الأخرى في الطعن بشرعية أي نتائج تصدر عن هذه الجبهة.
وشهدت العملية تأجيلات متتالية وصلت إلى 3 مرات، بسبب تفاقم الانقسام والخلافات الحادة حول اللائحة التنظيمية التي جرت الانتخابات على أساسها.
فبعد تكليف لجنة قانونية تحت إشراف محيي الدين الزايط بتعديل اللائحة القديمة، ظل الجدل قائمًا حول اعتماد النسخة النهائية، لتنتهي الأمور بإجراء الانتخابات وفق اللائحة القديمة رغم اكتمال تعديلات لجنة الزايط.
اقتراع محدود.. وشرعية منقوصة
السبب الثاني للتأجيل كان ضعف الإقبال، إذ لم تتجاوز المشاركة نسبة 25% من إجمالي أعضاء الجماعة المسجلين في الشعب والقطاعات الأربعة التي أجريت فيها الانتخابات في تركيا.
وبسبب عدم اكتمال النصاب، مُدّد التصويت أكثر من مرة خلال يومين، قبل أن تتم العملية وسط عدد كبير من الطعون التي تنتظر البت أمام لجنة الانتخابات واللجنة القانونية.
وجرت الانتخابات على مستوى مجلس الشورى في أقطار مختلفة؛ شارك أعضاء الجماعة داخل تركيا حضورياً، بينما صوّت أعضاء الخارج إلكترونيًا.
وبعد انتخاب مجلس الشورى العام، اختار أعضاؤه أسماء اللجنة الإدارية العليا، وهي الهيئة التي تعمل كبديل مؤقت لمكتب الإرشاد وفق لائحة 2021 التي تمنح المجلس سلطة الاختيار.
وتتألف الهيئة الإدارية العليا من 21 عضوًا، بينهم 7 من إخوان الداخل، و7 من الخارج، و7 يختارهم القائم بأعمال المرشد بالتشاور مع مجلس الشورى العام. ووفق المعلومات المتوافرة لـ«العين الإخبارية»، سيجري تصعيد بعض القيادات التي غادرت مناصبها إلى «المكتب العالمي» المسؤول عن إدارة التنظيم الدولي.
جبهة إسطنبول تتحرك سرًا لملاحقة المشاركين
أما المكتب الإداري للإخوان في تركيا فلم تُجر انتخاباته بعد بسبب الخلافات وكثرة الطعون وارتفاع عدد المرشحين، ومن المقرر عقدها لاحقًا.
وتخطط الجماعة لإعلان مقتضب يؤكد إجراء الانتخابات دون الكشف عن تفاصيلها أو نتائجها، مقابل إعلان داخلي أكثر تفصيلًا يوزّع على الأعضاء.
ورغم استكمال الاقتراع، تشير المعطيات الأولية إلى أن الهيكل القيادي لن يشهد تغييرات جوهرية، خاصة أن الانتخابات اقتصرت على جبهة واحدة تعاني أصلاً من انقسامات داخلية وطعون في شرعيتها. ولم يشارك أي من أعضاء جبهة محمود حسين أو تيار التغيير في الترشح أو التصويت، للخلاف التنظيمي وكذلك لأن جبهة لندن لا تعترف بعضويتهم.
ولم تكتفِ جبهة محمود حسين بالمقاطعة، بل اتخذت إجراءات عقابية ضد مؤيدي جبهة لندن، إذ حذّرت عناصرها من المشاركة وهددت بقطع الدعم المادي والامتيازات التنظيمية. كما دفعت بعناصر سرية داخل جبهة لندن لمراقبة عملية الاقتراع وحصر المشاركين، تمهيدًا لاتخاذ إجراءات تنظيمية بحقهم، في مؤشر على استمرار الانقسام الإخواني رغم انتهاء العملية الانتخابية شكليًا.
ومنذ سقوطها في مصر وتصدع بنيتها التنظيمية في الشرق الأوسط والعالم، لم يعد صندوق الاقتراع داخل الإخوان عنوانا للتجديد، بل مرآة لأزمة وجودية تضرب التنظيم، وهكذا دخل الإخوان تجربة انتخابية كشفت حجم الشروخ الداخلية أكثر مما أصلحتها، وعمّقت السؤال الأكبر عمن يمثل الجماعة فعلياً ومن بقي ليصوّت؟
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU4IA== جزيرة ام اند امز