انتشار الكراهية والتطرف بالنمسا.. الأدلة تدين "الإخوان"
منذ 2019، تقبع جماعة الإخوان الإرهابية تحت ملاحظة السلطات النمساوية، سواء ضمن تحقيقات قضائية، أو في إطار الدراسة والبحث ورصد الأنشطة.
وفي كل مرة تقع فيها الجماعة ومؤسساتها تحت أعين السلطات في النمسا، يتكشف المزيد عما تزرعه من أفكار مدمرة في أوساط المجتمع، وكيف تحاول الهروب من أي مطرقة قانونية.
والآن توصلت دراسة حديثة نشرها صندوق الاندماج النمساوي (حكومي)، إلى أن الأفكار المتطرفة والمعوقة للاندماج، يزرعها الإسلام السياسي، في خطبه الموجهة للمصلين داخل المساجد والجمعيات الإسلامية في النمسا.
خلاصة الدراسة
وخلصت الدراسة إلى أنه "لا يمكن ملاحظة العلاقة مع المجتمع النمساوي في أي من المساجد التي تم فحصها، ولم تكن هناك أي إشارة إلى النمسا".
وفي ثنايا الدراسة، يستكشف المؤرخ والخبير الإسلامي هيكو هاينش والمحامي إيميت محمدي وباحث الهجرة زولتان بيتر، إجابة على سؤال: "ما الذي تغير منذ دراسة دور المسجد في عملية الاندماج؟" التي نُشرت في خريف 2017؟".
وفي إطار الدراسة، تم تحليل 53 خطبة مسجلة في 14 مسجدا عام 2020، على مدار الأعوام الماضية، قبل أن يتم نشر الدراسة الأسبوع الجاري، وفق صحيفة "فولكس بلات" النمساوية.
أول اختلاف بين دراسة 2017، ودراسة 2023، أن المسجد الوحيد الناطق بالألمانية والذي تمكن الباحثون من زيارته في عام 2017، لم يعد موجودًا.
وتقول الدراسة: "إن المساجد التي يكون فيها الخطب باللغة الألمانية، هي استثناء نادر"، ومسجد واحد قدم الخطبة الكاملة بلغتين (العربية والألمانية)، فيما تستعمل ثلاثة مساجد تركية اللغة الألمانية جزئيًا على الأقل.
الدراسة ذكرت أيضا أن "مساهمة المساجد في جهود اندماج المهاجرين في المجتمع، محدودة أيضًا".
وبحسب الدراسة، فإن 31 خطبة "تميزت بتفسير تقليدي ومحافظ للمصادر الإسلامية"، ولم يمكن ملاحظة تفسير أكثر انفتاحا للمصادر إلا في اثنتي عشرة خطبة فقط.
فيما تم تصنيف تسع خطب على أنها أصولية، وأبرزت 26 خطبة "موقفا مغلقا اجتماعيًا وثقافيًا إلى حد كبير"، بينما تم تصنيف ثماني خطب على أنها دعوة للفصل بين الناس (على أساس الدين).
واللافت أن 25 خطبة احتوت على مضمون سياسي بلا ريب، تم تصنيف خمسة فقط منها على أنها ديمقراطية، في مجتمع يقوم على أساس الديمقراطية وكفالة الحريات المختلفة، وفق الدراسة.
مسجد الإخوان
في أحد المساجد القريبة من جماعة الإخوان، تم تصنيف خمسة من الخطب الست التي تم تحليلها خلال الدراسة، على أنها غير ديمقراطية وغير ليبرالية وغير متسامحة وتدعو للفصل والتفرقة بين الناس في المجتمع.
وتقول الدراسة: "إن الخطب تثير الريبة والعداء تجاه المجتمع ذي الأغلبية غير المسلمة"، وتصف الدولة النمساوية "بأنها عدو المسلمين".
أما الملفت للنظر في سلوك هذا المسجد، هو أن الخطبة الوحيدة التي خرجت إلى حد ما عن هذا النمط كانت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، بعد أيام قليلة من الهجوم الإرهابي في فيينا، ومداهمات الشرطة لمنازل ومواقع تتبع الإخوان.
لذلك، تشتبه الدراسة في أن الخطبة الاستثناء في المسجد القريب من الإخوان، "ترجع إلى حقيقة أن القائمين على المسجد شعروا في ذلك الوقت بأنهم مراقبون".
بعد عقود من العمل الحر بدون قيود، وجدت الإخوان نفسها منذ عام 2019، تحت ضغط كبير آخذ في التوسع والتشدد في النمسا، إذ بدأ الأمر بحظر رموز الجماعة في النمسا في مارس/آذار 2019، ثم تأسيس مركز توثيق الإسلام السياسي في العام التالي، والذي يتولى دراسة وفحص أنشطة الجماعة، وكان له يد طولى قبل أشهر قليلة في فتح تحقيق جديد ضد مساجد الإخوان في فيينا، بتهمة التحريض على الكراهية ونشر التطرف.
وفي نوفمبر/تشرين ثاني 2020، نفذت الشرطة النمساوية مداهمة هي الأولى من نوعها ضد جماعة الإخوان في أوروبا، واستهدفت مقرات في 4 ولايات نمساوية، وفتحت تحقيقا قانونيا في أنشطة الجماعة وعلاقتها بالإرهاب، لا يزال مستمرا حتى اليوم.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ دشنت النمسا آلية تعاون على المستوى الأوروبي عبر مؤتمرين لمكافحة الجماعة، في 2021 و2022، أسفرا عن تعاون عابر للحدود في رصد أنشطة الإخوان، بين فرنسا والنمسا وبلجيكا والدنمارك.