الإخوان في قلب جيش السودان.. اعتراف يطيح برواية البرهان
في لحظة بدت كأنها تكشف المستور وتُسقِط آخر أوراق التمويه، خرج أحد قادة كتيبة البراء بن مالك الإخوانية، ليقدم الاعتراف «الأوضح» منذ اندلاع الحرب: الجيش السوداني هو من درّبهم، وسلّحهم، وغرس فيهم عقيدة القتال حتى «آخر سلاح».
اعتراف لا يترك مساحة للالتباس، ويؤكد أن الحركة الإسلامية لم تغادر المشهد قط، بل أعادت ترتيب صفوفها داخل ما يفترض أنه «جيش الدولة»، لتصبح لاعبًا يصوغ معارك السودان ويطيل زمن النار رغم كل النداءات الدولية المطالبة بوقف الحرب.
وما يجعل هذا الاعتراف أكثر صدمة هو توقيته؛ إذ جاء بعد أيام فقط من نفي قائد الجيش السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان أي صلة تربط الجيش بتنظيم الإخوان، معلنًا أمام كبار ضباطه: «أين الإخوان هنا؟».
لكن كلمات البرهان لم تصمد طويلًا أمام حقيقة نطقت بها الكتيبة نفسها: منذ 2011، كانت تتلقى التدريب داخل الثكنات، وتقاتل جنبًا إلى جنب مع الجيش، وتتحول من كتيبة إلى لواء ثم إلى فيلق مع اتساع رقعة الحرب.
وبينما تتشابك ولاءات القيادة العسكرية مع إرث ثلاثة عقود من التمكين، يبدو أن الحركة الإسلامية لم تكن مجرد «ظلٍّ» يتبع الجيش، بل عقلًا مُدبرا يغذي الحرب ويعيد هندسة خطوطها، حتى لو كان الثمن هو جرّ السودان إلى هاوية بلا قاع.
فماذا قالت كتيبة البراء؟
قائد في كتيبة البراء بن مالك – إحدى أبرز كتائب الإخوان – يدعى أويس غانم، قال في مقطع فيديو، نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أكد ارتباط الجيش السوداني بتنظيم الإخوان، كاشفًا عن تدريبات تلقتها الكتائب داخل الجيش والقتال بجانبه منذ عام 2011.
وقال أويس غانم، إن الكتيبة كانت أول من أبلغت بقرار اندلاع شرارة الحرب، مضيفًا: في بداية هذه المعركة. وهم أول من بلَّغوا معسكر الاحتياط، المعسكر الذي يقوده العقيد فاتح هنا. ويقوده بالخرطوم اللواء بشير. معسكر الاحتياط هو الدفاع الشعبي سابقاً.
وتابع: قوات البراء بن مالك بلغت في يوم 15/4/2023 المعسكر وما كان متفكر إنه المسألة دي تأخذ لها أيام وتنتهي كقوات احتياط، لأنه نحن نتبع لقوات الاحتياط.
واعترف بأن قوات البراء بن مالك خاضت معارك، في: تلودي وكادوقلي، وخاضت معارك في النيل الأزرق، وخاضت معارك كثيرة قبل هذه الحرب.
«لكن في هذه الحرب كبرت الكتيبة إلى لواء ثم إلى فيلق»، يقول غانم، مؤكدًا صلة قواته بالجيش السوداني، مضيفا: نحن القوات المسلحة هي التي دربتنا وهي التي علمتنا من الفك والتركيب لحد آخر سلاح (..)القوة دي تدربت تدريب جيد جداً».
ماذا نعرف عن كتيبة البراء بن مالك؟
يعد فيلق "البراء بن مالك" من أبرز وأشهر مليشيات الحركة الإسلامية ويقوده المصباح أبو زيد طلحة، في حين أشارت مصادر إلى أن شخصيات بارزة من الحركة تشرف عليه مثل علي كرتي وأسامة عبد الله، بينما يتولى اللواء ياسر العطا الإشراف من جانب الجيش.
المصادر ذكرت أن قيادة الفيلق منقسمة في الولاء بين فصيلين متنافسين يتنافسان، لكن الأغلبية الأكبر تميل إلى فصيل علي عثمان بقيادة علي كرتي وأحمد هارون، على حساب فصيل نافع علي نافع بقيادة إبراهيم محمود وإبراهيم غندور؛ ومع ذلك يتحد الفصيلان في القتال إلى جانب الجيش وفي عدائهما للقوى السياسية المدنية الديمقراطية.

وأكدت المصادر أن الفيلق هو الأكثر تطورًا من حيث التدريب والتسليح والدعم المالي وتلقى مقاتلوه تدريبات عسكرية داخل السودان على يد خبراء أجانب، بينما تلقى بعضهم تدريبا مكثفا في إيران على الأسلحة المتخصصة وحرب المسيرات.
ويقع مقر الفيلق في مبنى مجاور لمكاتب محلية كرري في أم درمان ويُقال إن المبنى مملوك لأحد قادة الحركة، ويُستخدم كمكاتب وسكن لبعض القادة.
وإلى جانب المصباح طلحة يضم الفيلق عددا من كبار القادة مثل مهند فضل وأويس غانم وهشام بيرم الذي قتل في 13 يوليو/تموز الماضي خلال معركة أم سميمة في كردفان.
هل من تشكيلات أخرى؟
كتيبة العمليات الخاصة
تتكون من الأعضاء السابقين في جهاز "الأمن الشعبي" التابع للحركة الإسلامية
تشكلت في الأصل على أسس عرقية لتضم أعضاء بالحركة الإسلامية من كردفان ودارفور باعتبارهم قوة موازنة للهيمنة الشمالية داخل "البراء".
في البداية تشكلت في أم درمان، لكنها افتقرت إلى هيكل قيادي واضح، فكانت مجموعة فضفاضة من مقاتلي الأجهزة الأمنية التابعة للحركة، وخاصة وحدات أمن الطلاب.
جاء التأسيس الرسمي للكتيبة عقب اجتماعات منفصلة بين برج، وأحمد محمد أبو بكر المعروف بـ"الخفاش"، وفرحات العمدة، مع نائب قائد الجيش الفريق شمس الدين كباشي في بورتسودان، بعد أسبوعين من استعادة الجيش لجبل مويا وبعدها سافر الثلاثي إلى عطبرة، شمال السودان حيث التقوا علي كرتي وأحمد هارون.
ومن أبرز قادة الكتيبة، أحمد "البط" وأنس محمد فضل ومعتصم بطمان الذين قُتلوا أواخر يوليو/تموز خلال اشتباكات مع قوات الدعم السريع في أم سيالة بكردفان، في حين تحتجز الدعم السريع قائدا آخر هو يوسف محمد زين، منذ 3 أكتوبر/تشرين الأول 2024.
وكشفت مصادر عن أن الكتيبة أقل تدريبًا من فيلق البراء ويزودها أحمد هارون، الرئيس السابق لحزب المؤتمر الوطني المتهم من قبل المحكمة الجنائية الدولية، بأسلحتها المتطورة ومسيراتها، لكن الدعم اللوجستي والمالي يأتي بشكل كبير من ميزانية ولاية النيل الأبيض وولاة المناطق التي تعمل فيها.
وأوضحت المصادر أن التعليمات لمقاتلي الكتيبة تأتي مباشرةً من هارون، بينما يتم التنسيق مع استخبارات الجيش في بعض العمليات، كما يُقال إن الكتيبة تحافظ على علاقات عملياتية مع قوات درع السودان بقيادة أبو عاقلة ككل.
تشكيلات متفرقة:
تشمل تشكيلات الحركة الإسلامية الأخرى كتائب مثل:
- البنيان المرصوص
- البرق الخطيف
- أسود العرين
ويتألف "لواءا النخبة" بشكل رئيسي من ضباط أمن وعمليات سابقين، ومتطوعين مُجنَّدين، وأعضاء في المقاومة الشعبية، وشرطة الاحتياطي المركزي (المعروفة محليًا باسم أبو طيرة) ويقودها ضباط مخابرات سابقون وقُتل أحد أبرز قادتها، العميد إيهاب محمد يوسف الطيب، في مايو/أيار خلال اشتباكات عنيفة مع الدعم السريع في الخوي غرب كردفان.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzcg جزيرة ام اند امز