ذعر من الترحيل والتسليم لمصر.. حملات الاعتقال تستشري في الإخوان بتركيا
منذ بدأت الأنباء تنتشر عن قرب ترحيل العناصر الإخوانية من تركيا وتسليم المدانين منهم إلى مصر، ضمن إكمال تطبيع العلاقات بين القاهرة وأنقرة، والذعر منتشر بين أعضاء التنظيم.
أنباء تصدقها المعلومات المتوفرة عن بدء الاعتقالات في صفوف الإخوان، وفرض قيود على تحويلهم للأموال خارج تركيا، وتوقيف المخالفين لإجراءات الجنسية، واعتقال آخرين تمهيدا لتسليمهم لمصر أو ترحيلهم إلى بلد ثالث، إن لم يبادروا بأنفسهم للهروب، إلى منفى اختياري جديد، بعد أن ضاق به المأوى ذرعا، إثر تغليب البلد المضيف مصالحه الوطنية، على الأجندات الضيقة.
وهكذا يعيش عناصر جماعة الإخوان الإرهابية في تركيا الآن حالة من الذعر، والفوضى؛ فقد انتشر بينهم أن أنقرة في طريقها لمزيد من التطبيع مع الدولة المصرية، وأن كل تطمينات قادة الجماعة لأتباعهم، بعدم ترحيلهم من تركيا ثبت كذبها وعدم مصداقيتها، فقد تزايدت حالات إلقاء القبض على إخوان مدانين في قضايا إرهاب، وتم إيداعهم في سجون محلية، انتظارًا لترحيلهم لمصر أو إبعادهم لدولة أخرى.
مصير مجهول
تفجر القلق بين الإخوان خوفاً من المجهول الذي ينتظرهم، فعقب تصريح وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، بأن تركيا تكافح المهاجرين الأجانب غير النظاميين، وأنه أصدر تعليماته بملاحقة هذه الفئة في عموم البلاد، اندفعت قيادات الإخوان للبحث عن الخلاص الفردي لهم ولذويهم عبر الحصول على تأشيرة ( شينغن) والتسلل إلى دول أوروبية، وترك صغار عناصر التنظيم يواجهون مصير الترحيل أو الإبعاد.
وعلى الفور صدرت التعليمات للإخوان لتجنب الوقوع تحت طائلة القانون ونشر أحد الناشطين ويدعى حسين رضا على صفحته بموقع "فيسبوك"، يدعو أفراد التنظيم لترك مدينة إسطنبول والهروب إلى ولايات الأطرا؛ف لحين الخروج مما سماها "المحنة"، أو "حتى تمر هذه الموجة"، حسب تعبيره.
المدعو حسين رضا نفسه بدا في حالة مزرية وهو يحمل المسؤولية لقادة التنظيم؛ بينما يجد مخرجا للإدارة التركية، قائلا في نفس المنشور: "ليس سهلا على الناس لا ماديًا ولا نفسيًا لكنه أخف الضرر ويعلم الله حسرتي ونقمتي على أوضاعنا وعلى من أوصلونا لهذا... بالطبع أرفض كل ما يحدث وأبرأ إلى الله منه لكنني في نفس الوقت أتفهم تخوفات واستعدادات النظام لانتخابات البلديات، ولن يرفق بنا أحد سوانا، كما لن يشعر بآلامنا غير أولى الضمائر منا".
ماذا يخشى الإخوان؟
ويقول عمرو عبد المنعم الكاتب والباحث في الحركات الإسلامية، في تصريح لـ"العين الإخبارية" إن "مسار التطبيع مع مصر يسير بخطى ثابته، ويقوم على تقديم مصالح البلدين بعيدًا عن حسابات التنظيمات الإرهابية الأجيرة، التي تخدم أجندات غير وطنية".
ويشير عبد المنعم، إلى أن "الحملات التي تشنها أجهزة الأمن التركية، للتفتيش على الأوراق الثبوتية وجوازات السفر على المقيمين، قد لا تكون لها علاقة لها بالتطبيع المصري التركي، بل هي نتيجة طبيعية لسياسة إعادة ضبط فوضى الشارع التركي ووقف عمليات بيع الجنسية ومنع تدفق اللاجئين إلى أوروبا".
لكنه يؤكد في نفس الوقت معلومة أن قرابة 50 إخوانيا تم إلقاء القبض عليهم ضمن حملات التفتيش الجديدة، وبعضهم تم ترحيله إلى أحد مراكز الاحتجاز في" توزلا " بضاحية إسطنبول، ضمن العديد من المخالفين لشروط الإقامة في تركيا.
ويشدد على أن "ما يشغل بال الإخوان ويثير الرعب بينهم أن يتم التوافق بالفعل بين تركيا ومصر، على إعادة المدانين قضائيًا للقاهرة وليس مجرد إبعادهم من تركيا، وعلى رأس المطلوبين يحيى موسى وعلاء السماحي؛ المدانَان في قضية اغتيال النائب العام المصري".
أسرار وفضائح في طريقها للعلن
عبد المنعم يرى أن التقارب المصري التركي وما تبعه من إجراءات أو التشديد الأمني في الشارع التركي، سيزيد من الضغوط على الصف الإخواني هناك، وسيحاولون إيجاد ملاذ آمن جديد، لكن ليس لكل الإخوان؛ وهذا التمييز سيدفع بعضهم للخروج، وكشف أسرار الجماعة، وموقفها غير الأخلاقي في تركيا تجاه عناصرها وتجاه الدولة التركية ذاتها.
من جانبه يرى منير أديب؛ الكاتب والباحث في الإسلام السياسي أن العلاقات المصرية التركية وصلت إلى مستوى عالٍ من التطبيع، وأن الحكومة التركية وافقت على إعادة النظر في وضع المدانين بقضايا إرهاب، ومن المحتمل أن يتم ترحيل بعضهم، مع مراجعة من حصلوا على الجنسية التركية المؤقتة.
وكشف أديب في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن أنقرة "فرضت قيودا على الاستثمارات الإخوانية في تركيا، لكن هذا لا يعني طردهم، فلا تزال القيادات التاريخية من الجبهتين تقيم هناك، غير أنهم يمرون الآن بأوقات صعبة بالفعل، مع أن الوضع لم يصل لمرحلة القطيعة، وإنهاء الوجود، فالقنوات الإخوانية لا تزال تبث من الأراضي التركية".
اهتزاز الثقة في القيادات ورقابة على الأموال
وأرجع الخبير المصري سبب الذعر الذي يعاني منه شباب الإخوان، لعدم ثقتهم في قياداتهم؛ فالشواهد تقول إن درجة الرعاية التركية للإخوان أصبحت أقل، وليست كما كانت عام 2013، ويخشى الشباب أن يستمر التدهور حتى تسليمهم للقاهرة أو ترحيلهم إلى دولة يمكن أن تسلمهم.
ويتوصل منير أديب إلى أن الأتراك ثبت لديهم أن "الإخوان غير جديرين بالرعاية؛ فبعد التقارب التركي المصري قامت القاهرة بتسليم أنقرة ملفات الأحكام القضائية، والأموال التي تخص قادة الإخوان بتركيا، كما قدمت الأجهزة المصرية المعنية للجانب التركي ما يثبت أن بعض الشركات مملوكة للجماعة قامت بتمويل أنشطة إرهابية سواء في مصر أو غيرها".
وبحسب أديب فإن "الحكومة التركية أبدت موافقتها للحكومة المصرية على فرض رقابتها على الشركات الإخوانية الموجودة في تركيا، وفحص مصادر أموالها، فبعضها تم تأسيسه بأموال تم تهريبها من مصر، وبعضها مملوك لأشخاص مدانين بقضايا إرهاب، كما تعهدت بمراقبة تحويل الأموال من وإلي الإخوان بتركيا".
ويتوقع أديب أنه وبعد فحص تلك الملفات فمن المتوقع أن تقوم السلطات التركية بإبعاد بعض الشخصيات المدانة في قضايا رأي عام، مثل قضية النائب العام المصري من تركيا، ومن المحتمل أن تقوم الدولة الجديدة التي سينتقلون إليها بتسليمهم إلى القاهرة.
عودة أنقرة للقاهرة
ويذكر الخبير والكاتب المصري أن "العلاقات المصرية التركية شهدت قطيعة عقب ثورة 30 يونيو 2013، إلى أن أبدى الجانب التركي رغبته في التقارب مع الدولة المصرية وفتح صفحة جديدة، وتم الاتفاق حول العديد من الملفات العالقة، وقد احتل ملف الإخوان بتركيا اهتمامًا خاصاً، في ظل مطالبة القاهرة بتسليم مطلوبين مدانين يقيمون في تركيا، وكذا ضبط حركة الأموال الإخوانية".
وفي يوليو/تموز الجاري أعلنت الخارجية المصرية أن القاهرة وأنقرة سترفعان مستوى العلاقات الدبلوماسية بينهما لمستوى السفراء، ورشحت مصر السفير عمرو الحمامي كسفير لها في أنقرة، بينما رشحت تركيا السفير صالح موتلو شين كسفير لها في القاهرة.
aXA6IDE4LjExNi4yNC4xMTEg جزيرة ام اند امز