بالصور.. بيت"الكريتلية" الأثري الذي حوله ضابط إنجليزي لمتحف إسلامي
تعرف على متحف جاير أندرسون أو "بيت الكريتلية"، أحد أقدم البيوت المبينية في العصر المملوكي الكائنة في حي السيدة زينب بالقاهرة.
يعد متحف جاير أندرسون أو كما يطلق عليه شعبيا بيت" الكريتلية" من أهم المتاحف أو البيوت الإسلامية التى بنيت فى العصر المملوكي فى حي السيدة زينب بوسط القاهرة، حيث يتمتع بتاريخ عريق يمتد لنحو 5 قرون، وطراز معماري إسلامي نادر الوجود، بالإضافة إلى مجموعة من التحف الإسلامية المميزة.
يتكون المتحف من بيتين، البيت الأول ويعرف باسم بيت" آمنة بنت سالم"، وقد أنشأه المعلم "عبد القادر الحداد" عام " 1540 م - 947 هجريا"، والبيت الثاني بناه أحد الأعيان وهو "محمد بن الحاج سالك بن جلمام" عام 1631م، وعرف ب بيت "الكريتلية" نسبه لسيدة كريتية من "جزيرة كريت " وهى آخر من سكنته، وتم توصيل البيتين عن طريق قنطرة ربطت بين البيتين وأطلق عليهما بيت الكريتلية.
أما تسميته بـ "متحف جاير اندرسون" فيرجع إلى الضابط الإنجليزي جاير أندرسون الذي ولد فى بريطانيا عام 1881م، وجاء إلى مصر عام 1908، وعمل طبيبا بالجيش الإنجليزي حتى أحيل إلى التقاعد سنة 1924، وقد عرف عنه حبه للآثار، وولعه الشديد بمصر وتاريخها وخاصة التاريخ الإسلامي، حتى قال في مذكراتة المحفوظة بمتحف فيكتوريا والبرت بلندن "مصر أحب الأراضي إلى قلبي، لذلك لم أفارقها لأني قضيت بها أسعد أيامي منذ مولدي".
في عام 1935 قام الضابط المتقاعد بتقديم طلب إلى "لجنة حفظ الآثار العربية" أن يسكن فى البيتين مقابل أن يقوم بإعادة تأسيسهما مرة أخرى على الطراز الإسلامي، وقد تعهد بأن يؤول البيت وما به من أثاث إلى الشعب المصري فى حالة رحيله أو موته .
وبالفعل وافقت اللجنة العربية على طلب اندرسون الذى سارع بشراء الأثاث والتحف الإسلامية من الأسواق والبيوت الأثرية، وقام بجلب بعض التحف والقطع الأثرية النادرة من الصين, وإيران, والقوقاز, ومن آسيا الصغرى والشرق الأقصى، بالإضافة إلى أوروبا، وعاش فيه حتى توفي عام 1945 تاركا مجموعة ضخمة من التحف الفنية الإسلامية للشعب المصري، وقد منحه الملك فاروق عام 1943 لقب باشا تقديرا لدوره.
البئر
ينفرد بيت الكريتلية أو متحف أندرسون بخصوصية معمارية ليس لكونه يمثل الحقبة العثمانية فقط بل لوجود سمات نادرة الوجود فى العمارة الإسلامية فى ذلك الوقت منها وجود" سبيل" لسقاية الناس داخل البيت وليس بداخل مسجد أو جامع أو بناية إسلامية كما هو المعتاد فى العمارة الإسلامية، حيث كان خادم السبيل وكان يسمي "المزملاتي " بتقديم الماء للمارة من خلال البئر الموجود فى وسط السبيل، وهناك أساطير تدور حول البئر تقول إنه مسحور بحيث إن الشخص الذي ينظر في مياهه يجد وجه الشخص الذي يحبه، وقد ظل السبيل فى تقديم المياه حتى أثناء إقامة اندرسون بالبيت ولم تتوقف حتى وفاته.
ويحيط ببيت الكريتلية العديد من اﻷساطير الغريبة منها أنه بني على “جبل شكر” الذي رست عليه سفينة نوح عليه السلام، وما يميز عمارة البيت هو تصميم مدخله على هيئة " المدخل المنكسر" وهى تعنى وجود مساحة تلي المدخل مباشرة ثم دهليز يفضي إلى صحن البيت، وهو نمط منتشر فى العمارة العثمانية للحفاظ على حرمة البيت وعدم كشفه على الضيوف و المارة.
أما عن صحن البيت فهو فناء واسع تقع فى منتصفه تماما "فسقية"، وقد تم تصميم الفناء بطريقة تحفظ حرمانية اهل البيت فكل الطوابق والقاعات بالبيت تفتح على الصحن وليس إلى الخارج، وبالصحن قدور فخار بينها أصص لنبات الزينة والأشجار الصغيرة.
غرف وقاعات
المتحف يتكون من 29 قاعة وتعد كل منها لوحة فنية خاصة لما تتميز به من تصميم معماري إسلامي، وكعادة البيوت الإسلامية فى العصر العثماني ينقسم البيت إلى قاعة "السلاملك" وهى الخاصة بالرجال، وتنقسم إلى 3 أجزاء منها إيوانان موزعان على جانبي القاعة، ويحصران بينهما دركاة فى الوسط، وهذه القاعة مفروشة بالوسائد، والطقاطيق الخشبية الصغيرة المزخرفة بالعاج والصدف والأشكال الإسلامية، وجدرانها مزينة بالأشكال الفنية السداسية، وفى القاعة مجموعة من التحف بالإضافة إلى مجموعة من الصناديق الخشبية المطعمة بالعاج.
أما "الحرملك" وهى قاعة مخصصة للنساء تطل على الفناء من خلال شبابيك أو مشربيات، وهى مفروشة بوسائد جميلة عليها تصاوير بالأسلوب الفارسى تصور مشاهد برية، وتحتوي القاعة على مجموعة من المقاعد الخشبية المطعمة بالعاج والمصفحة بالزجاج المفضض والملون.
وفي البيت غرفة صغيرة مخصصة للكتابة والقراءة، وأيضاً غرفة أخرى تحتوي على أثاث فارسي، وقد خصصها أندرسون لتكون غرفة للنوم وتسمي الغرفة "الفارسية"، وهناك الغرفة "التركية" التي تحتوي على صالون تركي، ومعلق بالغرفة صورة زيتية لمحمد علي مؤرخة “1806م، و لوحة زيتية أيضاً للخديوي سعيد الذي حكم مصر من 1854 – 1867م، وهناك الغرفة "الدمشقية" وهي عبارة عن غرفة مزخرفة بالكامل بزخارف نباتية وورود.
وهناك رواق التصاوير والرسومات الذى يحتوي على مجموعة نادرة من اللوحات المرسومة بالطراز الإسلامي، بعضها يصور كتاب" الشاهنامة"، والآخر مجموعة من تصاوير الصيد والاحتفالات والمناظر الطبيعية.
بالإضافة إلى أن البيت الثاني وهو بيت" آمنة بنت سالم" و يحتوي على قاعة لاستقبال الأميرات والهوانم، وبجوارها يقع رواق المغاني وهو رواق صغير تقام فيه الاحتفالات والغناء طولها 15 متراً، وغرفة للولادة تحتوي على مقاعد لمساعدة السيدات فى الولادة .