تسجل دولة الإمارات من جديد ملحمة إغاثية تاريخية بأحرف من نور، تعكس التزامها الراسخ في دعم الإنسانية، بمبادرة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بتوجيهات فورية لدعم ميانمار عقب الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، مخلّفًا وراءه آثارًا كارثية.
تُعد هذه الجهود الإغاثية الإماراتية من بين أبرز المساعدات الإنسانية في تاريخ ميانمار، حيث يعتبر الزلزال الذي بلغت قوته 7.7 درجة على مقياس ريختر من أقوى الزلازل التي شهدتها البلاد خلال مئة عام.
وبفضل القيادة الحكيمة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، جاءت الإمارات في طليعة الدول التي سارعت في تقديم الدعم للمتضررين، مؤكدة بذلك التزامها الدائم بالمساندة في الأوقات الصعبة.
الجهود الإنسانية الإماراتية لاقت تقديرًا واسعًا من الشعب الميانماري، الذي استعاد في ذاكرته جهود الإمارات السابقة لدعمهم في مواجهة جائحة "كوفيد-19" عام 2020.
وقد تواصلت هذه التوجيهات السامية لتعزز مكانة الإمارات عاصمة عالمية للإنسانية، وتؤكد ريادتها في الاستجابة السريعة للأزمات والكوارث الطبيعية.
بحلول فرق الإنقاذ الإماراتية في موقع الحدث بعد ساعات قليلة من وقوع الزلزال، تجسدت أسمى معاني "الأخوة الإنسانية" من خلال المساعدات الطارئة التي شملت إزالة الأنقاض وتقديم العون للجرحى والمصابين، مما يعكس التفاني والإحساس العميق بالمسؤولية تجاه الشعوب المتأثرة.
هذه الجهود الإغاثية تأتي ضمن نهج الإمارات الثابت في الوقوف إلى جانب الشعوب المتضررة في أوقات الأزمات، تجسيدًا للقيم الإنسانية السامية التي تروج للتعاون والتضامن العالمي.
وتستمر الإمارات في أداء دورها العالمي البارز، مدفوعة بمبادئ نبيلة تدعو إلى التآزر والوقوف مع المتضررين لتخفيف معاناتهم.
يذكر أن الزلزال الذي وقع يوم الجمعة الماضي أسفر عن مقتل أكثر من 3 آلاف شخص، بالإضافة إلى تشريد الآلاف ودمار واسع النطاق في البنية التحتية للبلاد.
تحرك عاجل
وعقب وقوع الزلزال، أرسلت دولة الإمارات بشكل عاجل فريق البحث والإنقاذ لديها التابع لهيئة أبوظبي للدفاع المدني والحرس الوطني وقيادة العمليات المشتركة لدعم جهود البحث والإنقاذ للمتأثرين من آثار الزلزال الذي ضرب جمهورية اتحاد ميانمار.
جاء ذلك تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
يأتي ذلك في إطار استجابة دولة الإمارات الإغاثية الفورية للمتضررين جراء الكوارث والأزمات والزلازل والأعاصير في مختلف الدول، انطلاقاً من مسؤولياتها الدولية ورسالتها الحضارية والتزاماتها الإنسانية لسرعة مد يد العون ومساعدة المحتاجين وإغاثة المنكوبين في شتى أنحاء العالم، وتأكيداً للدور الإماراتي الإنساني الرائد وجاهزية وكفاءة فرق العمل المختلفة في البحث والإنقاذ والإغاثة.
جهود على مدار الساعة
ويواصل حاليا فريق الإمارات للبحث والإنقاذ تنفيذ عمليات البحث والإنقاذ في 6 مواقع حتى الآن، بكفاءة عالية دون توقف، ضمن نظام مناوبات يغطي الفترتين الصباحية والمسائية، بهدف تسريع وتيرة الاستجابة، والوصول إلى أكبر عدد ممكن من المواقع المتضررة في أقصر وقت ممكن.
جهود تتواصل على مدار الساعة، لتنفيذ المهام الإنسانية، ضمن جهود دولة الإمارات في دعم الدول المتضررة من الكوارث الطبيعية، وتقديم العون الإغاثي العاجل.
وأكد العميد سالم عبدالله بن براك الظاهري المدير العام لهيئة أبوظبي للدفاع المدني، أن مشاركة فريق دولة الإمارات للبحث والإنقاذ في ميانمار تُجسِّد النهج الإنساني الراسخ لدولة الإمارات، والتزامها الدائم بمدِّ يدِ العون للمحتاجين دون اعتبار للجغرافيا أو التحديات، مشيراً إلى أن جهود الفريق في الميدان تعكس قيم التضامن والمسؤولية التي أرستها القيادة الرشيدة.
وقال العقيد مظفر محمد العامري قائد فريق دولة الإمارات للبحث والإنقاذ، إن الفريق يواصل جهوده الميدانية في ظروف صعبة وبيئة تتطلب أعلى درجات الحذر والدقة، مشيراً إلى التزام الفريق بأعلى معايير السلامة المهنية في جميع مراحل تنفيذ المهام، بدءاً من عمليات التقييم الميداني، وصولاً إلى التعامل مع المباني المهدمة وانتشال الناجين من تحت الأنقاض.
وأكد العامري أن التعاون الوثيق مع الجهات المحلية في ميانمار، والتنسيق المستمر مع فرق الطوارئ الدولية، يُسهم في تعزيز كفاءة العمليات وتوسيع نطاق الاستجابة، ما يضمن إنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح، وتوفير الدعم اللوجستي والإغاثي للمناطق المتضررة.
ووصلت طائرتان عسكريتان إماراتيتان محملتان بمعدات البحث والإنقاذ برفقة فرق إنقاذ إماراتية، قبل أيام، إلى مطار يانغون الدولي لمساعدة المتضررين من الزلزال المدمر الذي ضرب ميانمار.
امتنان وشكر
وقوبلت جهود الإمارات العربية المتحدة في إرسال فريق إنقاذ لمساعدة المتضررين من زلزال ميانمار بإشادة واسعة من قبل المواطنين في ميانمار، الذين عبّروا عبر مواقع التواصل عن امتنانهم العميق لهذا الدعم الإنساني.
واستعاد مواطنو ميانمار الدور الإماراتي الإنساني التاريخي في الوقوف إلى بلادهم.
وكانت دولة الإمارات قد أرسلت في سبتمبر/ أيلول 2020 طائرة مساعدات تحتوي على 5 أطنان من الإمدادات الطبية وأجهزة الفحص إلى ميانمار، لدعم جهود 5 آلاف من العاملين في المجال الطبي، وتعزيز إمكانياتهم في مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19".
جاءت جهود دولة الإمارات في تسيير طائرة المساعدات العاجلة لمساعدة القطاع الطبي في ميانمار انعكاسا للمبادئ الإنسانية وروح التسامح التي تأسست عليها دولة الإمارات في تقديم الدعم لكافة شعوب العالم لمساندتهم وإنقاذ حياتهم، دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى.
وقدمت ميانمار آنذاك الشكر إلى دولة الإمارات على إرسالها 5 أطنان من المساعدات الطبية إلى بلاده لتمكينها من مكافحة جائحة "كوفيد-19".
عاصمة الإنسانية
تأتي هذه الجهود الإنسانية ضمن دبلوماسية العطاء الإماراتية واستراتيجية الأخوة الإنسانية التي تنتهجها الإمارات وتضع في أولوياتها "الإنسان أولاً" من دون تمييز، بناء على أساس الجغرافيا أو العرق أو الدين، الأمر الذي يتوجها بحق عاصمة للإنسانية.
ويواصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، مسيرة العطاء التي بدأها المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وفاء لسيرته واستلهاماً لحكمته، لتحتل دولة الإمارات لسنوات عدة المركز الأول عالمياً كأكبر جهة مانحة للمساعدات الإنسانية نسبة إلى دخلها القومي.
بلغة الأرقام، بلغت حجم المساعدات الإماراتية الخارجية منذ قيام اتحاد الدولة في عام 1971، وحتى منتصف عام 2024 ما قيمته 360 مليار درهم (98 مليار دولار أمريكي)، بمتوسط 6.8 مليار درهم سنويا على مدار 53 عاما متواصلة.