في ظل صراع عرقي وديني.. هل تمثل ميانمار بيئة خصبة للقاعدة؟
تشهد ميانمار حالة من عدم الاستقرار منذ انقلاب العسكريين في فبراير/شباط 2021 الذي أطاح بحكومة الزعيمة المدنية أونغ سان سو تشي، وسط مخاوف من أن تصبح البلاد بيئة خصبة للحركات الإرهابية في ظل صراع عرقي وديني.
وفي الأول من فبراير/شباط 2021، ألقى المجلس العسكري القبض على أونغ سان سو كي، والرئيس وين مينت، والوزراء والنواب وأعضاء البرلمان، ومنذ ذلك الحين لم تهدأ البلاد وسط احتجاجات وعنف أودى بحياة المئات.
وبحسب "مشروع مكافحة التطرف" إنه منذ استقلال ميانمار عن بريطانيا عام 1948، انزلقت البلاد فيما يصفه بعض المحللين بأطول حرب أهلية، فيما تسعى الحكومات المتعاقبة إلى هيمنة عرقية للبورميين – الذي يمثلون 60 إلى 70% من السكان – على المجالات الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية.
وتعارض الحكومة عشرات من الأقليات العرقية التي تناضل من أجل تمثيل متزايد أو حكم ذاتي – أبرزهم: تشين، وكاشين، وكارين، ومون، وراخين، وروهينجا.
واليوم، هناك ما لا يقل عن 18 مجموعة متمردة من الأقليات العرقية التي تعمل ضد المجلس العسكري الحاكم.
وفي الواقع، تعمل جماعات المتمردين من الأقليات العرقية كعصابات أكثر منها منظمات إرهابية، ولا يعتقد أنها تتبنى أيديولوجيات دينية متطرفة.
لكن شنت القوات المسلحة للبلاد هجمات عسكرية ضد الروهينجا - وكلها ترقى إلى ما اعتبرته هيومن رايتس ووتش تطهيرًا عرقيًا، كما أدت الاشتباكات المستمرة بين الروهينجا والمتطرفين البوذيين إلى تأجيج الصراع في ولاية راخين.
وردًا على ذلك، شكلت قطاعات من الروهينجا جماعات متمردة، مثل: منظمة تضامن الروهينجا (RSO) في الثمانينيات، ومؤخرًا "آقا مول المجاهدين"، الذي حملته الحكومة مسؤولية هجومين كبيرين على المسؤوليين البورميين في منتصف أكتوبر/تشرين الأول عام 2016.
وفي غضون ذلك، سعت منظمات إرهابية دولية، بينها: القاعدة، وداعش، وطالبان، والشباب، استمالتهم إلى التطرف وحتى تجنيد الروهينجا المحبطين، ومع ذلك لا يوجد كثير من الأدلى على دعم محلي لتلك الجماعات الإرهابية.
وكثفت حكومة ميانمار جهودها لمكافحة التطرف خلال السنوات الأخيرة. في يونيو/حزيران 2014، سنت أول تشريع لمكافحة الإرهاب، والذي يجرم الإرهاب وتمويل الإرهابيين.
ومن جانبه، أفاد تحليل نشره موقع "عين أوروبية على التطرف" أن الجماعات الإرهابية تستغل الأزمة الإنسانية التي تعانيها أقلية الروهينجا لأغراضٍ دعائية وعملياتية منذ سنوات عدة؛ حيث يعتبر المسلمون أقلية في ميانمار، ويشكلون نسبة 4.3% من السكان، وتشكل عرقية الروهينجا غالبيتهم.
وتعتبرهم الحكومة مهاجرين بنغاليين، وحرمتهم من الجنسية البورمية، كما أنهم محرومون من السفر دون إذن، ولا يمكنهم امتلاك ممتلكات، ولا يمكنهم الإنجاب أكثر من طفلين.
وحاول النظام العسكري البورمي، على مرِّ السنين، طرد الروهينجا بالقوة والعنف من الدولة، متهمًا إياهم باتباع أجندة انفصالية.
وفي عام 2014، أشادت حركة الشباب الصومالية الإرهابية بمسلمي ميانمار بسبب عزيمتهم وصمودهم. وفي يونيو/حزيران من نفس العام، دعا أبو بكر البغدادي، الخليفة السابق لتنظيم داعش، إلى الجهاد في ميانمار، ووعد بالانتقام من الفظائع المرتكبة ضد المسلمين.
وفي سبتمبر/أيلول نفس العام، أعلن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، في مقطع فيديو، عن تشكيل تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية، مؤكدا أن التنظيم سيقاتل من أجل توحيد شبه القارة الهندية، وتحرير ميانمار، من بين أمورٍ أخرى.
وفي 2016، جدد زعيم فرع تنظيم داعش في بنجلاديش، أبو إبراهيم الحنيف، الدعوة إلى "الجهاد" في ميانمار لدعم الروهينجا.
وفي 13 مارس/آذار 2021، نشر إعلام تابع للقاعدة مقطع فيديو مدته 21 دقيقة تضمن رسالة صوتية من الظواهري، يهدد فيها ميانمار، قائلا إن "جرح مسلمي الروهينجا هو جرح الأمة بأسرها".
وبداية نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ظهرت جماعة متطرفة جديدة تسمى "كتيبة المهدي في بلاد الأراكان"، وأقسمت، من خلال المتحدث باسمها أبو لوط المهاجر، الولاءَ لزعيم تنظيم داعش أبو إبراهيم الهاشمي القريشي.
واعتبر موقع "عين أوروبية على التطرف" أن ذلك قد يلمح إلى وجود تعاون عملياتي مع مجموعاتٍ تعمل في الهند وسريلانكا وبنجلاديش.
وبحسب "مشروع مكافحة التطرف"، قال أمير رنا، وهو محلل أمني ومدير المعهد الباكستاني لدراسات السلام، إن تنظيم القاعدة حاول اجتذاب الروهينجا المسلمين في الماضي لكنه فشل.
ورأى دانييلي جاروفالو، الباحث المتخصص في الإرهاب الإسلاموي، خلال التحليل الذي نشره "عين أوروبية على التطرف"، أن تصاعد العنف العرقي الديني في ميانمار قد يخلق بيئة محتملة تقود لتطرف جزءٍ من السكان المسلمين.
وقال إن تشكيل كتيبة المهدي في بلاد الأراكان يشير إلى "بداية انتعاش الجهاديين في الدولة، وتدهور العلاقات المعقدة بالفعل بين المسلمين والبوذيين في ميانمار".
كما لفت إلى مدى هشاشة ولاية راخين، التي يسهل الوصول إليها، ويصعب حمايتها، مشددًا على أن "الصراع في الشمال وقد تكون راخين بمثابة ساحة تدريب لمسلحي تنظيم داعش، فضلًا عن تطوير جبهة جديدة في جنوب شرق آسيا، بعد تجربة احتلال ماراوي في الفلبين".
aXA6IDE4LjIyNC4zMC4yMzcg جزيرة ام اند امز