مؤتمر حكماء المسلمين.. بداية الإنقاذ لمسلمي ميانمار
بوابة "العين" الإخبارية ترصد الرسائل التي خرج بها مؤتمر مجلس حكماء المسلمين عن ميانمار في هذا التوقيت
اختتمت فعاليات أولى جولات الحوار بين أطياف شعب ميانمار، التي أعلنها مجلس حكماء المسلمين برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، الأربعاء الماضي، بالقاهرة، والذي ناقش أزمة ومعاناة مسلمي الروهينجا بميانمار، التي تعود لعقود طويلة من الاضطهاد والتعذيب والقتل والتهجير من المناطق على رأسهم، ولاية راخين ببورما.
ويعد هذا المؤتمر هو الأول من نوعه، الذي يتناول قضية شعب ميانمار، وطرق التعايش السلمي بين أفراد المجتمع اليورمي، وسبل تحقيق السلام والحوار المستمر بين جميع الأطراف، لترصد بوابة "العين" الإخبارية الرسائل التي خرج بها المؤتمر في هذا التوقيت، وتأثيره على المرحلة المقبلة، ودلالات إقامته في هذا التوقيت بالقاهرة.
واعتبر الدكتور محمد أبو ليلة، أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بجامعة الأزهر، أن مؤتمر مجلس حكماء المسلمين الذي انطلق تحت رعاية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وبمشاركة ممثلي من شباب ميانمار، تحت عنوان "نحو حوار إنساني حضاري من أجل مواطني ميانمار" هو علامة مميزة وبارزة على مواكبة الأحداث التي تشغل بال المسلمين حول العالم، مضيفاً "بالرغم من أن ميانمار قد تكون بعيدة جغرافياً عن مصر وبعض دول الخليج، ولكن في النهاية هي قضية هامة ومؤثرة، خاصة وأن المجتمع الإنساني مترابط مع بعضه البعض، والمصالح متشابكة، بشكل يستدعي وجود حلول سريعة ومنطقية لمثل هذه الأزمات الإنسانية".
أهمية المؤتمر
كما رأى أبو ليلة أن إقامة هذا الحوار، يؤكد ضرورة التعايش بين أبناء المجتمع اليورمي، وتغيير الفكرة الخاطئة أن مسلمي ميانمار هم رحالة ومهاجرو سطو على مناطق بميانمار، إنما هم أصحاب بلد كبقية الطوائف ولهم جذور قديمة في بورما، مشيراً إلى أن الاستخدام السيئ للدين هو السب وراء وقوع مظاهر العنف والاضطهاد كافة، خاصة أن مسلمي الروهينجا هم أقلية صغيرة تعيش على أعمال بسيطة وصغيرة مثل الزراعة، وبالتالي لا يكون للحكومة في ميانمار أي تخوف من قيامهم بممارسة أي عنف، وفي المقابل يلقي بعض الضعفاء منهم مصير صعب ينتهي في الكثير من الأحيان بالقتل وإلقاء الجثث على شاطئ البحر، واصفاً هذه الممارسات بـ"غير الإنسانية".
وتابع أبو ليلة قوله، بأن باقي الأديان الموجود بآسيا، مثل الهندوسية، والبوذية، هي أديان لا تحض على الكراهية والعنف، هم أبعد عن العصبية والتطرف، ولكنهم يفتقرون إلى فكرة إدارة الدولة، لذا تقع دولة ميانمار في الكثير من الأوقات في أخطاء لتناول قضية المسلمين هناك.
وفي حديثه مع بوابة "العين" الإخبارية، وصف الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف سابقاً، فكرة إقامة مؤتمر حول قضية مسلمي ميانمار بـ"الفكرة الرائعة"، والخطوة الإيجابية التي كان يجب أن يتخذها من قبل، خاصة مع تصاعد العنف الموجه ضد المسلمين في بورما، وتحديداً في ولاية "راخين".
توقيت المؤتمر
وفي تصريحات خاصة لبوابة "العين" الإخبارية، أثنى أبو ليلة، على توقيت إقامة مؤتمر متعلق بقضايا العنف والاضطهاد الذي يتعرض له مسلمو ميانمار، ليحمل الكثير من الدلالات والرسائل، خاصة أن المؤتمر جاء بعد احتفالات العالم الإسلامي بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأثناء احتفالات العالم ببداية سنة ميلادية جديدة، وبمولد السيد المسيح، وتزامناً مع الأحداث السياسية والعمليات الإرهابية التي يشهدها العالم منذ شهور عدة، ليرسخ المؤتمر رسالة للعالم ولجميع الأديان السماوية والمجتمعات الإنسانية، أن التعددية والتنوع والسلام هي صفات أساسية ترسم ملامح التعايش بين الطوائف والأعراق المختلفة.
كما أشادت الدكتور آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، بتوقيت بدء حوار حول معاناة أهل ميانمار من المسلمين، موضحاً أن أهمية المؤتمر تنبع من وجود خطوات وتحرك بشكل فعلي لمواجهة هذه المسائل غير الإنسانية التي تحدث بحقهم، وفي التوقيت الذي انطلق فيها حوار إنساني حضاري حول مسلمي ميانمار، بدأت الحكومة هناك في فتح تحقيق في التجاوزات والممارسات التي ارتكبت بحقهم طوال السنوات الماضية، ما يؤكد وجود نتائج مثمرة لمؤتمر مجلس حكماء المسلمين.
الحضور
واستضاف المؤتمر العديد من الشخصيات الدينية، على رأسهم فضية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وقادة مجلس حكماء المسلمين، والسفير مينت لوين، سفير اتحاد ميانمار بالقاهرة، وعدد من ممثلي الشباب بميانمار من الديانات "الإسلامية – المسيحية – الهندوسية – البوذية"، ليصف أستاذ الدراسات الإسلامية، المؤتمر بـ المتميز" من حيث عدد الحضور ومكانتهم، كما أشاد بتنوع وتشكيلة الحضور لتصبح رسالة للعالم بأجمعه، أن الشباب هم أساس التغيير والمسؤولية، وأن التنوع يساعد على احترام الآخر مهما اختلف عنك.
وأشار عبد الجليل، إلى أن الحضور من الشخصيات الدينية لهم تأثير قوي وأن خطوة إقامة المؤتمر هي سابقة ممتازة، متمنياً أن تشهد جوالات الحوار المقبلة وجوداً لممثلي القوى السياسية مع وجود قيادات الأزهر الشريف، وأن تلعب جامعة الدول العربية دوراً في توجيه دعوة إلزامية لجميع قيادات الدول العربية والإسلامية لحضور هذه المؤتمرات، والخروج بتوصيات إلزامية لجميع الأطراف في ميانمار.
كما أشاد وكيل وزارة الأوقاف السابق، بوجود ممثلي الشباب المسيحي والمسلم والبوذي والهندوسي، في الحوار، من أجل تغير الأفكار والعمل على إعداد مستقبل جيد بشباب متفهم للقضية وأبعاد الممارسات الطائفية، ليتابع قائلاً: "ولكن في الوقت الحالي يتطلب الأمر قرارات دولية لإيقاف إراقة الدماء لمسلمي بورما من الممارسات العنيفة والاضطهاد المستمر هناك".
جامعة الأزهر
كما أشار أبو ليلة إلى أن إقامة مؤتمر يتناول ترسيخ أسس السلام والتعايش بين أبناء المجتمع في ميانمار، بجامعة الأزهر، يحمل دلالة كبرى، بأن الأزهر كمؤسسة دينية تحتفظ بمكانتها كـ"بوابة رئيسية"، وهو الامتداد الرئيسي للعالم الإسلامي ومصر لإيصال جميع الرسائل للعالم كله، فطوال العقود الماضية كان للأزهر دور سياسي، فهو لم يهدف لتأسيس أحزاب سياسية أو المشاركة في المناصب السياسية، إنما هو منارة لنشر السلام والتآخي في العالم، ليصف المؤتمر بـ"مؤتمر الإنقاذ وإنذار لجميع منظمات المجتمع الدولي، لتتجه أعينهم إلى وجهة واحدة، وهي الكف عن العدوان ومد يد المساعدة لجميع أهل ميانمار لمحو فكر العنف والإرهاب".
وقال أبو ليلة: "إن المؤتمر هو نقطة بداية لمحو كل الأفكار السلبية، فالدين الإسلامي ليس دين إرهاب، ولا يصدر إرهاباً، ولا يستقبل الإرهاب، وأن أية تصرفات فردية هي نابعة من بيئة وشخصية كل شخص، فالأمر لا يتعلق بديانة، إنما كل الأديان هي خالية من جميع الدواعي الإرهابية"، واثقاً من أن أولى جوالات الحوار بين أطياف شعب ميانمار، ستؤتي بثمارها تباعاً المرحلة المقبلة.
وأبدت الدكتورة آمنة نصير، تفاؤلها بأن يحقق المؤتمر نتائجه التي خرج بها من أجل خلق سبل للعيش المشترك، والوقوف على أسباب الخلاف في ميانمار، ووضع حلول جذرية لمناهضة التطرف والعنف ضد مسلمي بورما، بوضع أساسيات للتواصل مع الضعفاء هناك، من أجل إيقاف أية ممارسات عنف أو اضطهاد ترتكب ضدهم.
aXA6IDE4LjIyNi4yNDguODgg جزيرة ام اند امز