لغز الانسحاب الأمريكي من أكبر حقل نفط عراقي.. ورفض بغداد للبديل الصيني
بعد شد وجذب على مدى السنوات الأخيرة، قررت "إكسون موبيل" الأمريكية الانسحاب من العمل في أحد أكبر حقول النفط العراقية.
ولوقت طويل، ظل هذا الانسحاب غير مفهوم بالنسبة للكثيرين من خارج العراق، لاسيما وأن السبب الأمريكي المعلن هو "انعدام الجدوى الاستثمارية".
- العراق يتلقف هدية بريطانيا ويستغلها اقتصاديا.. نهاية كابوس غسل الأموال
- مستشار الكاظمي: 3 أسباب وراء تعثر الاتفاقية العراقية الصينية
لكن هذا السبب لم يكن مقنعا، لا سيما وأن حقل غرب القرنة -1 النفطي (محل الانسحاب) هو أحد أكبر حقول النفط في العراق، بينما تطمح شركات أخرى عديدة للاستحواذ على الحصة الأمريكية فيه.
لغز آخر جديد تبدى في هذا الملف، وهو رفض العراق عرضا صينيا للاستحواذ على حصة "إكسون موبيل" في الحقل.
ويحمل التقرير التالي حل اللغزين بالإضافة إلى توضيح المصير النهائي لحصة إكسون موبيل في الحقل.
لماذا انسحبت "إكسون موبيل"؟
خالد حمزة مدير شركة نفط البصرة، قال لـ"العين الإخبارية"، إن "إكسون موبيل" قررت الانسحاب وعرض حصتها في حقل القرنة للبيع وفقا لأسباب معلنة من بينها "عدم الجدوى الاقتصادية من هذا الاستثمار".
لكن مصدرا في وزارة النفط العراقية، قال إن قرار الشركة الأمريكية بالبيع جاء بسبب "ظروف الإغلاق العالمية وتراجع أسعار النفط عقب جائحة كورونا".
ورغم ذلك، لفت المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه إلى أن ثمة "أسبابا أخرى".
وأوضح: "ألمحت الشركة إلى اضطراب الأوضاع الأمنية في العراق وتصاعد الهجمات التي تستهدف المصالح والاستثمارات الأجنبية".
وكان مسؤولون في وزارة النفط، كشفوا في يونيو/حزيران 2019، عن مخاوف أمنية تهدد بإلغاء صفقة بمليارات الدولارات مع شركة إكسون موبيل الأمريكية في جنوب العراق.
وسبق أن تعرض تجمع للشركات النفطية والأجنبية يضم "إكسون موبيل" في محافظة البصرة (حيث يقع الحقل)، قبل نحو عامين إلى سقوط صواريخ مما تسبب بإصابة 3 أشخاص.
وغداة الهجوم الصاروخي، أوقفت "إكسون موبيل"، أعمالها في حقل القرنة وسحبت موظفيها فيما انتقد الجانب العراقي ذلك الإجراء واصفا إياه بأنه "قرار سياسي".
ما هو حقل غرب القرنة؟
يعد حقل "غرب القرنة1" من أكبر حقول العراق النفطية ، وجرى استخراج النفط منه أول مرة عام 1973، في حين يبلغ الاحتياطي المؤكد للحقل 8.7 مليار برميل.
وكانت شركة "إكسون موبيل" قد فازت بعقد الاستثمار في الحقل خلال جولة التراخيص النفطية الأولى التي أجراها العراق عام 2008.
وحاليا تملك 4 شركات حصص التنقيب في حقل القرنة النفطي (65 كم شمال البصرة)، وهي "إكسون موبيل" الأمريكية، و"بتروشاينا" الصينية و"برتامينا" الإندونيسية و"إيتوشو" اليابانية.
وتبلغ حصة "إكسون موبيل" 32.7% من مجموع الشركات المستثمرة.
وينقسم الحقل إلى منطقة حقل غرب القرنة-1، وحقل غرب القرنة-2.
ويطور منطقة غرب القرنة-1 ائتلاف يضم شركة "إكسون موبيل" بحصة تبلغ 60%، وشركة النفط الوطنية العراقية 25%، و"رويال داتش شل" 15%.
البديل الصيني.. "مرفوض"
ويرفض العراق استحواذ شركة صينية على حصة "إكسون موبيل" في الحقل، بعد تلقيه عرضا رسميا للاستحواذ.
وأكدت شركة نفط البصرة، أنها لم تصدر موافقة إلى شركة "إكسون موبيل" بشأن بيع حصتها في حقل غرب القرنة -1 النفطي.
وقال محمد العبودي المدير العام في وزارة النفط العراقية إنه تجري حاليا مباحثات مع شركات أمريكية لشراء حصة إكسون موبيل بعد رفض العرض الصيني.
وأوضح أن رفض العرض الصيني نابع من رغبة وزارة النفط في اتباع سياسة تنويع في طبيعة الشركات المستثمرة.
ويوضح العبودي، أن انسحاب "إكسون موبيل" لن يؤثر بأي حال من الأحوال على العمل في الحقل، أو على قدرته الإنتاجية.
ورجح أن تشتري الوزارة حصة الشركة الأمريكية على أن تكلف إحدى الشركات المحلية بالعمل داخل الحقل.
وتأتي تلك التطورات في وقت يسعى العراق إلى رفع سقف إنتاج النفط الخام والوصول إلى طاقة تصديرية تصل إلى نحو 6 ملايين برميل يومياً.
ويعد النفط المورد الرئيس في الموازنة العامة للعراق بنسبة تتجاوز 90%.
وتستحوذ محافظة البصرة على النسبة الأكبر في سلة العراق النفطية.
القرار الأمريكي "مؤثر"
وعلى العكس من وجهة النظر الرسمية، يرى كامل المهدي الخبير النفطي، أن انسحاب "إكسون موبيل" سيعطل خطة إنتاج النفط في العراق.
وأوضح في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "قرار الشركة الأمريكية ببيع حصتها في أكبر الحقول النفطية في العراق مثير للجدل والاستغراب رغم الأسباب المعلنة بشأن ذلك المسعى".
وتابع: "الشركة الأمريكية أقدمت أكثر من مرة على الانسحاب من العقد المبرم مع الجهات العراقية وغالباً ما كانت تقف وراء ذلك أسباب أمنية أكثر من كونها فنية".
وأضاف: "احتدام الصراع بين واشنطن وطهران منذ مطلع العام الماضي هيأ لإكسون موبيل اتخاذ القرار بشكل نهائي حول الانسحاب من حقل القرنة -1".
aXA6IDMuMTIuMTU0LjEzMyA= جزيرة ام اند امز