نائل البرغوثي.. 40 عاما من الأسر بسجون إسرائيل
نائل اعتقل لأول مرة في 1978، عندما كان عمره 19 عاما، مع مجموعة من الشبان بينهم شقيقه عمر، بعدما اتهمهم الاحتلال بقتل طيار إسرائيلي.
40 عاماً هي المدة التي قضاها الأسير الفلسطيني نائل البرغوثي داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، لتكون أطول مدة يقضيها أسير فلسطيني.
في منزل الأسير في قرية كوبر برام الله، لا تتوقف زوجته إيمان نافع، وهي أسيرة محررة، وأشقاؤه عن استقبال الوفود التضامنية أو المشاركة في فعاليات تضامنية مع أسير بات يشكل حالة فريدة على مستوى فلسطين وربما العالم من حيث المدة التي قضاها في السجن.
واعتقل نائل (62 عاماً) لأول مرة في 4 أبريل/نيسان 1978، حين كان عمره 19 عاماً، مع مجموعة من الشبان بينهم شقيقه عمر وابن عمه فخري، بعدما اتهمهم الاحتلال بقتل طيار إسرائيلي، وحكم عليهم بالسجن المؤبد و18 عاماً.
ورفضت سلطات الاحتلال الإفراج عنه رغم مرور العديد من صفقات التبادل والإفراجات التي تمت في إطار المفاوضات، وخلال سنوات اعتقاله، فقد نائل البرغوثي والديه وتوالت أجيال، وهو داخل الأسر.
حرية ولكن!
أفرج عن شقيقه عمر في صفقة تبادل 1985 بينما نائل وفخري بقيا قيد الاعتقال، حتى أفرج عنهما بعدما أمضيا 34 عاماً متواصلة في الأسر، وذلك في أكتوبر/تشرين الأول 2011، ضمن صفقة تبادل الأسرى مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي كان محتجزاً في غزة.
تروي الأسيرة المحررة إيمان نافع، زوجة الأسير، لـ"العين الإخبارية"، كيف أن نائل بعد تحرره بدأ ينخرط في الحياة، مشيرة إلى أنه لم يكن متزوجاً قبل الاعتقال، وخرج فوجد والديه قد فارقا الحياة، فأراد استمرار الحياة بالزواج وعلى أمل الاستقرار، واختار شريكة له في درب الحياة وتزوجا وخططا للإنجاب عبر الزراعة، ليحقق نائل حلمه في ابن يقول له: بابا، وهو الذي حرم لسنوات من قولها لوالديه، ولكن الاحتلال سرعان ما حرمهما من هذا الحلم.
بقلب موجوع تطلق زوجة الأسير آهات كبيرة، وهي تتذكر الأسابيع القلائل التي عاشاها معاً خلال حريته القصيرة قائلة: "ارتبط بالأرض فكان يحرثها ويزرعها ويقطف ثمار زيتونها بيديه ويعتبر شجرة الزيتون رمزاً لصمود الفلسطيني".
إعادة الاعتقال
بعد 32 شهراً من الإفراج عنه، أعاد الاحتلال اعتقال نائل هو و70 أسيراً من محرري الصفقة، في 18 يونيو/حزيران 2014، لتبدأ رحلة معاناة جديدة مع الأسر والسجون، إذ أصدرت عليه سلطات الاحتلال حكماً مدته 30 شهراً، وبعد انتهائها أعادت سلطات الاحتلال حكمه السابق، وهو المؤبد و18 عاماً.
وخلال رحلة الاعتقال واجهت عائلة نائل صنوفاً من التنكيل الإسرائيلي، فقد اعتقل شقيقه عمر عدة مرات.
وفي أواخر عام 2018 قتلت قوات الاحتلال نجل شقيقه صالح عمر البرغوثي، واعتقلت عاصم وهو شقيق الشهيد صالح، واعتقلت والدهم عمر البرغوثي، وأفراد عائلته، وهدمت منزلين للعائلة، ولاحقاً أفرجت عن عمر الذي بقي يكافح ويقود حراك التضامن للمطالبة بالإفراج عن شقيقه ونجله وباقي الأسرى.
ويقول عمر، الذي أمضى 26 عاماً في سجون الاحتلال: "إن 40 عاماً ليست مجرد رقم يتداوله الساسة والمنظمات ووسائل الإعلام، فالأسير ليس رقماً، ولكنه قضية إنسان وتاريخ ورسالة غابت عن الحياة لأربعة عقود".
وفيما يطالب عمر البرغوثي بتكثيف الجهود للإفراج عن شقيقه نائل، فإنه يستصرخ كل الجهات للاهتمام بقضية الأسرى والحفاظ عليها، والوقوف مع الأسرى والعمل لأجل قضيتهم، ترنو عيون زوجته ومحبيه إلى صفقة تبادل جديدة تحرر نائل ورفاقه من الأسر.
في 20 نوفمبر/تشرين الثاني يدخل نائل عامه الـ40 في الأسر، وسط فعاليات تضامنية واسعة في الضفة وغزة، وتقول زوجته: "نأمل في أن تتسع لتعم العالم تضامناً مع أقدم أسير واحتجاجاً على ظلم الاحتلال".
نائل لم يتزحزح عن مبادئه الأولى التي اعتقل عليها ولا يزال يرفض الشراء من "كانتين" السجن، باعتباره يدعم موازنة جيش الاحتلال، "ولا يزال يؤمن بقدرة شعبنا على تحرير فلسطين"، وفق تأكيد زوجته.
شقيقة الأسير الوحيدة حنان -ممنوعة من زيارته- قالت، خلال إحدى فعاليات التضامن معه، إنها كانت في عمر 12 عاماً عندما اعتقل شقيقها، وهي الآن تجاوزت الخمسين من عمرها.
وتهدد صوتها وهي تروي كيف أنها تزوجت وأنجبت وصارت جدة، وشقيقها لا يزال معتقلاً، معتبرة أنه "من العار أن يمضي أسير أكثر من ثلثي عمره في السجن، ويمر ذلك بصمت".
عزل بعد 40 عاما من الأسر
والإثنين، كشف نادي الأسير الفلسطيني أن إدارة سجون الاحتلال عزلت الأسير نائل البرغوثي في زنازين سجن بئر السبع “إيشل”، مهددة إياه بالنقل إلى سجن آخر.
وأوضح نادي الأسير، في بيان له، أن إدارة السجون تذرعت بصدور تصريحات عن الأسير البرغوثي، بمناسبة دخوله عامه الـ40 في الأسر، وعلى خلفية ذلك عزلته.
وفي رسالته المسربة أواخر الشهر الماضي التي جاءت في ذكرى ميلاده الـ62، يقول في كلمات مقتضبة: "يوم ميلادي يذكرني بميلاد كل ثورة تطالب بالحرية، وأشعر كأني أولد من جديد".
وفي رسالة سابقة من معتقله، أكد الأسير نائل البرغوثي أن "الوحدة هي المنطلق الأول لاستعادة الهوية الفلسطينية التي يحتاجها الأسرى، التي تجسدت في مسيرات العودة كطريق لوحدة الدم والمصير".
aXA6IDMuMTQ0LjkwLjIzNiA= جزيرة ام اند امز