نجلاء المنقوش.. خبيرة إدارة الصراع "تسقط" بالامتحان الليبي
من أول ليبية تتولى حقيبة وزارة الخارجية في بلادها إلى "وزيرة الأزمات"، رحلة قصيرة لنجلاء المنقوش، دامت 18 شهرًا، مرت فيها فترة مسؤوليتها بمحطات عدة، حتى أسدل الستار عليها، يوم الإثنين، بإقالتها.
وكان مصدر حكومي ليبي قال يوم الإثنين إن رئيس حكومة الوحدة الوطنية (منتهية الولاية) عبد الحميد الدبيبة، أقال وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش بعد أن أثار لقاؤها مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين احتجاجات في البلد الأفريقي.
ذلك اللقاء كانت وزارة الخارجية الليبية بررته بأنه "لقاء عارض غير رسمي وغير معد مسبقًا أثناء لقاء مع وزير الخارجية الإيطالي"، إلا أن مسؤولا إسرائيليا، قال يوم الاثنين إن "الاجتماع جاء الاتفاق عليه مسبقًا على أعلى المستويات في ليبيا واستمرّ قرابة ساعتين".
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن قرار الدبيبة بإقالة المنقوش، أعلنه من داخل مقر السفارة الفلسطينية في طرابلس، واصفاً تصرفها بالفردي لنقص خبرتها الدبلوماسية.
فماذا نعرف عن نجلاء المنقوش؟
ولدت عام 1973 في مدينة كارديف في ويلز بالمملكة المتحدة، إلا أنها عادت إلى ليبيا في سن السادسة مع عائلتها، لتستقر في مدينة بنغازي شرقي البلد الأفريقي.
قال عنها موقع مركز الأديان العالمية والدبلوماسية وحل النزاعات (CRDC)، إنها حصلت على الماجستير في القانون الجنائي من جامعة بنغازي (قاريونس آنذاك)، ثم ماجستير في إدارة الصراع والسلم من جامعة جامعة "إيسترن مينونايت"، ثمّ دكتوراه في إدارة الصراع والسلم من جامعة جورج مايسون.
وبحسب موقع مركز الأديان، فإن المنقوش التي حازت على منحة برنامج "فولبرايت" لدراسة الماجستير في مجال تحويل النزاعات من مركز العدالة وبناء السلام (CJP) في الولايات المتحدة، تعد أستاذة قانون، ومحامية في القانون الجنائي، وتركز في بحوثها وعملها على عملية الانتقال من الحرب إلى السلم وبناء السلم.
وشاركت المنقوش خلال أحداث 2011 كناشطة اجتماعية، واعتادت الظهور بالحجاب خلال الوقائع التي تلتها، لتثمر رحلتها عن ترؤسها وحدة المشاركة العامة التابعة للمجلس الوطني الانتقالي.
وبعد قرابة عشرة أعوام من تلك الأحداث، وتحديدًا في 10 مارس/ آذار 2021، أصبحت نجلاء المنقوش أول وزيرة خارجية في ليبيا ضمن حكومة عبدالحميد الدبيبة.
وبعد قرابة عام من توليها مسؤوليتها كوزيرة لخارجية ليبيا، حصلت عام 2022 على جائزة المرأة الشجاعة الدولية الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية، بحسب حسابها على منصة "إكس" (تويتر سابقًا).
أزمات على الطريق
ومنذ توليها وزارة الخارجية في حكومة الدبيبة، وباتت المنقوش تعرف باسم "وزيرة الأزمات"، بالنظر إلى الأزمات التي وقعت في الفترة القصيرة التي ترأست فيها وزارة الخارجية.
فبعد وقت قصير من توليها منصبها، أثارت المنقوش جدلًا في ليبيا بعد تصريحاتها حول إصرار حكومتها بانسحاب القوات التركية من البلاد.
وكانت المنقوش، قالت في أبريل/نيسان 2021، إن الحوار قد بدأ مع تركيا "لكننا مصممون على انسحابها من البلاد"، مضيفة: "لاحظت الحكومة الليبية استعداد أنقرة لبدء المباحثات والمفاوضات"، مما أثار أزمة -آنذاك- بين حكومة الدبيبة وتركيا.
وبعدها بأشهر، وتحديدًا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، أدلت المنقوش بتصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أكدت فيها أن الحكومة الليبية مستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بقرار ترحيل ضابط المخابرات السابق أبو عجيلة مسعود.
إلا أنها لاحقًا، نفت ذكرها لأبي عجيلة مسعود خلال مقابلتها، قائلة إنها أجابت عن سؤال متعلق بضحايا لوكربي وضحايا تفجير "مانشستر أرينا" الذي وقع سنة 2017.
تلك التصريحات، دفعت المجلس الرئاسي الليبي إلى تعليق عمل المنقوش، متهمًا إياها بعدم التنسيق معه في قضايا السياسة الخارجية، إلا أن ذلك القرار أثار صدامًا مع الدبيبة الذي اعتبر أن ايقاف وزير عن العمل هو حكر على الحكومة وحدها.
وكانت حكومة الدبيبة، سلمت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلى الولايات المتحدة، الليبي المتهم بصنع القنبلة التي استخدمت لتفجير طائرة بانام الأمريكية فوق بلدة لوكربي الأسكتلندية في 1988، في هجوم أوقع 270 قتيلاً.
مشادة كلامية
وعلى طريق الأزمات، كان اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية الذي عقد على مستوى القمة في الجزائر، في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، دخلت المنقوش مع نظيرها المصري سامح شكري، في مشادة كلامية حول الفقرة الخاصة بليبيا والمعنية بشرعية حكومة عبد الحميد الدبيبة.
وآنذاك، قال المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، إن سبب مغادرة سامح شكري وزير الخارجية والوفد المرافق له في الجلسة الافتتاحية لمجلس وزراء الخارجية العرب، هو تولي نجلاء المنقوش الممثلة لحكومة منتهية ولايتها، رئاسة أعمال مجلس وزراء الخارجية العرب.
وفي مارس/آذار 2023، تكررت الأزمة نفسها بين وزيري خارجية ليبيا ومصر، على هامش أعمال الدورة رقم (159) لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، والتي عقدت بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة.
فمصر احتجت عبر وزيرها شكري على مشاركة المنقوش في الدورة الـ159، فلم تتسلم رئاسة الدورة من وزيرة خارجية ليبيا وفقا للأعراف الدبلوماسية، مما دفع المنقوش إلى تسليم الرئاسة عبر وسيط متمثل في الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي.
وعقب انتهاء كلمة نجلاء المنقوش وزيرة خارجية ليبيا في الحكومة المنتهية ولايتها، دخل سامح شكرى وزير الخارجية قاعة اجتماعات مجلس الجامعة العربية، لتتسلم بلاده رئاسة الدورة الـ159.
aXA6IDMuMTQ0LjEwMS43NSA= جزيرة ام اند امز