ندم وغضب وموت.. أردوغان يدفع بمرتزقته للمحرقة
عائلات القتلى السوريين تلوم الحكومة التركية على استغلالها الفقر وتعطش الشباب المال.
من شمال أفريقيا إلى القوقاز سقط مرتزقة سوريون مجددا في شباك الندم والغضب والموت بعد أن دفع بهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمحارق النزاعات التي لا يكف عن إضرامها.
وتحت إلحاح الأوضاع الاقتصادية المتردية في الشمال السوري نجح نظام الرئيس التركي في إغراء مسلحين موالين لأنقرة عبر المال بالمشاركة في النزاع بين أذربيجان وأرمينيا على إقليم ناغورني قره باغ بعد أن دفع بهم إلى ليبيا لدعم عصابات إرهابية تهيمن على العاصمة طرابلس.
وتحدث مقاتلون سوريون عن الأوضاع السيئة وانعدام الرضا الذي يسيطر عليهم بعدما وقعوا في فخ الإغراءات المالية التركية؛ ليواجهوا الموت في القوقاز.
وصباح الأحد، أعيدت جثامين أكثر من 50 سوريًا قتلوا خلال الصراع المستعر بعيدًا عن حدود وطنهم – على أرض لم يعرف كثيرون عنها إلا منذ بضعة أشهر.
وقالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في تقرير لها إنه بعد فترة قصيرة من اندلاع النزاع بين أرمينيا وأذربيجان، اتجهت تركيا لتجنيد عناصر مسلحة في الشمال السوري للقتال في ليبيا نيابة عن حكومة فايز السراج.
لكن تقارير أفادت بأن المرتزقة عادوا إلى سوريا من أجل التدريب قبل نقلهم إلى الإقليم الواقع جنوبي القوقاز، وبعضهم تلقوا تدريبًا لمدة خمسة أيام فقط، بينما استمرت تدريبات آخرين ما بين أسبوعين إلى شهرين، بحسب مصادر في الفصائل الموالية لأنقرة.
ونقل أوائل المقاتلين في نهاية سبتمبر/أيلول إلى جنوبي تركيا ثم من غازي عنتاب إلى أنقرة، قبل التوجه إلى أذربيجان في 25 سبتمبر/أيلول.
وبحسب رواية أحد المقاتلين، وصل قادة الفصائل السورية في وقت سابق؛ لاستكشاف المنطقة والتنسيق مع الجيش الأذربيجاني بشأن توزيع الجنود.
إغراءات وندم
وبالنسبة لكثير من الشباب، الذين نزحوا جراء سنوات الحرب وانعدام الفرص الاقتصادية، كانت إغراءات حياة المرتزقة عبارة عن دعاية دينية ومال؛ حيث تلقى المقاتلون عروضًا بعقود لأربعة أشهر نظير الحصول على 1500 دولار شهريًا، تدفع لهم بالليرة التركية.
لكن يندم كثير منهم بالفعل على قبول العرض، خاصة بعد التقارير بشأن مقتل 55 مرتزقة سوري بعدما واجهوا قتالًا أكثر عنفًا مما صور لهم.
وقال أحد المقاتلين في أذربيجان، طلب عدم ذكر اسمه خوفًا من التعرض للانتقام: "جميع المقاتلين غير راضين عن الوضع هنا. الحالة النفسية هنا سيئة بعد مقتل عدد من أصدقائنا."
وبالرغم من تكليفهم للقيام بمهام حراسة على خطوط الحدود، دفعوا لاشتباكات مباشرة، دون دعم يذكر.
وقال مقاتل آخر في أذربيجان إنه ينام داخل خيمة مع ما يتراوح من 20 إلى 30 شخصا، مشيرًا إلى أن عددًا من المقاتلين "يتمنون العودة إلى سوريا بعد ندمهم على القدوم إلى هنا. نحن لسنا سعداء."
وذكرت "فورين بوليسي" أن وصول جثامين القتلى من المرتزقة يخيم بظلاله على الأماكن التي تعيش الحداد بالفعل، حيث أوضح أحد مقاتلي الفصائل في عفرين (شمال غربي سوريا) أن وصول القتلى كان "يومًا مأساويًا لم نشهده من قبل".
وقال والد أحد المرتزقة السوريين: "لا أحد يريد أن يجني المال من الحروب" بعد نحو عقد زمني من الحرب الأهلية، لكن النزوح والمشاكل الاقتصادية التي لا مفر منها المصاحبة لفترة اضطرابات طويلة الأمد، لم تترك للشباب خيارات.
وأضاف أحد أفراد عائلة مكلومة فقدت ابنا لها: "نلوم الحكومة التركية على استغلال فقرنا وتعطش الشباب للمال".
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن العائلات لم ترد الكشف عن هويتها خوفًا من أن يخسروا تعويضات مالية بقيمة 60 ألف ليرة تركية (نحو 7800 دولار) عن المقاتلين القتلى.