الفلسطينية نجوى بريكة.. إبداع يهزم الإعاقة
نجوى بريكة تتحدى إعاقتها وتنجح في استكمال دراستها، وكانت من أوائل الطالبات في الثانوية العامة بمحافظتها خان يونس جنوب قطاع غزة
ولدت لأسرة فقيرة، وأب تعطّل عن العمل، وأم لم تتحصل على تعليمها الأساسي، وكان قدرها أن تخلق بإعاقة سمعية، مثلما قدر لشقيقها الأكبر منها تماماً، غير أنها منحت نفسها منذ طفولتها إرادة صلبة، فتمسكت بتعليمها الأساسي، ونجحت في تفوق ملحوظ، فلفتت انتباه من حولها لذكائها.. إنها الشابة الفلسطينية نجوى بريكة.
نجوى نجحت في تشجيع أهلها في استكمال دراستها، وكانت من أوائل الطالبات في الثانوية العامة بمحافظتها خان يونس جنوب قطاع غزة، لتكمل تعليمها الجامعي بتفوق مشهود، ومع مشوار التحدي تفتحت لديها موهبة الرسم والتصميم، ودعمت هذه الموهبة بالدراسة الأكاديمية.
"العين الإخبارية" زارت نجوى بريكة في مكتب عملها المؤقت، وبورقة وقلم لسؤال يُكتب، ونجوى البالغة من العمر 22 عاماً، تجيب عنه بالكتابة، وبتدخل من معلمة الإشارة المرافقة لها تعرفنا على سر قوتها، وكيف تغلبت إعاقتها، ونجحت في تنمية مواهبها.
وكتبت نجوى: "أحببت الرسم على الرمل في طفولتي، ومن ثم استخدمت الأوراق والأقلام الجافة، ومع دخولي عالم الإنترنت استطعت أن أتابع موهبة التصميم بحرفية، من خلال تعلم برنامج الفوتشوب، وعندما نجحت في الثانوية العامة بتفوق 85,7%، اخترت تخصص التصميم والمونتاج، وتجاوزت سنوات دراستي، بنجاح وتفوق أيضاً، ولم أنتظر كثيراً دون عمل".
وأضافت: "تقدمت من خلال جمعيات تهتم بأصحاب الهمم، إلى أكثر من وظيفة، ولأوضاع البلد وانتشار البطالة، اخترت ألا أنتظر في البيت دون عمل، بل سلكت طريق العمل المؤقت (برنامج البطالة)، ونجحت في امتحانات الاجتياز للعمل في مشروع يطلق عليه (طموح)، تضعه بلدية خان يونس لشريحة الخريجين الجامعيين، وخاض معي هذه الامتحانات مئات الطلاب والطالبات، وبحمد الله تفوقت عليهم، وتم اختياري للعمل لمدة 6 أشهر، تم تجديدها فيما بعد 6 أشهر أخرى لبراعتي في إتمام وظيفتي".
الإرادة كلمة السر
ترد نجوى على سؤال "العين الإخبارية" عن كيفية اكتشاف موهبتها ودخولها عالم التصميم والرسم على الزجاج، فتكتب: "ساعدتني والدتي كثيراً، وكانت تشتري لي أدوات الرسم والألوان، وعندما تخصصت في الجامعة بفن التصميم، دخلت مجال الدعاية والإعلان، والرسم على الزجاج، والتخطيط الرقمي، ورسم الجداول البيانية، وبفضل الإرادة استكملت كل علم صادفني بالاعتماد على الذات، وتدريس نفسي بنفسي من خلال الإنترنت، وفتحت مجالاً غير العمل المؤقت، ولكن لسوء الأوضاع في قطاع غزة، يبقى المجال ضيقاً في السوق عامة، ولأنني غير معروفة بالأوساط بعد، فالعمل يكون متقطعاً وغير مجدٍ أحياناً، إلا أنني أمارس هواياتي بالرسم والتصميم بشكل متواصل، وأجدد معلوماتي وفق التطور السريع في هذا المجال".
وبلغة الإشارة، وبعد ترجمة المساعدة لنجوى بريكة، علمت "العين الإخبارية" أن اندماجها في مجتمع العمل ليس بالأمر السهل، فمن الزميلات والزملاء من يتفهم وضعها، وبعضهم يتجنب التعامل معها لأنه لا يفهم كثيراً طريقة إيصال المعلومة إليها، أو يفهم ماذا تريد.
وتكتب على الورقة: "أشعر بالانزعاج عندما لا يفهم مسؤول العمل الفكرة التي أطرحها عليه، خاصة إذا كانت تحتاج إلى شرح ما، وغالباً ما أستغرق وقتاً لكي تصل هذه الفكرة ويتم الموافقة عليها أو وضع ملاحظات بخصوصها، وتتم متابعتي بدقة من قبل صديقة لي تفهم لغة الإشارة، فتختصر الوقت الذي أقضيه غالباً في طرح أفكاري، هذا من جانبي، ولكن المشكلة الأكبر عندما تطرح عليّ أفكار من قبل رئيسي في العمل، أو تعديلات على تصميم ما، فهذا يستغرق وقتا أطول، وفي النهاية نحصل على نتائج جيدة، فأنا أفهم لغة الشفاه والعيون، والحركات، وأستعين غالباً بالورقة والقلم لأطرح ما فهمته، ويتم تعديل ذلك من خلال الكتابة لي إذا احتاج الأمر".
وكتبت نجوى بريكة: "أقصى ما أريده من هذه الحياة سماعة أذن خاصة للمعاقين أمثالي، وهذه السماعة باهظة الثمن، وقد توفرها بعض الجمعيات التي ترعى الصم والبكم في قطاع غزة، ولضيق الحال ولأنني المعيل الأول لأسرتي بسبب بطالة والدي، وعدم عمل والدتي، وبسبب إعاقة أخي السمعية، لا أستطيع تأمين ثمن هذه السماعة، وقد ناشدت أصحاب القلوب الرحيمة، ولكنني لمن أحصل على رد، لذلك أعمل عملاً خاصاً من البيت لبعض المحلات التجارية، كتصميم الإعلانات، وتصميم كروت الأفراح، وما شابه، بمبالغ ليست كبيرة، ولكنها تدعم راتبي الذي أتقاضاه من برنامج العمل المؤقت في بلدية خان يونس، كما أنني أطمح بوظيفة دائمة، وليست مؤقتة لأنني في شهر مايو/أيار سينتهي عقد عملي في البلدية، وعندها سأدخل مرحلة صعبة بظل الأوضاع المعيشية المتردية التي نعيشها في البيت".