نابليون بونابرت.. «صنعته» امرأة و«باركته» دمية
أحبها فصنعت منه إمبراطورا لفرنسا وتعلق بدمية كان يعتقد أنها تجلب له الحظ في معاركه، لتنساب حياته مزيجا غريبا بين الحب والوهم والسياسة.
إنه نابليون بونابرت، «الكابورال (رتبة عسكرية) الصغير» القادم من كورسيكا، والذي استطاع أن يصبح إمبراطورا يحكم مساحات شاسعة من العالم، قبل أن يسقط في معركة ووترلو.
قال عنه الأديب والسياسي الفرنسي شاتوبريان إنه "خسر العالم وهو حي، وغزاه وهو ميت"، في إشارة إلى أسطورة الرجل التي بدأت تتشكل عند وفاته في عام 1821، لتحدث نوعا من الأثر الرجعي على تاريخه الفعلي.
جعلته إمبراطورا
في القرن الثامن عشر، غرقت فرنسا في واحدة من أحلك فتراتها، حيث سادت أجواء مقلقة من الرعب وعدم الاستقرار، وسط اضطرابات واعتقالات ومحاكمات صورية وإعدامات كانت تنفذ بشكل عشوائي.
وفي سياق الثورة ذاك، جرى إعدام جنرال يدعى فرانسوا دي بوهارني لمساندته للنظام الملكي المنهار، وكان من المقرر أيضا إعدام زوجته روز التي تشاطره الموقف ذاته.
لكن في سجنها، استطاعت روز التواصل مع شخصيات عديدة أمنت لها طريق الحرية عبر إتلاف وثيقة إصدار القرار باعتقالها، فكان أن عادت إلى طفليها، وقررت أن تعيش بشكل هادئ وباذخ بعيدا عن السياسة.
لكن القدر كان قد أعد لها مسارا مغايرا تماما، وكتب لها دور بطولة في واحدة من أشهر قصص الغرام المعقدة بالعصر الحديث.
ففي أكتوبر/تشرين الأول 1795، كانت روز ضيفة نبيل فرنسي يدعى باراس، وخلال العشاء، قدم لها شابا لم يتجاوز الـ27 من عمره، وقال لها إنه ضابط رفيع بالجيش الفرنسي.
لفت انتباهها ذلك الهدوء الطاغي على ملامحه، كما أن لغته الفرنسية التي تغلب عليها اللكنة الإيطالية كانت مثيرة للاهتمام أيضا.
على طاولة العشاء، لم يكن من الصعب الحصول على نبذة من سيرة الشاب الذي تتقد عيناه ذكاء وطموحا، فلقد ولد بجزيرة كورسيكا في 1769 أي بعد عام من انضمامها لفرنسا، وهو سليل أسرة من النبلاء الإيطاليين.
وطوال السهرة، لم يتمكن نابليون من رفع عينيه عن روز، حيث كانت جاذبيتها طاغية رغم أنها لم تكن صاحبة جمال خارق، لكن الشاب كان قد اتخذ قرارا مصيريا في حياته.
وبالفعل، نشأت قصة غرام ملتهبة بينهما، وانتهت بالزواج مدنيا في 8 مارس/آذار 1796، ولاحقا كان عليها أن تتعود على الحياة مع قائد عسكري لا يكاد ينفض الغبار عن بزته العسكرية، فكانت له السند في أوقاته الصعبة خصوصا عقب عودته من مصر.
وحين أخبرها بأنه يسعى للاستيلاء على الحكم في فرنسا التي كان شعبها مفتونا بانتصاراته، قررت الوقوف بجانبه، وجرى التخطيط لذلك في منزلهما، ونجح نابليون بالفعل في الوصول إلى مبتغاه عام 1799، كقنصل أول للبلاد، وكانت تلك الخطوة الأولى.
وبعد سنوات قليلة، وعقب انتصارات عسكرية في إيطاليا والنمسا وألمانيا وسويسرا وبلجيكا مع موطئ قدم في أمريكا، تم إعلان نابليون إمبراطورا عام 1804.
دمية
اسمها "بلوشينا"، وكانت ترافق نابليون بونابرت في جميع معاركه، حيث كان يعتقد أنها تجلب له الحظ الجيد وتدفعه للانتصار.
وبحسب روايات متداولة، فإن نابليون كان يؤمن بأن وجود الدمية يحمل له الحظ الجيد ويضمن النصر له في المعارك، وكان دائما يقول إنه يشعر وكأنه يحصل على «مباركة» الدمية قبل خوض معاركه المصيرية.
وبالرغم من طابعها الغريب، فإن هذه القصة قد تكون قد اشتهرت بمرور الزمن كأسطورة، مع أن بعض الكتب التاريخية الموثوقة تعرضت لها، وإن بشكل مقتضب.
وتشير الروايات إلى أن "بلوشينا" كانت تحظى بمكانة خاصة في قلب القائد العسكري حتى أن زوجته روز كانت تشعر بغيرة مريرة منها، وحدث أن حاولت أن تتخلص منها في إحدى المرات برميها بسلة المهملات.
لكن نابليون أصيب بنوبة غضب جعلت زوجته تتدارك الأمر وتخبره بقصة مزيفة مفادها بأن أحد طفليها هو من رماها، لتنجو بذلك من تداعيات حالة هستيرية ألمت بزوجها ولم تشهدها مذ قابلته في عشاء تعارفهما.
aXA6IDEzLjU4LjQwLjE3MSA= جزيرة ام اند امز