ناسا ترصد دمار "سحابة عيش الغراب" في بيروت
باستخدام بيانات الأقمار الصناعية أعدت وكالة "ناسا" بالتعاون مع مرصد الأرض في سنغافورة، خريطة توضح حجم الضرر الناجم عن انفجار مرفأ بيروت
وثقت العديد من الصور ومقاطع الفيديو الانفجار المروع الذي شهدته بيروت في 4 أغسطس الجاري من زوايا مختلفة، لكنها حتما لم ترصد الحجم الحقيقي للكارثة والأضرار التي نجمت عنها.
وباستخدام بيانات الأقمار الصناعية أعدت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" بالتعاون مع مرصد الأرض في سنغافورة، خريطة توضح حجم الضرر الناجم عن الانفجار، والذي شكل ما يعرف بـ "سحابة عيش الغراب" التي يرتبط تشكلها بالانفجارات الضخمة.
وتأخذ هذه السحابة الشكل المميز لفطر عيش الغراب وتتكون من دخان كثيف ولهب، بالإضافة للحطام الناتج عن الانفجار، ويرتبط هذا المشهد في الغالب بالانفجارات النووية، لكن وقوع انفجار مروع مثل انفجار مرفأ بيروت ينتج النوع نفسه من التأثير.
وكما يظهر من الفيديوهات المتداولة، بدأ الانفجار صغيرا نسبيا، حيث نشأ حريق في عنبر يحتوي على نترات الأمونيوم، ثم حدث بعد فترة وجيزة انفجار ثان وضخم للغاية، تسبب في سحابة عيش الغراب وموجة ارتدادية ضخمة انتشرت بسرعة إلى الخارج، وطالت المنشآت المجاورة على بعد بضعة كيلومترات.
وأعلن المكتب الإعلامي لوزارة الصحة العامة في لبنان، السبت، ارتفاع ضحايا الانفجار إلى 158 قتيلا، وأكثر من 6000 جريح، مشيرا إلى أن عدد المفقودين بلغ حتى الآن 21 شخصا.
وسجلت أنظمة المراقبة المختلفة الانفجار بما يعادل زلزالًا بقوة 3.3 إلى 4.5 درجة، ويعد هذا أحد أكبر الانفجارات الناتجة عن مصادر غير نووية، حسب الخبراء.
ولقياس مدى الضرر، تعاون فريق التصوير والتحليل السريع المتقدم (ARIA) التابع لناسا مع مرصد الأرض في سنغافورة لإنشاء خريطة للضرر.
ووفق تقرير نشره الموقع الإلكتروني لمختبر الدفع النفاث التابع لناسا، فقد تم إنشاء خريطة أضرار انفجار بيروت باستخدام بيانات الأقمار الصناعية المخصصة لمراقبة التغيرات الأرضية التي تحدث قبل وبعد حدث كبير كالزلازل على سبيل المثال.
وذكر التقرير أن كل بكسل ملون في الخريطة يمثل مساحة 30 مترًا (33 ياردة) من الدمار، ويشير اللون الأحمر الداكن بها إلى المناطق الأكثر تضررا، بينما يشير اللون الأصفر إلى المناطق الأقل ضررا.
وأوضح التقرير أن هناك فائدة واضحة لإعداد مثل هذه الخرائط، وهي المساعدة في تصور مدى التدمير، وتمكين الوكالات الحكومية والمنظمات الداعمة من التركيز على المناطق التي تحتاج إلى أكبر قدر من المساعدة، ما يساعدهم في النهاية على تحديد أولويات الموارد لتحقيق أكثر النتائج كفاءة.
وشهد لبنان يوم الثلاثاء انفجارا هائلا ناجما عن اشتعال 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم (يعادل 1800 طن من مادة "TNT" شديدة الانفجار) في مرفأ بيروت، ما أسفر عن مقتل 135 شخصا وإصابة أربعة آلاف آخرين، وإلحاق الضرر بنصف العاصمة وتشريد أكثر من 300 ألف شخص.
انفجار "الثلاثاء الأسود" أطلق عليه "هيروشيما بيروت"، نظرا لفداحته وشكل سحابة الفطر التي خلفها والدمار الذي لحق به، ما شبهه كثيرون بأنه يضاهي تفجير قنبلة نووية، ما دفع دول العالم إلى الإسراع في تقديم يد العون والمساعدة للبنان والإعراب عن تضامنها معه في هذه الفاجعة التي هزت أرجاء العاصمة.
ورغم فرضية أن الانفجار كان "عرضيا" فإن ذلك لم يبرئ حزب الله اللبناني أو يخلِ مسؤوليته عن الحادث، في ظل الحديث عن أنشطته المشبوهة في مرفأ بيروت وحوادثه السابقة المرتبطة بنفس المادة المتسببة في الفاجعة، وكذلك لغز عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال هذه الكمية الهائلة من نترات الأمونيوم الموجودة منذ 2013 رغم مطالبات عدة بإعادة تصديرها والتخلص منها.