"أسئلة نصرالله" تدفن الإجابات تحت ركام مرفأ بيروت
مع اقتراب ذكرى مرور عام على انفجار مرفأ بيروت لا تزال الأسئلة بشأنه تطمر حقيقة ما جرى على فداحته.
انفجار أتى على نصف بيروت وأودى بحياة 200 لبناني وقدرت خسائره المباشرة بـ15 مليار دولار لكنه لم ينجح في خلخلة البيئة السياسية اللبنانية.
مشهد بدا قابلا للتغيير حينما بدأ المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار التحرك القانوني لرفع الحصانة عن نواب وشخصيات أمنية وسياسية استكمالاً لمسار التحقيق.
لكن الأمين العام لمليشيا حزب الله الموالية لإيران قطع المسار قبل نحو أسبوع، مراكما أسئلة أخرى بشأن ما جرى في المرفأ.
أسئلة يرى مراقبون أن هدفها دفن ما بقي من آمال للعثور على إجابات بين أنقاض بيروت.
وأبدى نصرالله، في خطاب اعتبر "تخويفيا للقاضي والقضاء"، استغرابه من تبلّغ المدعى عليهم بقرار الادعاء من خلال تسريبات وأخبار في الإعلام، ما ينذر بمواجهة حادة جديدة ومصيرية بدأت حول التحقيقات الجارية، عشية الذكرى السنوية الأولى للانفجار.
وقال نصرالله إن التسريب يعد "شكلا من أشكال التوظيف السياسي للقضية"، وقطع الطريق على التحقيق مبكرا بقوله "سابقاً رفضنا هذا الموضوع ونعود لنؤكد رفضنا له".
بدت واضحة النبرة التهديدية في كلام نصرالله الذي أضاف: "سأترك التعليق لوقت آخر حتى تصل الإخبارات القضائية الحقيقية، لنرى صحة ما تم تداوله وتسريبه في وسائل الإعلام".
مزيد من الأسئلة لوأد الإجابات
وراكم نصرالله أسئلته الخاصة؛ "هل ما حصل تفجير؟ هل ما حصل أمر متعمّد؟ هل سببه الإهمال؟ هل كان في مرفأ بيروت صواريخ للمقاومة؟"، الأمر الذي اعتبره مراقبون محاولة لحرف النظر عن المسؤولية السياسية للقائمين على إدارة البلاد من جهة وطمس مسار التحقيق من جهة أخرى.
وجاءت آثار الخطاب التهديدي سريعا، فبعد إعلان وزير الداخلية محمد فهمي أن طلب الإذن للتحقيق مع مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم هو قانوني وسيوافق عليه، تبدّل الموقف ليرد الوزير برفض الطلب بحجة أن لا مسؤولية للأمن العام في القضية.
الأمر نفسه تكرر مع النواب المطلوبين للتحقيق، فبعد إعلانهم جهوزيتهم للمثول أمام قاضي التحقيق، تراجع مجلس النواب الذي يهيمن على غالبيته "حزب الله" وبدأ سلسلة من "المماطلات" بأسئلة جديدة عن الأدلة والحجج التي تدعم استجواب نوابه.
لغة التهديد
تصريحات نصرالله اعتبرها رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ترهيبا للمحقق العدلي على غرار ما فعلوه مع سلفه القاضي فادي صوان، وسأل في حديث صحفي "ماذا يريد السيد حسن؟ ولماذا يتوجس من التحقيقات؟".
وتوجه لنصرالله بالقول: "أترك القاضي يؤدي مهمته دون أن تقيّمها، ثم أن البريء ستثبت براءته"، مضيفاً: "أن لقاضي التحقيق الحق في الادعاء على من يشك به بنسبة 1 في المئة، في حين أن المحكمة لا تحكم على أحد إذا كانت تشك في براءته 1 في المئة".
وفي السياق نفسه قال المسؤول في حزب "القوات اللبنانية" شارل جبور لـ"العين الاخبارية" إنه لم يكن بالأمر العابر أن تصدر ردة الفعل الأولى على قرار القاضي بيطار عن حسن نصرالله، الذي تصدى للقرار واصفاً إياه بالتوظيف السياسي".
واعتبر أن موقف نصرالله التشكيكي والاتهامي هو رسالة ترهيبية للقاضي بأن الحزب الحاكم غير راض على قراراته، وبالتالي لا شك أن هذا سيكون له انعكاسات على التحقيق بشكل أو بآخر.
وتخوف جبور أنه في ظل وجود فريق سياسي أساسي يمنع ويحول دون الوصول إلى الحقيقة، يتعذر معرفة ما حصل في المرفأ طالما أن هذا الفريق لا يزال ممسكاً بمفاصل الدولة".
أما المحلل السياسي والأستاذ الجامعي مكرم رباح، فرأى في حديث لـ"العين الاخبارية" أن عدم قبول السلطات اللبنانية برفع الحصانات هو بسبب توجيهات حسن نصرالله للأطراف السياسية اللبنانية.
وقال: "بالنسبة لنصرالله أي رفع حصانات في الدولة اللبنانية يعني رفع حصانات معنوية عن حزب الله، على الرغم من أن القاضي بيطار لم يسم "حزب الله" حتى الآن، والتحقيقات لا تزال في بداياتها".
أضاف: " لكن نصرالله لا يكترث للتحقيقات، ولن يسمح للتحقيق أن يحصل كون هذا التحقيق سيؤدي إلى تورط الحزب بهذه المتفجرات التي كانت موجودة بمرفأ بيروت".
أهالي الضحايا.. ثابتون
أهالي الضحايا من جهتهم تمسكوا بموقفهم، مطالبين خلال تحركاتهم على مدى الأيام الثلاثة الماضية بالكشف عن حقيقة ما جرى.
وتظاهر أهالي ضحايا المرفأ أمام وزارة الداخلية ومجلس النواب للاحتجاج على محاولات استغلال الحصانة للحيلولة دون التوصل للحقيقة.
وشدّدوا على أنّ "كل شخص يعرقل التحقيق لأي سبب كان، يضع نفسه وعائلته وأملاكه في مواجهة الأهالي".
aXA6IDE4LjIxOC4xOTAuMTE4IA== جزيرة ام اند امز