خطاب نصرالله وإيران.. "مناورات اليأس" تتحطم على صخرة السعودية

بينما يحاول لبنان لملمة علاقاته الخليجية، فاجأ أمين عام "حزب الله" الإرهابي، اللبنانيين بخطاب مسيء رفع منسوب الاختناق لدى البلد الغارق.

وجاء خطاب حسن نصرالله في وقت يشهد فيه لبنان أوضاعا اقتصادية ومعيشية صعبة، ضاربا عرض الحائط بدعوات الحوار والتهدئة التي يرسلها الرئيس ميشال عون، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لضبط الأمور مع الدول العربية.

وبالتزامن مع ذكرى مقتل قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، بدا نصرالله كمن يعلن بصريح العبارة السيطرة الإيرانية على الساحة اللبنانية، برفع راية "كلّنا قاسم" أعلى راية "كلنا الوطن".

 وفي هذا السياق، قال ناشر موقع "لبنان الكبير"؛ الكاتب والمحلل السياسي محمد نمر: "من الواضح أن حزب الله اتخذ قرار المواجهة، لكنه في حالة إفلاس تامة ظهرت بوضوح في اللجوء إلى الشتائم إلى حد التطاول على خادم الحرمين الشريفين".

 وأضاف في حديث لـ"العين الإخبارية": "ومن الواضح أيضاً أن حالة الإفلاس بدأت تظهر أكثر وأكثر بعدما أثبتت السعودية مرة جديدة تورط حزب الله في موضوع اليمن واستهداف المدن السعودية بالطائرات الإرهابية المسيرة".

نجاح سعودي

وتابع نمر "لاحظ حزب الله أيضاً أن المملكة العربية السعودية ورغم كل الحملات عليها من طرف الخصوم كداعش والإخوان، وإيران بالدرجة الأولى، واصلت تقدمها سواء على صعيد البيت الداخلي الذي أظهر تماسكا في وجه محاولات تشويه وضرب المملكة؛ فضلا عن عمليات التطوير على يد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ما يشكل عامل جذب لدول العالم أجمع".

ومضى قائلا "كما أن الحركة السعودية باتجاه الدول الخليجية لتوحيد الموقف تجاه القضايا الخارجية، والحفاظ على موقف صلب موحد، أزعج المتربصين خاصة إيران؛ فأعطت الأخيرة الضوء الأخضر لأذرعها وبينها حزب الله، الذي لجأ بدوره إلى الشتائم الرخيصة".

وتوقع الخبير اللبناني انفتاحاً سعوديا أكبر على الدول العربية لترتيب البيت العربي كما الخليجي، لمواجهة هذه الضغوطات، وهذا ما بدأ يظهر في العراق عبر تهذيب الوجود الإيراني وحصره في أطر محددة وتقليل مدى هيمنته على الدولة العراقية، على حد قوله.

مأزق المليشيات

وبحسب نمر، يبدو أن "حزب الله" يعاني أزمة حقيقية في الداخل اللبناني؛ إذ يواجه حملة شعبية وإعلامية تسميه بالاسم وتتهمه بأنه سبب الوصول إلى المرحلة الحالية من الانهيار، وعرقلة أي عمل لصالح اللبنانيين وشلّ الحكومة، حيث بدأت الأصوات تعلو بوجهه من كافة الأوساط.

وظهرت أزمة حزب الله وتنامي الأصوات المنتقدة جليا في محطات عدة، كما أن محاولة الحزب اقتحام بيئات مختلفة طائفيا عنه، عبر دفع الأموال كما حدث في محافظة عكار، لم يغير من الواقع شيئاً، وعند أول اختبار أثبتت هذه البيئات أن ولاءها عربي، وفق نمر.

سياسيا، والحديث لنمر، يعاني حزب الله ابتعاد حلفائه عنه خاصة حليفه المسيحي؛ التيار الوطني الحر، الذي بدأ منذ فترة توجيه انتقادات علنية للحزب الإرهابي ويتهمه بتغطية الفساد ويضع شروطاً للحفاظ على التحالف معه.

ولا يترك رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، مناسبة في الوقت الحالي، إلا ويهدد بفك التحالف مع حزب الله، خاصة أن "التيار" يواجه مطالب حزبية داخلية بكسر هذا التحالف فوراً لأنه مؤذ انتخابيا، والحزب يعلم جيداً هذا الأمر، بحسب نمر.

وخلص الخبير اللبناني إلى أن الأوامر الإيرانية والوضع الداخلي وتمدد السعودية عربيا، جعلت حزب الله يفقد أعصابه ويخرج بالخطاب الأخير ضد السعودية.

"أمر إيراني"

بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي طوني بولس أن خطاب نصرالله الأخير وهجومه على السعودية يأتي في سياق أمر عمليات إيراني واضح، خاصة بعد فشل مفاوضات فيينا وعدم استطاعة إيران فرض أي من شروطها في المفاوضات.

وقال بولس لـ"العين الإخبارية": "تعلم إيران أن أي اتفاق في المنطقة يجب أن يمر في السعودية وخلفها الدول الخليجية، وهؤلاء لهم مشروعهم الذي يواجه المشروع الإيراني".

مضيفا "لذلك سعت إيران من خلال أذرعها في الدول المختلفة إلى الانقضاض على السعودية، لكنها فشلت في مواجهة المشروع الآخر الذي يزداد قوة".

وتابع "ما يجري في العراق والإشكالات التي تخلقها المليشيات العراقية في وجه العملية السياسية، بالإضافة إلى تكثيف الحرب في اليمن عبر مليشيات الحوثي، والهجوم الشرس من "حزب الله" على السعودية، كلها مؤشرات على المأزق الإيراني الحالي".

بولس يرى أيضا أن "حزب الله فشل أيضاً في السياسة الداخلية اللبنانية، إذ يواجه نقمة شعبية كبيرة عليه نتيجة سياساته وفشل نوابه في التنمية والحكم وإدارة الملفات السياسية والحيوية اللبنانية".

وأضاف "لذلك، يحاول حزب الله قبيل الانتخابات النيابية، جذب ناخبيه بشعارات كبيرة واستمالتهم طائفياً ومذهبيا عبر الهجوم على السعودية وتصدير الوهم بوجود معركة كبرى".

وقبل أيام، وجّه أمين عام حزب الله اللبناني خطابا مسيئا للمملكة العربية السعودية، لاقى رفضا إقليميا وداخليا كبيرا.