محاكمة الخليفي.. قصة 120 دقيقة فضحت الفساد القطري
لماذا قضى ناصر الخليفي رئيس شبكة "بي إن سبورتس" التلفزيونية القطرية ساعتين عصيبتين أثناء محاكمته في سويسرا بتهم فساد؟
مخطئ من يظن أن القطري ناصر الخليفي، عاش وحده لحظات الرعب في جنبات المحكمة الجنائية الفيدرالية بسويسرا، أثناء إلقاء النيابة السويسرية لائحة الاتهام.
فالجميع بات يعلم أن رئيس مجموعة "بي إن" الإعلامية ومالك نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، لا يمثل نفسه بقدر ما يعبر عن توجهات العائلة الحاكمة القطرية سياسيا واقتصاديا.
الرجل الذي تلاحقه تهم الفساد في حله وترحاله كان قد استُدعي كشاهد عام 2017 بعد أن تم الاشتباه في وجود فساد خاص في مسألة نقل نهائيات كأس العالم لعامي 2026 و2030 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قبل أن يثبت تورطه في الأمر لتجرى محاكمته أمام القضاء السويسري.
120 دقيقة من الرعب
الخليفي، قضى ساعتين عصيبتين أثناء الجلسة السادسة من المحاكمة، والتي خصصت للنيابة العامة السويسرية، حيث وجهت الاتهامات للخليفي، والفرنسي جيروم فالكه الأمين العام السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".
واجه المسؤول القطري عدة تهم فساد، أبرزها تلك التي تتعلق بتورطه في الحصول على حقوق البث التلفزيوني لبطولة كأس العالم في نسختي 2026 و2030، عبر طرق ملتوية تتضمن دفع رشاوى للمعنيين من مسؤولي الفيفا، وعلى رأسهم جيروم فالكه، الأمين العام السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".
النائب العام الفيدرالي السويسري، أثبت كذب الخليفي فيما يتعلق بعلاقته مع جيروم فالكه، وطريقة حصول الأخير على "فيلا بيانكا" في إيطاليا كهدية من رئيس "بي إن سبورتس"، مقابل حصول الشبكة على حقوق بث كأس العالم عامي 2026 و2030.
وحسب ما ذكره مراسل قناة "العربية" في سويسرا، فإن الخليفي قضى ساعتين "لا يحسد عليهما"، تعرض خلالهما لاستجواب دقيق من جانب الادعاء، ولم ينجح أسلوبه في تقديم إجابات مراوغة على الأسئلة التي وُجهت له، كما اتضح تزويره لعدة وثائق كي يبرئ نفسه من تقديم رشوة إلى فالكه.
وأشار النائب العام السويسري في مرافعته إلى أن الصحافة الأمريكية فجرّت مفاجآت كبيرة بعدما فضحت فساد الفيفا في منتصف عام 2015، وهو الأمر الذي دفع الخليفي للتحرك من أجل تزوير الوثائق الرسمية التي تربطه بشراء فيلا بيانكا التي أهداها إلى فالكه، وذلك لإبعاد نفسه عن الشبهات، خوفا من تسليمه إلى السلطات في الولايات المتحدة الأمريكية.
وكشفت التحقيقات عن أن الخليفي قدّم وثائق مزورة تعود إلى عام 2013 تتعلق بملكية فيلا بيانكا، والتي اتضح أنها تفتقد المصداقية، وتم صياغتها عام 2016 وليس 2013، وأن تتبع رسائل بريد إلكتروني لشخص فرنسي له علاقة بالطرفين كشفت ما أسماه النائب العام السويسري "نسيج الأكاذيب".
وأثبت الادعاء أن جيروم فالكه، بعد اجتماع مع الخليفي في 2013، أصدر أمرا إلى نائبه نيكلاس إريكسون، رئيس وحدة التلفزيون في الفيفا، بوجوب منح "بي إن" حقوق بث المونديال في نسختي 2026 و2030.
سخرية واتهامات قوية
وسخر جوال باهي، المدعي الفيدرالي العام السويسري، من محاولات دفاع المتهمين تعطيل المحاكمة، بطلب النظر في مسألتين إجرائيتين، تتعلق الأولى بحضور ممثل للشرطة القضائية الاتحادية في المحكمة، والثانية بتصوير شريط فيديو أثناء المناقشات، ما تسبب في توقف الجلسة المحاكمة بعد فترة وجيزة من انطلاقها.
وعلق باهي على طلبات الدفاع قائلا: "عندما لا يقع الاعتراض على الوقائع، يقع الاعتراض على القانون، وعندما لا يقع الاعتراض على القانون، يقع الاحتجاج على الادعاء العام".
كذلك شن جوال باهي هجوما قويا على ناصر الخليفي، بسبب مخالفته لأبسط أخلاقيات لعبة كرة القدم، حيث قال أثناء جلسة توجيه لائحة الاتهام ضد القطري: "ارتكب هذا الأخير أخطاء فادحة تحت تأثير الجشع والرغبة في تحقيق أرباح طائلة لمجموعة قنوات "بي إن سبورتس".
من جهة أخرى، انتقد باهي عدم تعاون ناصر الخليفي مع العدالة، وازدراءه للقضاء السويسري وسعيه لإفساد المحاكمة من خلال تقديمه لمعطيات مغلوطة".
وقال باهي أثناء جلسة توجيه لائحة الاتهام ضد القطري ناصر الخليفي: "ارتكب هذا الأخير أخطاء فادحة تحت تأثير الجشع والرغبة في تحقيق أرباح طائلة لمجموعة قنوات "بي إن سبورتس".
يذكر أن فريق دفاع الخليفي طالب في الجلسة الأولى بتعليق المحاكمة بسبب ما اعتبره "حدوث تواطؤ بين النيابة العامة السويسرية والفيفا"، وهو ما رفضته المحكمة، وقررت مواصلة النظر في القضية.
السجن 28 شهرا
وطالبت النيابة العامة السويسرية بحبس ناصر الخليفي 28 شهراً بسبب الفساد مع الفيفا، في عقد بث بطولتي كأس العالم 2026 و2030، وسجن جيروم فالكه 3 أعوام في القضية نفسها.
وتعد هذه هي أول مطالبة بالسجن على الأراضي الأوروبية في الفضائح المتعددة التي هزت كرة القدم العالمية عام 2015، بعد إدانة العديد من المسؤولين السابقين في أمريكا الجنوبية أمام القضاء الأمريكي.