الطريق للانتخابات.. «الاستشاري الوطني» يضع الصومال أمام اختبار الوحدة

في مشهد يعكس عمق الانقسامات السياسية في الصومال، عُقد اجتماع المجلس الاستشاري الوطني وسط غيابات لعدد من رؤساء الولايات، ما أعاد إلى الواجهة التوترات المتصاعدة بين الحكومة الفيدرالية وبعض الولايات بشأن عدة ملفات أبرزها الانتخابات.
وناقش الاجتماع الأوضاع في البلاد وعمليات تحرير البلاد من الجماعات الإرهابية وإتمام الدستور والتحول الديمقراطي وإعادة بناء القوات المسلحة وتطوير الحكم، وفق إعلام صومالي.
وتشهد العملية الانتقالية في الصومال مرحلة حساسة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، ففي حين تمضي الحكومة الفيدرالية الصومالية قدما في ترتيب مشهد ما قبل الانتخابات من خلال اجتماعات المجلس الاستشاري الوطني، يلقي غياب ولايتي بونتلاند وجوبالاند عن هذه اللقاءات بظلاله على المشهد السياسي.
فمع كل جولة جديدة من الحوار الوطني، تتزايد المخاوف من أن تستمر العملية الانتخابية بمعزل عن توافق وطني شامل، وهو ما ينذر بإعادة إنتاج أزمات الشرعية والانقسام التي لطالما أعاقت بناء دولة صومالية مستقرة.
أحدث هذه التوترات تجلت في رفض إدارة جوبالاند لنتائج الاجتماع الأخير للمجلس الاستشاري الوطني الذي عقد في مقديشو، الثلاثاء الماضي واعتبرت القرارات الصادرة عن الاجتماع بأنها "لا تمثّل الولاية ولا تأخذ في الاعتبار خصوصياتها السياسية والإدارية".
جاء ذلك في تصريحات لوزير إعلام الولاية ،عبد الفتاح محمد مختار، الذي قال إن الاجتماع لم يقدّم حلولًا عملية للوضع السياسي المعقد، بل "زاد من تعقيده".
توصية المجلس الاستشاري الوطني بإصدار "فتوى قانونية" من وزارة الداخلية الفيدرالية بشأن الوضع الإداري في جوبالاند، فسّرها مراقبون بصفتها مؤشرا على توجه نحو إعادة هيكلة السلطة الإقليمية في الولاية، وهو ما اعتبرته جوبالاند مساسا بشرعيتها السياسية.
وأعلنت إدارة جوبالاند تعليق تعاونها مع الحكومة الفيدرالية، وسط اتهامات بتقويض التوازن الفيدرالي والتركيز المفرط للسلطة في مقديشو.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن هذا الغياب لكل من بونتلاند وجوبالاند عن المجلس الاستشاري الوطني يثير تساؤلات جدية حول شمولية العملية السياسية ومدى قدرتها على تمثيل كافة الأطراف الفاعلة. فمن دون حضور وتوافق الأقاليم الرئيسية، قد يجد المسار الانتقالي نفسه محاطًا بعدم الثقة، خاصة في ما يتعلق بالتحضير للانتخابات المقبلة، وصياغة السياسات المتعلقة بإدارة الدولة وتوزيع السلطة والثروات.
وأعلن المجلس الاستشاري في بيانه الختامي عن اعترافه الرسمي بإدارة "خاتمة" ضمن النظام الفيدرالي، ما عده مراقبون مؤشرا لتحولات جذرية محتملة في خريطة النظام الفيدرالي، دون وجود توافق كامل .
وبحسب مسؤولين صوماليين تعكس هذه التطورات الحاجة الملحة لإعادة بناء الثقة بين الحكومة الفيدرالية والأقاليم، عبر إطلاق حوار شامل يعالج القضايا الجوهرية المتعلقة بالشرعية، والتمثيل، وتوزيع الصلاحيات. فبدون ذلك، تبقى العملية الانتخابية مهددة بفقدان شموليتها ومصداقيتها، مما قد يفتح الباب أمام مزيد من الأزمات السياسية والمؤسسية.
و«المجلس الاستشاري الوطني» أعلى هيئة تنسيقية سياسية في البلاد، وله دور محوري في إدارة الأزمات الوطنية والتوافق على القرارات المصيرية، خصوصاً في الأوقات الحرجة، مثل الانتخابات أو التحديات الأمنية، ويُشكل من رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورؤساء الولايات الفيدرالية الخمس: جوبالاند، جنوبي غرب، هيرشبيلي، غلمدغ، بونتلاند.
وكانت بونتلاند جدّدت قبل أيام تمسكها بمقاطعة المحادثات، متهمة الحكومة بانتهاك المبادئ الدستورية ومطالبة بالعودة إلى الالتزام بسيادة القانون، بينما انسحب رئيسها أحمد مدوبي من اجتماعات «المجلس الاستشاري الوطني» في أكتوبر/تشرين الأول 2024 ورفض نتائجها التي أقرت العودة لإجراء انتخابات مباشرة موحدة، تلاه إجراء انتخابات بالولاية لم تعترف بها مقديشو.
وكانت آخر انتخابات مباشرة عام 1968، تلتها انقلابات وحروب أهلية، ليبدأ الصومال العمل بنظام الانتخابات غير المباشرة في عام 2000، والتي تعتمد بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس.
aXA6IDMuMTM1LjIxOC45NiA= جزيرة ام اند امز