«دراويش بونتلاند» يسحقون داعش.. استعادة معقله الأخير شمال شرق الصومال

في ضربة عسكرية موجعة لداعش في الصومال، نجحت قوات دراويش بونتلاند، إحدى أذرع القوة الأمنية الرئيسية في ولاية بونتلاند، في قتل 40 عنصرًا من التنظيم.
جاء ذلك خلال عملية عسكرية معقدة جرت خلال الساعات الأخيرة في وادي «ميرالي» بجبال «علمسكاد» التابعة لمحافظة «باري»، شمال شرقي البلاد.
العملية، جاءت في إطار الحملة الأمنية الموسعة المعروفة باسم «هيلاع»، استمرت لأكثر من 24 ساعة، وشارك فيها نخبة من الضباط الميدانيين الذين قادوا القوات من الخطوط الأمامية في التضاريس الجبلية الصعبة.
وأفادت مصادر عسكرية من بونتلاند بأن هذه العملية جاءت بعد رصد دقيق ومراقبة طويلة لمعسكرات ومخابئ فلول تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة، والتي كانت تُعد المعقل الأخير والمحصّن للتنظيم في شمال شرق الصومال.
«معارك ضارية»
وأكد المتحدث باسم قوات دراويش بونتلاند، الجنرال محمد محمود فاطيغو، أنّ القوات خاضت «معارك ضارية» خلال الساعات الماضية، ألحقت فيها خسائر فادحة بالتنظيم.
وأضاف: "تمكنت من السيطرة على عدد من المواقع الاستراتيجية المهمة في وادي ميرالي، الذي كان يُستخدم من قبل الإرهابيين كمركز قيادة ميداني وكمخزن للأسلحة والمؤن".
وفي الوقت الذي كانت فيه قوات دراويش تحقّق هذا التقدّم النوعي، حاول عناصر من تنظيم داعش شنّ هجوم مضاد استهدف قاعدة عسكرية تابعة لبونتلاند، إلا أن القوات الأمنية أحبطت المحاولة بسرعة وفعالية، دون تسجيل أي خسائر تُذكر في صفوفها.
وأوضح ضباط يقودون العملية أن هذا الهجوم العسكري يشكّل المرحلة الثالثة من الحملة ضد تنظيم داعش في المنطقة، وهي المرحلة التي تمكّنت فيها قوات بونتلاند من القضاء على الدفاعات الأخيرة للتنظيم، ودفع مقاتليه إلى التراجع نحو خنادق جبلية معزولة بعد تدمير معظم بنيته القتالية.
هجوم منسق ينهي أسطورة «علمسكاد»
في وقت متزامن مع هذه العملية، شنّت قوات الأمن في بونتلاند صباح الجمعة هجومًا منسقًا واسع النطاق استهدف ما وصفه المسؤولون بأنه «آخر معقل رئيسي» لتنظيم داعش-الصومال في سلسلة جبال «علمسكاد» بمحافظة بري.
وتركّز الهجوم على منطقة «تُغة ميرالي»، وهي موقع استراتيجي كان يُعد منذ فترة طويلة مركز الثقل الرئيسي للتنظيم الإرهابي في الشمال الشرقي من البلاد.
وأفادت المصادر بأن القوات تمكّنت من الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، كما سيطرت على عدد من القواعد والتحصينات، دون أن تفصح عن إجمالي عدد القتلى في صفوف المسلحين في تلك الجبهة.
ولفت مسؤول أمني إلى أن تحييد «تُغة ميرالي» استغرق وقتًا طويلًا نظرًا لطبيعة المنطقة الوعرة والتحصينات المعقدة التي أقامها التنظيم على مدار سنوات.
وبحسب المسؤولين، فإن الهجوم جرى تنفيذه على مراحل متعددة خلال الأسابيع الماضية، وانتهى بتفكيك البنية القتالية المتبقية للتنظيم.
وأشارت المصادر إلى أن ما تبقى من عناصر التنظيم المتطرف اضطروا للفرار إلى خنادق جبلية منعزلة، بعد تدمير خطوطهم الدفاعية الرئيسية.
من هو تنظيم داعش-الصومال؟
تنظيم داعش-الصومال هو فرع محلي تابع للتنظيم العالمي، تأسس عام 2015 على يد مجموعة منشقة عن حركة الشباب المتشددة، مستفيدًا من الانشقاقات العقائدية والانقسامات القبلية داخل الحركة.
وعلى الرغم من أن داعش-الصومال يُعد أقل عددًا وتسليحًا مقارنة بحركة الشباب، فقد حافظ على موطئ قدم في بعض مناطق الشمال الشرقي من الصومال، ولا سيما في جبال «جوليس» و«علمسكاد»، حيث استفاد من التضاريس الوعرة في تنفيذ هجمات مباغتة ضد قوات الأمن المحلية.
وخلال السنوات الأخيرة، تعرّض التنظيم لضربات متتالية من قبل قوات بونتلاند، ما أدى إلى انحسار نفوذه، خاصة بعد مقتل عدد من قادته الميدانيين، وتفكيك شبكات الإمداد والتمويل التي كانت تمدّه بالأسلحة والمال.
دراويش بونتلاند.. رأس الحربة في مواجهة الإرهاب
وتُعد قوات دراويش بونتلاند من أبرز الوحدات الأمنية والعسكرية التابعة لولاية بونتلاند، وقد تم تأسيسها كقوة خاصة مدرّبة على خوض المعارك ضد التنظيمات الإرهابية، لا سيما في البيئات الجبلية والصحراوية الوعرة.
وتحمل هذه القوات اسم «الدراويش» تكريمًا للحركة الدراويشية التاريخية التي قادت المقاومة الوطنية ضد الاستعمار البريطاني في أوائل القرن العشرين بقيادة الصومالي محمد عبد الله حسن.
وتتميّز هذه القوة بقدرتها العالية على تنفيذ عمليات استخباراتية دقيقة، واعتمادها على تكتيكات حرب العصابات والكر والفر، بالإضافة إلى خبرتها الطويلة في التعامل مع التضاريس الجبلية المعقدة، وهو ما جعلها القوة الأبرز في بونتلاند لمواجهة الإرهاب، سواء ضد عناصر داعش أو بقايا تنظيم الشباب المتشدد.
خطوة نحو الاستقرار
من المتوقع أن يلقي رئيس ولاية بونتلاند، سعيد عبد الله دني، خلال الساعات القادمة خطابًا رسميًا يستعرض فيه تفاصيل العملية العسكرية الأخيرة، ويعلن عن خارطة طريق جديدة لتعزيز الأمن وإعادة الاستقرار إلى المناطق المحررة، خاصة في محافظة باري وسلسلة جبال علمسكاد.
وتأتي هذه العملية العسكرية في سياق جهود أوسع تبذلها بونتلاند لتعزيز سلطتها الأمنية في وجه التنظيمات المتطرفة، وتثبيت الأمن في منطقة تعاني من تهديدات متكررة من خلايا نائمة وشبكات تهريب مرتبطة بالتنظيمات الإرهابية العابرة للحدود.
aXA6IDMuMjEuNTUuMjI0IA== جزيرة ام اند امز