حوار وطني بنكهة اجتماعية في موريتانيا.. آمال وتحديات
حوار وطني بنكهة اجتماعية، تنتظره موريتانيا أن يقدم حلولا ومقاربات لقضايا لطالما شغلت الرأي العام منذ عقود.
خطوة تأتي في إطار اتصالات مكثفة يجريها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا، مع الطبقة السياسية، لإطلاق حوار وطني يتناول القضايا الاجتماعية، ويقدم الحلول والمقاربات للعديد من تلك الملفات التي تشغل الرأي العام منذ عقود.
وجاءت الدعوة لإطلاق الحوار – وفق مصادر مطلعة- بإيعاز من الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، وتزامنت مع لقاءات موازية أجراها كذلك مع قادة أحزاب وشخصيات سياسية وحقوقية، تضمنت الوقوف على أجندة الحوار المرتقب.
ويتوقع مراقبون للشأن السياسي في موريتانيا، أن يناقش الحوار قضايا الوحدة الوطنية والتنمية، بالإضافة إلى ملف ما يعرف بـ"الاسترقاق" وتبعاته الحقوقية والسياسية.
ويرى البعض أن إطلاق هذا الحوار يأتي استجابة لدعوات متكررة من الأحزاب والقوى السياسية للرئيس الموريتاني منذ وصوله للسلطة، بتنظيم حوار شامل يعالج مختلف تلك القضايا.
علاج الإشكالات
الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني محفوظ الجيلاني، رأى أن الحوار المرتقب يجب أن يركز على معالجة الإشكالات الحقيقية المطروحة، من إقصاء وتهميش، بالإضافة إلى تكريس العدالة ومحاربة الظلم، على حد وصفه.
وعبّر الجيلاني في حديث لـ"العين الإخبارية" عن ثقته في ما وصفها بفلسفة ورؤية الرئيس الموريتاني في هذا الشأن، والتي كانت وراء الدعوة والمسعى لإطلاق هذا الحوار.
وتمنى الكاتب "أن لا يفرغ هذا الحوار من مضامينه الحقيقية، وأن لا يكون مطية لمن لا يملكون الخبرة وليست لديهم المؤهلات التي تمكنهم من تحديد المصطلحات وطرح الأمور في نصابها الصحيح" .
أما الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني عبيد إيميجن، فينتظر أن يعيد الحوار صياغة حلول عاجلة ومستدامة ومتفق عليها بشأن الإشكالات والمعضلات الأكثر الحاحا.
وأشار عبيد في حديث مع "العين الإخبارية" إلى أن أي حوار يجب أن يكون بناء وصريحا، ويعمل على إنصاف الأقليات، ووضع تعريف للهوية الوطنية، ومعالجة ما يعرف بملف "الاسترقاق"، وتكريس "التنمية العادلة"، والقضاء على المحسوبية.
نكهة اجتماعية
ديدي ولد السالك الأستاذ الجامعي ورئيس المركز المغاربي للدراسات، اعتبر أن الحوار المنتظر سيكون حوارا سياسيا بامتياز رغم ما يراد له من اختصاص في القضايا الاجتماعية.
وأوضح السالك في منشور على صفحته في فيسبوك أن السلطات اختارت هذا المفهوم الملتبس في السياق الموريتاني الحالي؛ هروبا من مصطلح "الحوار السياسي" الذي من شأنه إثارة التوتر والانفعال السياسي، وفق تعبيره.
ولفت رئيس المركز المغاربي للدراسات، إلى أن الحوار الذي تحتاجه موريتانيا؛ هو: "حوار من أجل التنمية"؛ متعدد المواضيع ومتدرج؛ يناقش جميع المواضيع التي تهم التنمية في موريتانيا.
وأضاف أن هذا الحوار يجب أن يشارك فيه الجميع دون إقصاء؛ وتتولى نخبة من ذوي الاختصاص توجيهه لبلوغ أهدافه وإعداد خلاصاته.
من جهته، أكد الكاتب والقيادي في الحزب الحاكم المختار ولد داهي، على أهمية أن ما وصفه بـ"حوار الوئام الاجتماعي" المزمع إطلاقه.
لكنه شدد على ضرورة التمهيد لهذا الحوار بسلسلة من الحوارات الفرعية التي تعالج ما وصفها بالانشغالات الوطنية، كتلك التي تستهدف تحسين المناخ الديمقراطي، وإصلاح المدونة الانتخابية، وتحصين البلد ضد الفساد.
وأوضح في تدوينة له على فيسبوك، أن هذا الحوار المنشود يفرض على شركائه أن يتحلوا "بالطموح والواقعية"، وطالب بأن يركز على "عمل ميداني يؤسس على ركيزتي العدل حتى لا يظلم أحد، والإنصاف حتى يعطى للذين هم أقل حظا ما يسمح لهم باللحاق بالمتوسط الوطني العام".
تفكيك الألغام
بيْد أن الكاتب والمدون الموريتاني عبد الله الخليفة، رأى أن الحوار المرتقب يبرز مساعي الغزواني لمعالجة قضايا جوهرية في البلاد، أهمها الوحدة الوطنية وما ارتبط بها من قضايا.
ومن وجهة نظره أيضا، اعتبر الخليفة في تدوينة على فيسبوك، أن الرئيس الموريتاني بالدعوة لإطلاق هذا الحوار، يبادر "بنزع الألغام الاجتماعية وتفكيك بؤر التوتر، ليس بالقوة ولا بضرب بعض المواطنين ببعض، بل بأسلوب الحوار الراقي".
وأشار إلى أن "الحوار يجعل القرار الوطني يتم بناء على رأي جميع أطراف المشهد الوطني"، لافتا إلى أن مساعي إطلاق هذا الحوار "لم تأت من فراغ" وإنما كانت نتاجا "لعملية انفتاح وطمأنة لمختلف أطياف المشهد السياسي والاجتماعي".
وشهدت موريتانيا منذ 2005 عدة حوارات سياسية ومنتديات وطنية استهدف مناقشة القضايا المطروحة وخرجت كلها بقرارات انعكست على التجربة الديمقراطية للبلد، وإصلاح منظومة الانتخابات وإدخال تعديلات جهوية في سياستها المحلية ورموزها السيادية.
وشهد حوار 2011 على الصعيد الاجتماعي، تجريم ظاهرة الاسترقاق والاستعباد في البلد بنص الدستور بالإضافة إلى إصلاحات سياسية أخرى لصالح تعزيز دور الأحزاب السياسية في المشهد، ومحاربة ما وصف حينها بظاهرة الترحال السياسي.
وفي حوار 2017 تمخضت مداولات النخبة السياسية عن إقرار جملة من التغييرات أقرها فيما بعد استفتاء عام، تم بموجبه إحداث تغييرات في شكل العلم الوطني وإعادة كتابة وتلحين نشيد البلد كذلك.