تنسيق وتحرك موريتاني يواجه توتر الساحل والصحراء
توتر يسود منطقة الساحل والصحراء الأفريقية يرفع سقف التحديات ويفرض نفسه على أجندة التنسيق الأمني والعسكري بالمنطقة المغاربية.
حيثيات تمخضت عنها زيارات متبادلة ولقاءات لوفود عسكرية موريتانية جزائرية من جهة، وموريتانية مغربية من جهة أخرى.
تطورات منطقة الساحل والصحراء كانت أيضا وراء أحداث مرتبطة بالشأن الأمني والعسكري في المنطقة، على غرار إعلان موريتانيا، الخميس، إنشاء منطقة عسكرية "حساسة" شمالي البلاد، لمنع عبور العناصر الإرهابية، وفق تعبير بيان الحكومة.
وحدد مشروع المرسوم الموريتاني المؤسس للمنطقة إحداثيات معالمها البرية، مشيرا إلى "أنها تعتبر خالية أو غير مأهولة، وقد تشكل كذلك أماكن لتسلل مهربي المخدرات وجماعات الجريمة المنظمة".
وتيرة التنسيق المكثفة والمتسارع وتحديات الوضع الأمني بالمنطقة كان وراء جولتين متزامنتين من المباحثات المتبادلة لوفود عسكرية مغاربية وموريتانية، كان آخرها الزيارة الحالية لقائد أركان الجيش الموريتاني الفريق محمد بمبا مقيت، إلى العاصمة الجزائرية، التي بدأها الثلاثاء وتستمر ثلاثة أيام.
ووفق مراقبين، يعكس مستوى الاحتفاء الجزائري الرسمي والإعلامي بزيارة الوفد العسكري الموريتاني حجم الآمال المعلقة على مثل هذه الجهود في ترتيب وضع المنطقة أمنيا بوجه التحديات المحدقة بأمن المنطقة.
وتأتي المشاورات العسكرية الموريتانية الجزائرية في وقت تشهد فيه الهجمات الإرهابية بمنقطة الساحل تصعيدا لافتا مع بداية عام 2021، باستهداف مالي والنيجر، ما أدى إلى سقوط قتلى من الجيش الفرنسي، وتحديدا من عملية "برخان" المرابطة في المنطقة.
رهان جزائري على موريتانيا
رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق السعيد شنڨريحة، أكد رغبة بلاده في العمل على تعزيز العلاقات الثنائية العسكرية التي تربطها بموريتانيا من أجل مواجهة تحديات أمنية تهدد المنطقة المغاربية ومنطقة الساحل.
وفي تصريحات إعلامية الخميس، على هامش محادثاته مع نظيره الموريتاني الفريق محمد مكت، اعتبر شنڨريحة أن تعزيز التعاون بين جيشي البلدين يعد أكثر من ضروري لمواجهة التحديات الأمنية المفروضة على المنطقة، على حد تعبيره.
وشدد على أهمية دراسة السبل والوسائل الكفيلة لتمكين الجيشين من تنفيذ مهامهما في هذا الوضع المحفوف بالمخاطر والتهديدات من جميع الجهات.
وأكد الفريق شنڨريحة على "الأهمية الخاصة" التي تكتسيها زيارة رئيس الأركان الموريتاني إلى الجزائر، خصوصا للبلدين، في ضوء تطور الوضع الأمني السائد بالمنطقة.
من جانبه، ذكر قائد أركان الجيوش الموريتانية بعمق العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، مقدما شكره للجزائر على كل أشكال الدعم الذي تقدمه لموريتانيا شعبا وجيشا.
لجنة عسكرية عليا
وبالتوازي مع جهود التنسيق العسكري الموريتاني الجزائري، التأمت لجنة عسكرية موريتانية مغربية قبل ذلك بأسبوعين في العاصمة نواكشوط.
وأجرى وزير الدفاع الموريتاني حننه ولد سيدي، وقائد أركان الجيش الموريتاني الفريق محمد بمبا مقيت، في هذا الإطار بنواكشوط، مباحثات مع المفتش العام للقوات المسلحة الملكية المغربية الجنرال عبد الفتاح الوراق، تناولت سبل تعزيز علاقات التعاون الثنائية في المجالات العسكرية والأمنية.
وتناولت المباحثات علاقات التعاون القائم بين البلدين وسبل تعزيزها، خاصة في المجالات العسكرية والأمنية، وآفاق تطوير وتنمية هذا التعاون في المستقبل، وفق ما جاء في إيجاز للجيش الموريتاني بهذا الصدد.
وعززت اللقاءات العسكرية الموريتانية، وفق مراقبين، علاقات التعاون بين الجانبين خدمة للأمن والسلم بالمنطقة، وآفاق تطوير وتنمية هذا التعاون في المستقبل.
وشمل التعاون العسكري بين القوات المسلحة لكلا البلدين تبادل الزيارات الاستطلاعية، والمشاركة في مختلف التدريبات، والدعم التقني والدورات التكوينية، حيث يتم تدريب موريتانيين في مراكز تابعة للقوات المسلحة الملكية منذ عام 1970، كما تم تعزيز التعاون العسكري المغربي الموريتاني بتوقيع مذكرة تفاهم بالرباط في 2006.
وجاءت زيارة الوفد العسكري المغربي إلى نواكشوط في خضم التطورات التي تشهدها المنطقة على خلفية قرار المغرب فرض الأمن بمعبر الكركرات على الحدود الموريتانية، من أجل انسيابية حركة المرور بين البلدين إثر محاولة غلق المعبر من طرف مليشيات "البوليساريو".
ونشر الجيش الموريتاني وحداته على مقربة من المنطقة خلال تلك العملية، وذلك تحسباً لأي طارئ مرتبط بتلك التطورات، بل كشفت مصادر مغربية عن تنسيق عسكري بين الجانبين حول هذا الملف.
هواجس الساحل
جهود التنسيق العسكري الموريتاني مع الجوار المغاربي تأتي في ظل تزايد التصعيد الأمني بالساحل، وارتفاع وتيرة الهجمات ضد بلدان المنطقة.
وكان آخر العمليات الإرهابية الهجمات التي قتل خلالها خمسة جنود فرنسيين في أقل من أسبوع خلال الأيام الأخيرة من 2020، والأيام الأولى من العام الجديد، وذلك في عمليتين منفصلتين وبنفس الطريقة: عبوة ناسفة انفجرت أثناء مرور مركبتهم.
كما ارتفعت حصيلة هجومين على قريتين غربي النيجر قرب الحدود مع مالي، في نفس الفترة تقريبا، إلى 100 قتيل إضافة إلى 25 جريحا.
وتقع القريتان المستهدفتان على بعد حوالي 120 كلم شمال العاصمة نيامي، في منطقة "تيلابيري"، على الحدود مع مالي وبوركينا فاسو.
وينتظر أن تكون مجمل تطورات منطقة الساحل الأفريقي في صلب أعمال القمة المشتركة بين فرنسا ودول الساحل الخمس، المقررة في شباط/فبراير المقبل بالعاصمة التشادية نجامينا.
وتترأس موريتانيا الدورة الحالية لتجمع بلدان الساحل الأفريقي الخمسة، التي تضم إلى جانبها كل من مالي والتشاد والنيجر وبوركينا فاسو.
وتم إنشاء التجمع الإقليمي الذي يستهدف التنسيق المشترك حول قضايا الإرهاب والأمن، في 2014، بمبادرة من رؤساء بلدان المنطقة التي تواجه تحديات أمنية وتنموية مشتركة.