انسحاب أمريكا يطيح بـ«إي–7».. الناتو يفقد «عيونه الجوية»
تخلّى حلف شمال الأطلسي (الناتو) رسميًا عن خططه الطموحة لشراء طائرات الإنذار المبكر والتحكّم بوينغ «إي–7 ويدجتايل»، في ضربة استراتيجية للبرنامج، وذلك بعد انسحاب الولايات المتحدة من تمويل المشروع.
وجاء الإعلان عن إلغاء المشروع من قبل وزارة الدفاع الهولندية في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، لينهي خطة كانت قد أُطلقت قبل عامين باتفاق سبع دول من الحلف – بلجيكا، ألمانيا، لوكسمبورغ، هولندا، النرويج، رومانيا، والولايات المتحدة – على اقتناء ست طائرات من طراز «إي–7».
لكن انسحاب واشنطن من الكونسورتيوم التمويلي في يوليو/تموز الماضي حسم مصير الصفقة، إذ أكدت وزارة الدفاع الهولندية أن غياب الدعم الأمريكي أفقد المشروع «أسسه الاستراتيجية والمالية».
حاجة ملحّة وقدرات متقادمة
يأتي القرار في وقت يشهد فيه أسطول الناتو الحالي من طائرات «إي–3 سينتري» تقدّمًا كبيرًا في العمر التشغيلي.
وقد دخلت هذه الطائرات الخدمة منذ أكثر من 40 عامًا، وتعاني هياكلها من اهتراء يحدّ من جاهزيتها، إضافة إلى ضعف أنظمتها الرادارية التي باتت عاجزة عن تعقّب الأهداف الحديثة ذات البصمة الرادارية المنخفضة، مثل الصواريخ الروسية «كيه إتش–101»، خصوصًا في بيئات الحرب الإلكترونية.
وتتزايد أهمية طائرات الإنذار المبكر لدول الحلف بسبب صِغَر حجم رادارات مقاتلاته مقارنة بنظيراتها الروسية والصينية. فطائرات «إف–16»، التي تُعد عماد العديد من أساطيل الناتو، تمتلك رادارًا لا يتجاوز ربع حجم رادارات مقاتلات «سو–30 إس إم» و«سو–35 إس» الروسية، مما يجعل الاعتماد على منصّات الإنذار المبكر أمرًا حاسمًا للقيادة والسيطرة.
التراجع الأمريكي وفجوة القدرات
يتزامن إلغاء خطة شراء «إي–7» مع أزمة أوسع تواجهها القوات الجوية الأمريكية، التي تعاني من نقص التمويل المطلوب لتحديث معداتها القديمة التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة. وكانت واشنطن قد أعلنت في يونيو/حزيران الماضي إلغاء خططها الخاصة لشراء الطائرة.
وسلّط قادة عسكريون أمريكيون الضوء على خطورة هذا النقص. ففي مارس/آذار 2022، وبعد أول مواجهة مؤكدة مع المقاتلات الصينية الشبحية «جي–20»، أكد الجنرال كينيث ويلسباخ، قائد القوات الجوية الأمريكية في منطقة المحيط الهادئ، أن طائرات الإنذار المبكر الحالية غير قادرة على التعامل مع هذا التهديد.
وقال ويلسباخ: «طائرات الإنذار المبكر لدينا لا يمكنها رؤية الـ(جي–20)… أجهزة الاستشعار التي نعتمد عليها في إي–3 لم تعد مناسبة في القرن الحادي والعشرين ضد منصّات شبحية مثل جي–20 أو ما يشابهها». وختم بالقول: «لهذا السبب أريد امتلاك إي–7».
ورغم أن أوروبا لا تواجه تهديدًا مباشرًا من مقاتلات شبحية متقدمة كتلك التي تمتلكها الصين، فإن السباق العسكري مستمر. فروسيا تتقدم بثبات في تطوير طائراتها الشبحية، ومن المتوقع أن تدخل النسخة المطوّرة «سو–57 إم 1» الخدمة قبل عام 2030، تليها المسيّرة الشبحية «إس–70»، ثم مشروع القاذفة الشبحية «باك دي بي» بحلول أواخر الثلاثينيات.
أما داخل الولايات المتحدة، فقد أثار إلغاء المشروع انتقادات واسعة لما يعنيه من تراجع في قدرة واشنطن على مواجهة المقاتلات الصينية الشبحية في المحيط الهادئ، وكذلك للتأثيرات الخطيرة على الدفاع الجوي فوق الأراضي الأمريكية، ولا سيما فوق ولاية ألاسكا.
ويُذكر أن الأهمية العملياتية لطائرات الإنذار المبكر برزت بوضوح مؤخرًا، سواء عبر استخدامها الفعّال من قبل روسيا في الحرب الأوكرانية، أو من قبل باكستان في الاشتباكات الجوية الأخيرة، مما يعزز مكانتها كأحد أهم أصول القتال الجوي في العصر الحديث.