خبير دولي: تصعيد "حرب أوكرانيا" سيدفع العالم للهاوية
يعيش العالم لحظات مفصلية يمكن أن تعيد صياغة العلاقات الدولية وتوازنات القوى الصامدة منذ عقود، وسط مخاوف من "السيناريو الصعب".
وفي هذا الإطار، تحدث الخبير في مؤسسة كلية الدفاع التابعة لحلف "الناتو"، أومبرتو بروفازيو، عن الأوضاع الراهنة في النظام الدولي، وسيناريوهات الصراع في أوكرانيا، فضلا عن مستقبل حلف الناتو، والوضع في ليبيا والشراكة الأوروبية الخليجية.
وحول وثيقة الشراكة الأوروبية الخليجية، قال الخبير في كلية الدفاع التابعة لحلف "الناتو"، "في سياق يتسم بالتكتلات الاقتصادية الناشئة، تكتسب منطقة الخليج أهمية استراتيجية بالنظر إلى موقعها وثرواتها النفطية".
وتابع :"تستثمر دول الخليج أيضًا بكثافة في الطاقة المتجددة، وقد جذب هذا اهتمام العديد من الشركات والشركاء الحكوميين".
ومضى بروفازيو قائلا "في الوقت الحالي، هناك نوع من المنافسة لكسب تأييد دول الخليج، كما يتضح من وثيقة الاتحاد الأوروبي للشراكة الاستراتيجية والتقدم الذي أحرزته المملكة المتحدة في اتفاقية التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي".
الخبير الإيطالي قال أيضا "من المؤكد أن التعاون مدفوع بالمصالح الاقتصادية والاستثمارات، في حين أن الجوانب السياسية بالتأكيد أكثر دقة".
وأوضح أن "زيارة الرئيس الأمريكي بايدن إلى المنطقة (منتصف الشهر الجاري) ستحمل الكثير، حيث من المحتمل أن تتضمن إشارة إلى الأساس الذي ستبدو عليه العلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي والغرب في المستقبل القريب".
وأواخر الشهر الماضي، وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على وثيقة "العلاقات الاستراتيجية" مع دول الخليج، في اجتماع بلوكسمبورج.
الوثيقة التي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منها، تقول "يعد بناء شراكة استراتيجية مع مجلس التعاون الخليجي والدول الأعضاء فيه، كجزء من تعزيز مشاركة الاتحاد الأوروبي في المنطقة، أولوية رئيسية للاتحاد الأوروبي".
وأضافت: "يعد التعاون الوثيق والفعال بين الاتحاد الأوروبي والشركاء الخليجيين أمرًا ضروريًا لتحقيق الأهداف الرئيسية للاتحاد الأوروبي، ولا سيما أن تصبح منطقتي الخليج والشرق الأوسط مسالمة ومزدهرة، وتحقيق الانتعاش الاقتصادي القوي".
مستقبل الناتو
وحول نشر حلف "الناتو" استراتيجيته الجديدة قبل أيام، قال الخبير في كلية الدفاع التابعة للحلف، "من المؤكد أن نشر المفهوم الاستراتيجي الجديد يستجيب للتحديات المتعددة التي يواجهها الناتو في عالم متعدد الأقطاب اليوم، حيث زعزعت روسيا المنقحة ميزان القوى في أوروبا الشرقية" بهجومها على أوكرانيا.
وتابع: "لا تزال روسيا تشكل تهديدا هائلاً لحلف الناتو وأوروبا على وجه الخصوص، ولهذا السبب قررت الدول الأعضاء تعزيز التحالف وتحديثه، وفقًا لتحول يرى في تنافس القوى العظمى المتجدد القوة الرئيسية الدافعة للديناميات العالمية في السنوات المقبلة".
ومضى قائلا "القلق هو أنه من خلال التركيز حصريًا على روسيا (والصين وهي مذكور على نطاق واسع في المفهوم الاستراتيجي الجديد)، فإن الاهتمامات المشروعة للشركاء الآخرين لحلف الناتو، في أجزاء مختلفة من العالم لن تحظى بنفس الاهتمام".
وأوضح الخبير الذي يعمل أيضا كزميل في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (دولي يملك مقرات في عواصم مختلفة): "بعض هؤلاء الشركاء ليسوا متحالفين مع طرف أو آخر ولا يريدون التورط في المواجهة بين روسيا والغرب لأسباب واضحة"، مضيفا أن "معالجة هذه المخاوف سيكون أمرا حاسما لمستقبل علاقات الناتو مع شركائه، لا سيما في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
الحرب في أوكرانيا
ومن وضعية "الناتو" وعلاقاته المستقبلية، ينتقل الخبير الذي تظهر تحليلاته في وسائل إعلام دولية مثل وكالة بلومبرج، إلى الحديث عن الوضع الراهن على الساحة الدولية بعد أكثر من 4 أشهر من الحرب في أوكرانيا.
ويقول في هذا الإطار، "مع خروج العالم من الصدمة المبكرة للحرب، يبدو أن هناك إرهاقا بدأت ملامحه في الظهور، خاصة بين الدول الأوروبية التي تدفع ثمن انخفاض تدفق إمدادات الطاقة من روسيا بسبب نظام العقوبات".
وتابع: "كما تأثرت دول أخرى بارتفاع أسعار السلع الأساسية وانخفاض واردات القمح، ويبدو أن كل هذه العوامل تدفع باتجاه إنهاء الصراع في أسرع وقت ممكن".
ومضى قائلا: لكن المشكلة هنا تكمن في طموحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يحاول توسيع المجال الروسي وسيطرته على الأراضي".
وتابع "الخطر هو استمرار الحرب لفترة غير محددة من الزمن"، مضيفا أن خطر التصعيد موجود دائمًا، ويحتاج الطرفان إلى بذل قصارى جهدهما لتجنب انتشار العنف في البلدان الأخرى، إذ قد يؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة للغاية على العالم بأسره".
ليبيا
وحول ليبيا، قال بروفازيو إن "الخطر يتمثل في إطالة أمد الصراع المستمر منذ عام 2020"، موضحا "أدى استئناف الاستقطاب السياسي إلى وجود سلطات متوازية في البلاد، ما قاد إلى انقسام جديد".
وتابع "يمكن أن توفر الانتخابات بالتأكيد فرصة لعكس هذا الاتجاه، ولكن بدون ضمانات جادة، بما في ذلك أساس دستوري من شأنه أن يوفر نظامًا من الضوابط والتوازنات للحد من فرص عودة الاستبداد، فإن مصيرها (أي الانتخابات) الفشل".
وحذر الخبير الإيطالي من سيناريو "تأسيس توجه شعبوي على المدى المتوسط في ليبيا"، في ظل الاضطرابات الاجتماعية والتضخم وغيرها من الأزمات المعيشية التي تعاني منها البلاد.