«دروس أوكرانيا» تحفز ثورة الدبابات الصينية

أظهرت لقطات حديثة لدبابة قتال رئيسية جديدة طوّرها الجيش الصيني، مؤشرات واضحة على حدوث تحوّل جذري في فلسفة التصميم العسكري.
وترى مجلة "ميليتري ووتش" الأمريكية، أن ملامح هذا التحوّل مستمدة مباشرة من دروس الحرب الروسية–الأوكرانية، حيث كشفت المعارك عن حدود الدبابات التقليدية في مواجهة الأسلحة الحديثة.
وأبرز ما يلفت في الدبابة الصينية هو تخليها عن المدفع الأملس عيار 125 ملم، لصالح مدفع أصغر بعيار 105 ملم. وهذا الاختيار لا يعني مجرد تقليص حجم السلاح، بل يعكس رؤية جديدة تقلل من التركيز على معارك الدبابة ضد الدبابة.
وبحسب التقرير، فإن اعتماد مدفع أصغر من وزن المركبة وزيادة سعة مخزن الذخيرة، جاء على حساب القدرة الاختراقية أمام الدروع المتطورة.
وبرغم ذلك، يعبّر القرار عن قناعة متنامية بأن المواجهات المباشرة بين الدبابات ستبقى نادرة، كما أظهرت ساحات القتال الأوكرانية.
وأشار التقرير إلى أن الحروب الحديثة شهدت مزيدا من الاعتماد على المسيّرات والصواريخ الموجّهة المضادة للدبابات.
وحتى الجيش الروسي، رغم افتقاره لصواريخ متقدمة بقدرات "أطلق وانسَ" أو الهجوم من الأعلى، نادراً ما اشتبك مباشرة مع الدبابات الأوكرانية.
وبدلاً من ذلك، استخدم دباباته أساساً في دعم المشاة ومواجهة قوات الخصم الراجلة.
الصين، التي أصبحت رائدة عالمياً في حرب المسيّرات وتطوير الصواريخ الموجّهة مثل "إتش جاي-10"، عززت هذا التوجه. كما أن التقدم في الذخائر الخارقة للدروع منح بكين ثقة بأن مدفعاً بعيار 105 ملم قد يظل قادراً على توفير اختراق فعال عند الحاجة.
إلى جانب ذلك، يوفّر التصميم الأصغر والأخف وزناً مستويات أعلى من الحركة والمرونة، فضلاً عن سهولة النقل جواً وبحراً.
وتشير التقديرات إلى أن دبابتين من هذا الطراز يمكن تحميلهما داخل طائرة الشحن الاستراتيجية "واي-20"، مقارنةً بدبابة واحدة فقط من طراز "تايب 99" أو "تايب 96" الثقيلة.
الدبابة الجديدة زُوّدت أيضاً بمصفوفة كثيفة من الكاميرات موزعة على الهيكل، وهوائيات متعددة على البرج مخصصة لرادارات المصفوفة النشطة الممسوحة إلكترونياً (إيه إي إس إيه)، ما يوضح أن التصميم ركّز على تعزيز الوعي الميداني.
هذه القدرات تمكّن الدبابة من لعب دور "مضاعف قوة" للقوات الداعمة مثل المدفعية والمسيّرات، وتوفر إنذاراً مبكراً ضد الهجمات الجوية والصواريخ الموجّهة، مع تفعيل أنظمة الحماية النشطة للتصدي لها تلقائياً.
بوجه عام، تبدو الدبابة الصينية الجديدة أكثر التصاميم جرأة وتطوراً منذ مطلع القرن الحالي، وتكشف عن سرعة استجابة قطاع الدفاع الصيني لمتغيرات ساحة المعركة.
في المقابل، أثبتت دبابات الحقبة السوفياتية والأمريكية والأوروبية هشاشتها في أوكرانيا: إذ خسر الجيش الأوكراني نحو 87 في المائة من دبابات "أبرامز إم1إيه1" التي قدمتها الولايات المتحدة خلال ١٦ شهراً فقط، فيما جرى تدمير معظم دبابات "ليوبارد-2" الألمانية الصنع بسرعة أكبر.
أما الدبابة الروسية "تي-72 بي3"، العمود الفقري للمدرعات الروسية، فقد ظهرت هشاشتها أمام الصواريخ المحمولة على الكتف مثل "جافلين" الأمريكية.
ورغم هذه الخسائر، بقيت التعديلات التي أجرتها روسيا وأوكرانيا والدول الغربية لتقليل نقاط ضعف دباباتها أقل راديكالية بكثير مقارنة بالخطوة الصينية. وهو ما يفتح الباب أمام احتمال أن تتأخر الدول الأخرى سنوات عدة قبل أن تتمكن من تبني تحول مشابه في فلسفة تصميم دباباتها، بحسب التقرير.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTIyIA== جزيرة ام اند امز