الناتو يراهن على باريس.. الجيش الفرنسي يقود «قوة الردع»
في خطوة تعكس تصاعد الدور العسكري الفرنسي داخل حلف شمال الأطلسي، أعلنت قيادة الناتو إسناد قيادة المكون البري لقوة الرد السريع للحلف إلى القوات البرية الفرنسية خلال دورة 2026–2027.
وتعد هذه الخطوة سابقة تاريخية تؤكد مكانة فرنسا كقوة برية محورية في منظومة الدفاع الجماعي الأوروبية.
ومن المقرر أن يتولى الجيش البري الفرنسي قيادة المكون البري لـ"قوة الرد المتحالفة" خلال الفترة الممتدة من 1 يوليو/تموز 2026 إلى 30 يونيو/حزيران 2027.
وتعد هذه القوة متعددة الجنسيات ومتعددة المجالات، وعالية الجاهزية، أحد أهم أدوات الردع والتدخل السريع التابعة لـ حلف شمال الأطلسي، وفقاً للموقع الرسمي لوزارة الدفاع الفرنسية.
وقد اختار الحلف فرنسا لتحمل هذه المسؤولية الاستراتيجية، التي أُسند تنفيذها إلى هيئة أركان الفرقة الثالثة الفرنسية، بعد حصولها على شهادة الاعتماد الرسمية من الناتو في ختام تدريب مناورة "الخنجر الصامد 25".
وقد أُجري هذا التمرين في مركز الحرب المشتركة بمدينة ستافانغر في النرويج، خلال الفترة من 24 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 4 ديسمبر/كانون الأول 2025، وشكّل اختبارًا عمليًا شاملاً لقدرات القيادة والسيطرة وفق معايير الحلف.
الفرقة الثالثة الفرنسية.. جاهزية كاملة وقيادة معتمدة
وتؤكد شهادة الاعتماد التي حصلت عليها الفرقة الثالثة حصيلة عام كامل من التدريب المكثف، والتكامل التكنولوجي، والتنسيق الوثيق مع هياكل القيادة التابعة للناتو.
وقد خضعت هيئة الأركان لتقييم صارم شمل أكثر من 150 معيارًا للجاهزية وقابلية العمل المشترك، أظهرت خلاله قدرتها على التخطيط وقيادة ودعم عمليات عسكرية متعددة الجنسيات بما يتوافق مع معايير الحلف.
ومع حلول صيف 2026، ستشكل هيئة أركان الفرقة الثالثة، مدعومة بخبراء من مجمل القوة البرية العملياتية الفرنسية، ومن سلاح الجو والفضاء الفرنسي، إضافة إلى المديريات والخدمات المشتركة بين الجيوش، العمود الفقري لقيادة المكون البري لقوة الردّ المتحالفة.
وستكون هذه القيادة قادرة على نشر مركز قيادة بمستوى فرقة عسكرية، إلى جانب نشر لواء كامل هو اللواء السادس الخفيف المدرّع، فضلًا عن عدة وحدات عضوية مساندة.
وسيتم تنفيذ هذه المهام بالتنسيق مع سبع دول حليفة هي: تركيا، إسبانيا، بولندا، اليونان، ليتوانيا، المملكة المتحدة ومقدونيا الشمالية.
مسؤوليات جوية ولوجستية فرنسية
وإلى جانب قيادتها للمكوّن البري، ستتولى فرنسا مسؤولية أساسية عن المكوّنين الجوي واللوجستي ضمن قوة الرد المتحالفة، وذلك تحت سلطة مقر (فيلق الناتو السريع الانتشار – إيطاليا)، الذي يتولى حاليًا قيادة قوة الرد المتحالفة.
وعمليًا، ستشرف فرنسا على تخطيط وتنسيق وتنفيذ العمليات الجوية، بما يشمل النقل العسكري، والإسناد الجوي، وعمليات الاستطلاع والمراقبة، فضلًا عن إدارة منظومة الدعم اللوجستي، من نقل القوات، والتزويد بالوقود، والصيانة، إلى إدارة تدفق المعدات والإمدادات.
ما هي قوة الرد المتحالفة؟
وتعد قوة الرد المتحالفة تشكيلًا عسكريًا مشتركًا ومتعدد المجالات والجنسيات، يعمل تحت إمرة، القائد الأعلى لقوات الحلف في أوروبا.
وتمتاز هذه القوة بقدرتها على التدخل خلال أقل من عشرة أيام، سواء داخل أراضي الحلف أو خارجها، ما يجعلها أداة رئيسية للردع والدفاع وإدارة الأزمات وتعزيز الأمن التعاوني.
كما يمكن استخدام (قوة الرد المتحالفة) بوصفها احتياطيًا استراتيجيًا، أو قوة استجابة أولى في بداية العمليات، أو عنصر دعم للعمليات العسكرية الجارية.
وفي هذا الإطار، يجسّد تولي الجيش البري الفرنسي دور "الدولة القائدة" في عملية أطلسية كبرى مكانته كإحدى أبرز القوى البرية في أوروبا.
التزام فرنسي واضح بالدفاع الجماعي
تعكس هذه المساهمة الفرنسية الرفيعة المستوى في قوة الرد التابعة للناتو التزام باريس العملي بمبدأ الدفاع الجماعي، وإصرارها على الاضطلاع بدور محوري إلى جانب حلفائها في ضمان أمن واستقرار القارة الأوروبية، في سياق دولي يتسم بتصاعد التحديات الأمنية وتزايد الحاجة إلى قوات جاهزة وسريعة الانتشار.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTExIA== جزيرة ام اند امز