مباحثات «دون أمريكا» حول غرينلاند.. هل ينقسم ظهر الأطلسي؟

أجرى الحلفاء الأوروبيون في حلف شمال الأطلسي محادثات غير رسمية حول الخيارات المتاحة في حال تحرك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاستيلاء على جزيرة غرينلاند الدنماركية.
وناقشت دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" نشر قوات في غرينلاند، ردًا على تهديد ترامب باستخدام الجيش الأمريكي للاستيلاء على الجزيرة الدنماركية.
وكانت ألمانيا من بين عشرات الحلفاء الأوروبيين الذين يُعتقد أنهم أجروا محادثات غير رسمية حول "ما يمكن أن تفعله قوات الناتو"، إذا نفذ الرئيس الأمريكي تهديداته، حسبما أفادت مصادر دبلوماسية لصحيفة "التلغراف" البريطانية.
كما أثيرت تساؤلات حول ما إذا كانت المادة الخامسة، وهي بند الدفاع المتبادل في التحالف العسكري الغربي، متاحة للتنفيذ في حال هجوم أمريكي على دولة عضو في "الناتو".
جاء ذلك بعد أن بدأ ترامب ولايته الثانية في البيت الأبيض بالتفكير علنًا في الاستيلاء بالقوة على غرينلاند، وهي جزيرة دنماركية تتمتع بالحكم الذاتي.
وقال الرئيس الأمريكي إنه سيكون "عملًا غير ودي" إذا رفضت كوبنهاغن التخلي عن الجزيرة الشاسعة في القطب الشمالي، بينما تسعى كل من روسيا والصين إلى تعزيز وجودهما في المنطقة.
وأثارت تصريحات ترامب انقسامات بين الدول الأوروبية حول كيفية الرد دون التسبب في أزمة أوسع نطاقًا عبر الأطلسي.
بدوره، قال دبلوماسي في "الناتو" لصحيفة "التلغراف": "برلين لا تريد إرسال قوات إلى أوكرانيا لأن الوضع غامض للغاية"، لكنها تجاهر علنًا بإرسال قوات الناتو إلى غرينلاند.
فيما قال روبرت بريغر، وهو جنرال نمساوي مسؤول عن اللجنة العسكرية في الاتحاد الأوروبي، إن نشر قوات بقيادة بروكسل في غرينلاند سيرسل "إشارة قوية".
وكان المستشار الألماني أولاف شولتز من أشد المنتقدين الأوروبيين لترامب بشأن غرينلاند، حيث أعلن أن "الحدود يجب ألا تُنقل بالقوة" كمبدأ دولي، موجهًا كلامه باللغة الإنجليزية إلى "من يهمه الأمر".
تحركات فريدريكسن
لكن ميتي فريدريكسن، رئيسة الوزراء الدنماركية، حثت الحلفاء على عدم الرد على الرئيس الأمريكي لتجنب تفاقم التوترات الحالية.
ووعدت رئيسة الوزراء، التي رحبت بالمخاوف الأمنية الأمريكية بشأن القطب الشمالي، بتعزيز الوجود العسكري الدنماركي في غرينلاند، لكنها أصرت على أن الجزيرة ليست للبيع.
ثم شرعت في جولة أوروبية لتأمين دعم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلفاء "الناتو" بشكل خاص، بما في ذلك التوقف في "داونينغ ستريت" لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر.
وكشفت الدنمارك النقاب عن خطط لإنفاق 1.5 مليار دولار (1.2 مليار جنيه إسترليني) على سفينتي تفتيش جديدتين، وطائرتين بدون طيار، ودوريتين من الكلاب لتعزيز الأمن في الجزيرة.
كما وعدت كوبنهاغن بتطوير مطار للسماح للطائرات المقاتلة من طراز F-35 بالعمل من غرينلاند. كما تحدثت فرنسا وألمانيا علنًا عن إرسال قوات أوروبية للانضمام إلى الأمريكيين المتمركزين هناك بالفعل.
لكن بعض القادة الأوروبيين اقترحوا تنظيم "رد فعل" أكثر قوة ضد مبادرات الرئيس الأمريكي.
المادة 4 والخيار الثالث
وفي المناقشات داخل مقر "الناتو" في بروكسل، فكرت الدول الأعضاء فيما إذا كان من الممكن التذرع بالمادة الخامسة، التي تنص على أن الهجوم العسكري على أحد الحلفاء يعتبر هجومًا على الجميع، إذا ما أقر ترامب غزو غرينلاند.
ومع ذلك، سرعان ما تم استبعاد هذا الخيار، لأنه سيتطلب دعمًا بالإجماع من الدول الأعضاء في "الناتو" البالغ عددها 32 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وخلال المناقشات، اعتُبرت المادة الرابعة، التي تسمح لبلد بإطلاق مشاورات طارئة إذا تعرضت "وحدة أراضيه أو استقلاله السياسي أو أمنه" للتهديد، إجراءً أكثر ملاءمة.
وغالبًا ما يعتبر هذا الإجراء أفضل آلية ممكنة لمعالجة التوترات بين الحلفاء.
ووفق "التلغراف"، جرى إبعاد المحادثات حول استخدام معاهدات "الناتو" لمعالجة تأملات ترامب بشأن غرينلاند عن مجلس شمال الأطلسي، الهيئة الرئيسية لصنع القرار السياسي في "الناتو"، حيث تشغل الولايات المتحدة مقعدًا فيه.
أما الخيار الثالث الذي تجري مناقشته، فهو استخدام قوات "الناتو" لسد الثغرات الأمنية في القطب الشمالي لمعالجة مخاوف الرئيس الأمريكي، إذ إن ذوبان القمم الجليدية في المنطقة يخلق طرق شحن جديدة ويفتح المجال للوصول إلى المواد الأرضية النادرة، والتي تسعى كل من روسيا والصين للسيطرة عليها.
وبالفعل، حاول مارك روته، الأمين العام لحلف "الناتو"، نزع فتيل تهديدات ترامب من خلال عرض السماح للحلف بتكثيف وجوده في القطب الشمالي.
aXA6IDEzLjU4LjIxMi4xNjcg جزيرة ام اند امز